الحوكمة "حوكمة العائلة والشركة": كيف نقوم باتخاذ قرارات ونتحمل المسؤولية المترتبة عليها؟ تحتاج الشركات العائلية إلى مجالس إدارات غالبية أعضائها من خارج العائلة. فأكثر الشركات العائلية مهنية هي تلك التي تضم مجالس إدارات مستقلة من خارج العائلة والقطاع. فذلك يضمن المساءلة ويتوافق مع مصالح العائلة والشركة. تأتي حوكمة العائلة على الدرجة نفسها من حيث الأهمية لضمان هذا التوافق. تساعد الاجتماعات المنتظمة لأعضاء العائلة أو مجلس العائلة على ترسيخ القرارات المهمة. فاتفاق العائلة على سياسات التوظيف من شأنه تخفيف الصراعات. يوجد أدوات تساعد على اتباع تلك الخطوات، مثل مجموعة من القيم والنشاطات الترفيهية في كل خطوة. ولكن توافق أهداف العائلة مع العمل سيكون له الدور الأكبر.
فعندما تقرر العائلة مجتمعة الجلوس والتعهد بالعمل سويا لإيجاد إجابات عن هذه الأسئلة التي بدورها ستقود إلى تحديد هدف مشترك، ذلك هو حجر الأساس لتخطيط الأعمال ووضع استراتيجية الشركات العائلية، الذي يمكن أن يبدأ من خلال استراتيجية التحليل الرباعي SWOT، وتقييم مدى التزام العائلة. في نهاية المطاف، لن يتم تنفيذ أي من تلك الخطوات من دون التواصل المبني على الاحترام، والاستماع إلى الآخر، وضمان عدم تجاهل أي طرف "حتى في حال عدم رغبة الجميع في المشاركة"، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، والاتفاق على كيفية استثمار رأسمال العائلة، والأهم من ذلك رأس المال البشري. لا يمكن إرجاء أي من تلك الخطوات خلال اجتماع مدته ساعة، لكن يجب النظر فيها مطولا وليس بمعزل عن بعضها. فوضع خطة للرحلة إلى القمر ليس بالأمر السهل ولا يجب أن يكون كذلك.
تنطبق المقاربة مع سفينة الفضاء على الجيل القادم أيضا. قمنا بمناقشة أفكار مثل التخطيط للرحلة، والانطلاق للفضاء، كون رواد الأعمال في الشركات العائلية هم المستكشفون، وينطلقون إلى أماكن لم يبلغها أحد قبل. ينطبق ذلك على الجيل القادم كما هم المؤسسون. فالشركات العائلية الناجحة هي التي تعد كل جيل لخوض رحلته للحفاظ على إرث العائلة. شركات ناجحة عالميا تستند إلى القيم لشرح أهمية قيم العائلة والاستراتيجية كعامل حاسم لفتح الآفاق أمام الشركات العائلية، سنسرد قصة "ماس هولدينجز"، شركة الملابس السريلانكية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات. تأسست الشركة على أيدي ثلاثة إخوة: ماهيش، وشاراد، وآجاي، خلال الحرب الأهلية في سريلانكا. أرادوا أن يتحدوا حينها ضد النموذج التقليدي الاستغلالي الذي تتبعه غالبية شركات تصنيع الملابس. أرادوا حينها تمكين الموظفين، وكانت القوة النسائية في الشركة تمثل 85 في المائة من مجموع القوى العاملة. تتمحور القيم التي حددوها حينذاك على "التواضع والثقة والاحترام المتبادل".
وارتأوا أن الموظفين الذين يحصلون على فرص للتدريب، ويتقاضون أجورا عادلة ويتلقون الاحترام الذي يستحقونه، من شأنه أن يؤدي إلى قوى عاملة راضية ومنتجة بشكل أكبر. وأثبتوا أنهم على حق. يعمل في الشركة اليوم 94 ألف موظف، وتورد الشركة إلى بعض أكبر العلامات التجارية في عالم الأزياء مثل، نايكي، فيكتوريا سيكرت، لولو ليمون، وماركس آند سبنسر. شارك آجاي القصة مع كوماري التي قام بتوظيفها، وكانت تعمل في الخياطة. لم يسبق لكوماري أن رأت آلة خياطة قبل عملها في "ماس". ولكن لم تمض فترة طويلة لتتم ترقيتها إلى قائد فريق، ومن ثم أصبحت المشرفة على الفريق. شاركت في دورات تعليمية في تكنولوجيا المعلومات واللغة الإنجليزية في الشركة، وتم إرسالها لاحقا إلى العمل في مركز تطوير وتصميم المنتجات الجديدة التابع للشركة في نيوجيرسي. ولم يسبق لها أن غادرت مسقط رأسها من قبل. ساعد نموذج العمل الذي تبنته "ماس" على نجاح الشركة، وواصلت الشركة اتخاذ قرارات لمساعدة الأشخاص الأقل حظا. عندما رغب العملاء في توسع الشركة، اختاروا إنشاء مصانع في شمال سريلانكا "المنطقة التي كان يسيطر عليها سابقا متمردو نمور التاميل" فيما وصفه آجاي "بالقرار الأخلاقي والمالي".
نقلا عن الاقتصادية