مبادرة التمويل المسؤول للأفراد ألتي قامت بها مؤسسة النقد مؤخراً٬ هي فكرة إبداعية وخروج من الصندوق في الوقت المناسب٬ لإعادة ضبط قطاع القروض والتمويل٬ والتقليل من حالات التعثر وألتي غالباً ما تحصل لدى الأفراد٬ بسبب حصولهم على قروض إستهلاكية متعددة تفوق قدرتهم على السداد٬ وأيضاً التساهل المخطط له مسبقاً من قبل البنوك وشركات التمويل بمنح هذه القروض٬ بغض النظر عن المخاطر ودرجة تحمل هؤلاء الأفراد لهذة الإلتزامات المالية!.
لكن بعد تطبيق هذه المبادرة٬ أصبح الممول اليوم هو أيضاً مسؤول عن قرار التمويل٬ وأصبح ملزماً بإثبات تطبيقه لهذه المبادئ بتوثيقها والإحتفاظ بها٬ والتي تشتمل على تسعة عشر مبدءاً. أحد أهم هذه المبادئ هو المبدأ الذي يتحدث عن السجل الائتماني للأفراد٬ وهو ما أردت أيضاً التحدث عنه في هذا المقال.
تعمل في المملكة شركتان تقوم بجمع وإصدار المعلومات المالية (الائتمانية) للأفراد والمنشآت٬ الأولى الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) وهي تعمل في قطاع الأفراد والأعمال٬ والثانية شركة بيان للمعلومات الائتمانية وتعمل في قطاع الأعمال فقط٬ وكلاهما يعمل تحت مراقبة ومظلة مؤسسة النقد.
فعند قيام العميل بطلب التمويل أو طلب الحصول على بطاقة الائتمان٬ يقوم الممول بعد موافقة العميل (وفق لمبدأ رقم ٩ بالمبادئ والأحكام) بفحص سجله الائتماني٬ أو كما يطلق عليه بالتقرير الائتماني على موقع سمة٬ للتحقق من كفاءته المالية وسلوكه الائتماني٬ فالسجل هو ببساطة مرآة لسلوك الفرد المالي وطريقة تعامله مع البنوك والجهات الأخرى٬ والذي يحتوي على جميع المعلومات والبيانات المالية التاريخية التي قام بها العميل وما زالت قائمة.
وتقسم هذه المعلومات والبيانات إلى قسمين: عمليات إيجابية وهي التي تعتبر في مصلحة العميل٬ وعمليات سلبية وهي التي ضد مصلحته٬ وكلاهما يؤثر إيجاباً أو سلباً على سجله الائتماني٬ فمثلاً الشيكات المرتجعة بدون رصيد٬ أو التعثر في سداد قسط التمويل٬ أو التأخر في دفع الإيجار حسب نظام إيجار الذي طبق مؤخراً٬ أو حتى أيضاً التأخر في سداد فاتورة الكهرباء٬ كل هذه العمليات سوف تؤثر سلباً على سجل العميل نتيجة لسلوكه السلبي٬ وبالتالي ترفع من معدل المخاطرة بالتعامل معه من قبل البنوك والشركات الأخرى٬ مما سوف يرفع من تكلفة التمويل عليه.
بعكس الأفراد الملتزمين بالسداد في أو قبل تاريخ الإستحقاق٬ فإن سجلهم الائتماني يعني مخاطرة أقل للبنوك٬ وبالتالي تكلفة تمويل أقل أيضاً٬ وهو ما يجب أن يهتم به الأفراد.
أما ما يخص رقم التقييم الائتماني(Credit Score) ٬ فهو عبارة عن مؤشر يلخص كامل السجل الائتماني للأفراد ويتم أحتسابه بطرق رياضية وإحصائية متطورة٬ وغالباً ما يتكون من ٣ إرقام (٣٥٠ – ٨٥٠)٬ فمثلاً رقم التقييم الائتماني المرتفع ٧٥٠ يعني أن الفرد لديه ائتمان صحي جيد٬ أما الرقم المنخفض ٤٥٠ مثلاً فهو يعني عكس ذلك.
ومن فوائد رقم التقييم الائتماني٬ سهولة قراءته ومتابعته٬ وسرعة معرفة الحالة الائتمانية للأفراد بدون الرجوع إلى قراءة السجل الائتماني الذي يستغرق وقتاً للتحليل وإتخاذ القرار. ولذلك فهو مطبق في كثير من دول العالم٬ دولة الإمارات مثلاً بدأت في تطبيقه العام الماضي٬ وهو ما أقترح على الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) تطبيقه أيضاً٬ مما يسهم في التعزيز والرفع من الوعي الائتماني لدى الأفراد وبالتالي على الاقتصاد بشكل عام٬ تماشياً مع برامج التحول الوطني ٢٠٢٠ وسعياً في تحقيق أهداف الرؤية.