اين التيسير في تيسير ؟

09/09/2018 2
عاصم الرحيلي

أعلنت شركة الكهرباء السعودية عن برنامج تيسير وبدأ تطبيقة من فاتورة شهر يوليو ، الكثيرون قاموا بمهاجمة البرنامج وأنا حقيقة أفهم سبب هذا الهجوم كون البعض لم يفهم فكرة البرنامج تحديداً وميزته وبالتالي سيكون حكمه نوعاً ما قاصراً ومتأثرا بآخر فاتورة حصل عليها مقارنة بالفواتير السابقة،  سأشرح فكرة البرنامج بطريقتي وبحكم مجال تخصصي سأربط ذلك بمبادئ الادارة المالية الشخصية .

البرنامج موجه لفئة السكني  ( من فواتيره الشهرية بين ٣٠٠ - ٣٠٠٠ ريال ) وهم الأفراد الذين عادة يواجهون مشاكل في إدارة دخولهم ومصاريفهم بعكس الشركات الذين لديهم فرق عمل وأقسام تضبط ميزانياتهم ومصاريفهم وتدفقاتهم المالية .

من أهم أهداف الادارة المالية الشخصية هو محاولة تخفيض تذبذبات المصاريف الشهرية الثابتة لتجنب الازمات المالية لبعض الشهور ومن ذلك على سبيل المثال وليس الحصر ، مصاريف العيد ، الكثيرون يواجهون مشاكل في فترة العيدين كونهم لم يقوموا بتخصيص مبلغ شهري منذ بداية السنة لتحمل أعباء مصاريف العيد ، بينما لو قاموا بذلك لتجنبوا التذبذب العالي في المصاريف . 

وهنا تأتي أهمية برنامج تيسير ،  فكرة البرنامج باختصار هو ان رب الاسرة العادي يدفع فواتير الكهرباء بشكل شهري وبطبيعة الحال ستكون الفواتير متذبذبة لأن الاستهلاك يختلف من شهور فترة الصيف وفترة الشتاء ، وايضاً فترات السفر ، هذا التذبذب سيكون تأثيره متبايناً وبالتالي سيتغير الدخل المتاح من شهر لآخر ومن المعروف أن الفرد العادي لا يحب هذا التذبذب ، بل يميل الى حب الاستقرار وهنا يأتي دور البرنامج بعمل استقرار للفواتير ونهاية السنة يقومون بعمل تصفية لفواتيرك للتأكد من عدم دفعك لمبالغ أكثر من استهلاكك الحقيقي .

 أي أن إجمالي ماتقوم بدفعه خلال السنة من خلال برنامج تيسير لن يكون أعلى من ما ستقوم بدفعه خلال السنة بدون البرنامج ولكن الفرق ان المبالغ متقاربة وبدون تذبذب عالي تؤثر بشكل كبير على دخلك الشهري المتاح .  وهذا من اهم مبادئ الادارة المالية الشخصية وهو استقرار المصاريف وعزلها اولاً بأول بدلاً من التعرض لتذبذبات المصاريف الدورية، لكن بدلا من أن تقوم بالحسبة بنفسك وتُعمل عقلك وجُهدك قامت الشركة بتيسير ذلك وبكل سهولة .والأهم من ذلك أن هذه الخدمة بدون رسوم اضافية وبدون رسوم تمويل ، بل مجانا لتسهيل حياتك المالية. وهنا التيسير في تيسير

وللأمانة العلمية يجب ان اشيد بخطوة شركة الكهرباء بأنها جعلته اختيار افتراضي Default Option  بدون مصادرة حق المشترك في الانسحاب من البرنامج وهذا أحد تطبيقات الاقتصاد السلوكي التي تعتمد على جعل الخيار العقلاني هو الافتراضي مع ابقاء حق الفرد بالانسحاب. 

تحدث عنها الاقتصادي الأمريكي ريشتارد ثالر وسانستين في كتابهما الوكزة Nudge  وكيف أن الحكومات بامكانها مساعدة الناس في اتخاذ قرارات عقلانية أكثر بجعل الخيار العقلاني والانفع للفرد هو الافتراضي كون عامة الناس لديهم تحيزات لتفضيل الوضع الحالي بدلا من الدخول في معمعة فحص الخيارات الاخرى ومن ثم تغيير الوضع الحالي وهو حق مشروع لهم بالطبع ولا يمكن مصادرته. 

 

خاص_الفابيتا