بعض الإضاءات والصلاحيات لنظام الإفلاس (1/1)

03/09/2018 1
عاصم العيسى

يحمي الدائنين أنظمةٌ وقضاء، كان أبرزها قضاء التنفيذ، الذي عدّ ما بيد الدائنين من (سنداتٍ لأمر) سنداتاً تنفيذية يتقدم بها أصحابها للمطالبة أمام قاضي التنفيذ الذي يملك صلاحيات صارمة وسريعة، منها الحجز على أرصدة المدين (شركات كانت أو أفراد)، ومنع الجهات الحكومية من التعامل مع المدين، وحجز مستحقاته لديها، وحبسه، وغيرها من الصلاحيات، ولا شك أن حماية الدائنين مطلب رئيسي.

لكن ذلك قابله في واقع السوق حاجة الشركات إلى نوعٍ خاص من الحماية، ومن حالات ذلك:

- تأخر الدولة في صرف مستخلصات العميل، فهل من حماية للتاجر في مثل هذه الحالة، والمتمثلة في لجوء المُمولين وبقية الدائنين من عملاء المدين، إلى قاضي التنفيذ وإصدار القرارات القضائية التي تشل حركة الشركة المدينة رغم ما لها من حقوق على الغير؟!.

- حالة تغيّر قيمة الإيجارات للعقارات المُخصصة لنشاط التاجر، أو عدم قدرته على الوفاء بعقد إيجاراته، إما بسبب كساد السوق أو تغيّر ظروف السوق وأوضاعه، أو بسبب حفريات الشوارع لبناء القطار وغير ذلك، مما نتج عنه عدم قدرة التاجر على الاستمرار بعقد إيجار العقار لتجارته، مع تمسك المؤجر بحقه بعقد الإيجار ودفعه بأن لا علاقة له بوضع التاجر، فهل من مخرج للتاجر المُستأجر في مثل هذه الحالة؟!.

- حالة مطالبة الدائن للمدين والكفيل معاً، أو أيٍ منهما، وطلب سجنهما، والتنفيذ على عقارات المدين ورهوناته، بغض النظر عن حاجة التاجر إلى المهلة المُناسبة العادلة لتنظيم أمور تجارته، بما قد يحمي مصلحة الدائنين أنفسهم، فليس العبرة أن يتعسف الدائن -وبالذات من سَبَق- بالتنفيذ على المدين واستيفاء الحق، وسجنه وكفيله، دون مراعاة لظروف التاجر، أو لربما مصلحة الاقتصاد والوطن كله. والدائن الحَصيف -وبالذات البنوك وشركات التمويل، وما عليها من مسؤوليات وطنية، حماية للسوق والاقتصاد- يراعي حالة المدين وظروفه، ولكن ما الحل لو لم يقبل الدائن نَظِرة المدين وإمهاله وتقدير ظرفه؟!.

- عملتُ سنوات مستشاراً بلجنة المنازعات المصرفية، أيام معالي الدكتور/ محمد بن حسن الجبر رحمه الله رحمة واسعة، والذي لم يقبل سوى تقدير ظرف المدينين عندما تأخرت الدولة –وفقها الله- في فترة من الفترات بتأخر صرف المستخلصات، فكانت أحكام اللجنة بتقسيط المديونيات. في حين خلتْ الفترة الحالية من مثل هذا التقدير لأوضاع التجار وظروفهم ومصلحة استمرار أنشطتهم، فلم يقم بالتقسيط أيٌ من لجنة المنازعات المصرفية (بوصفها قاضي الموضوع في المنازعات المصرفية)، ولا قاضي التنفيذ (بوصفه قاضي الإعسار وإمهال المدين وتقدير ظروفه)، فوقع التاجر المدين في فك صرامة الأنظمة وقضاء التنفيذ وتعسف الدائن، فساهم ذلك بزيادة أعداد المكسورين والسجناء!. وقد نشرت جريدة المدينة بعددها 1/9/2018م تقريرها الخاص عن زيادة النسبة السنوية لقيمة القروض المُتعثرة بالبنوك السعودية لتبلغ (22.6) مليار ريال في الربع الثاني، بزيادة بلغت (24%).

شكراً نظامَ الإفلاس. فقد عالجتَ كل ما سبق. وهو ما سيكون موضوع الحلقة الثانية من المقال. حفظ الله بلادي ومُقدراته.

خاص_الفابيتا