بعض الإضاءات والصلاحيات لنظام الإفلاس (2/1)

05/09/2018 0
عاصم العيسى

عالجنا في المقال السابق بعض الإشكاليات النظامية والقضائية والصعوبات التي تواجه التاجر المُتعثر أو المُفلس أو المُضطربة أوضاعه المالية، وقد تَبينتْ الحاجة إلى نظام الإفلاس.

لقد حرص النظام على إيجاد التوازن (المفقود)، حمايةً للدائن والمدين والاقتصاد الوطني معاً. ومما قرره:

1- حماية المدين المُفلس أو المُتعثر أو الذي يتوقع أن يُعاني من اضطراب أوضاعه المالية، ليستفيد من النظام ليتمكن من تنظيم أوضاعه المالية ومعاودة نشاطه والإسهام في دعم الاقتصاد وتنميته، بما في ذلك تنظيم قيمة أصول المدين وضمان التوزيع العادل على الدائنين (المادة الخامسة).

2- حماية كل من المُتعثر والمُفلس، والتفريق بينهما، فالمُتعثر هو (مدين توقف عن سداد دين مُطالَب به في موعد استحقاقه)، في حين أن المُفلس (مدين استغرقت ديونه جميع أصوله)، ووضع الأحكام المناسبة لكل منهما، مع محاولة تمكين المُتعثر لِألا يُصبح مفلساً (المادة الأولى).

3- معالجة وتنظيم التداخل بين قضاء لجنة المنازعات المصرفية والتمويلية، وقضاء التنفيذ، والمحكمة التجارية، المحكمة المختصة بنظر حالات التعثر والإفلاس والتصفية، وإجراءات التسوية الوقائية، وإعادة التنظيم المالي للتاجر المدين. وقد منح النظامُ المحكمةَ التجارية صلاحيات عادلة واسعة بشأن (تعليق مطالبات الدائنين)، ‏بما في ذلك بالنسبة لحالة (التسوية الوقائية) عدم اتخاذ أي إجراء أو دعوى تجاه المدين أو  أصوله، أو الضامن الشخصي أو مُقدم الضمان العيني لدين المدين إلا بموافقة المحكمة (المادة ٢٠).

وعلى هذا أكدت المادة (98) الخاصة بإجراء التصفية، أنه (‏لا يجوز لغير المحكمة اتخاذ إجراء نظامي خلال مدة تعليق المطالبات ضد أي مُتضامن مع المدين قدم ضماناً شخصياً أو عينياً لضمان التزام المدين)، وقد فَرّقَ النظام بالأحكام الخاصة (بتعليق المطالبات) بسبب الإجراء، هل هو (التسوية الوقائية) أو (إعادة التنظيم المالي) أو (التصفية)، وهو ما يجب انتباه المحامين عليه فيما يخص أحكام المطالبة والتنفيذ على الكفلاء المُتضامنين أو الرهونات.

4- إمكانية التنفيذ على الضمانات وأصول ‏التفليسة، في حالة (التسوية الوقائية)، باشتراط ‏عدم التأثير في استمرار النشاط التجاري للمدين، ‏أو إذا كان عدم التنفيذ على الضمانات سيلحق الدائن بضرر بالغ يتعذر على المدين تعويضه عنه... (المادة ٢١).

5- للمحكمة - بناء على طلب من التاجر المدين - إنهاء أي عقد يكون المدين طرفاً فيه إذا كان الإنهاء ضرورياً لحماية نشاطه، مع تقدير ومراعاة مصلحة أغلبية الدائنين، وعدم ترتيب ضرر بالغ على المُتعاقد معه، (المادة 25) فيما يخص التسوية الوقائية، (والمادة 61) فيما يخص إعادة التنظيم المالي. وبذلك يستطيع التاجر طلب تعديل أو إلغاء بعض العقود التي سَتَضُر بنشاطه.

6- سلطة المحكمة في حماية الأطراف المُتعاقد معها، وتنظيم حالات ذلك (المادة 62).

7- استمرار المدين في إدارة أعماله ونشاطه خلال فترة إجراء إعادة التنظيم المالي، تحت إشراف الأمين، ما لم يُهمِل أو يغش ...(المادة 69). فالتاجر هو الأدرى والأعرف بأمور تجارته ونشاطه، والأمر نفسه بالنسبة للتسوية الوقائية.

8- احتفاظ المدين (الشخص الطبيعي) من أصول التفليسة ‏بما يوفر له ولمن يعولهم ما يكفي لمعيشةٍ بالمعروف، ‏وبالتالي إن خسرت تجارته، ‏فليُسمَح له بالعيش الكريم (المادة 66).

9- حق أمين الإفلاس التقدم إلى المحكمة لإبدال الضمانات المُقدمة للدائن، ‏متى ما قدم ضمان آخر مُكافئ له وكان ذلك في مصلحة أغلبية الدائنين (المادة 72) الخاصة بإعادة التنظيم المالي.

ما سبق إشارات لبعض المزايا والصلاحيات التي يُمكن للتاجر المدين الحصول عليها من إجراءات قررها نظام الإفلاس، بحسب الحالة، ضمن اشتراطاتها المذكورة في النظام. ‏سَلّم الله تجارنا واقتصادنا من أي تعثر أو انكسار.

خاص_الفابيتا