تُصنف مخاطر العملة ضمن أهم المخاطر الواجب أخذها في الاعتبار حين اتخاذ قرار الاستثمار الخارجي؛ لذا يجتهد المستثمرون في استيفاء دراسات الجدوى، والتأكد من التوقعات المستقبلية لسعر الصرف، بما يجنبهم المخاطر التي قد تتسبب في تبخر عوائد الاستثمار، وتراجع قيمة الأصول الاستثمارية. التشريعات النقدية ذات العلاقة بحرية استبدال العملة المحلية بعملات أجنبية، وتحويلها إلى الخارج، من المخاطر الواجب أخذها في الاعتبار من جانبين رئيسين حين البدء في الاستثمار، وإمكانية تدخل البنك المركزي مستقبلاً بتشريعات جديدة لحماية العملة من الانهيار. وأحسب أن الاستثمارات الخليجية باتت منكشفة على مخاطر سعر صرف الليرة التركية، وإمكانية تدخل البنك المركزي التركي لوقف التحويلات الخارجية أو تقنينها. تقنين السحب قد يكون من الخيارات المتوقع اتخاذها في حال استمرار انهيار العملة المحلية، وهو ما تحوط له المودعون الذين بدؤوا بالفعل في سحب أرصدتهم من المصارف لحمايتها من الضياع.
تنامي وتيرة السحب من البنوك ربما تسبب في أزمة حقيقية للمصارف التركية المتوقع انكشافها قريبًا. وبسبب الأزمة بدأت البنوك الغربية في مراجعة حجم انكشافها على القطاع المالي التركي، وهي خطوة استباقية للحد من التداعيات القاسية المتوقع حدوثها قريبًا.
استثمارات الخليجيين في تركيا أحد أهم الاستثمارات الأجنبية المتأثرة بانهيار الليرة، وبالتشريعات النقدية المتوقع اتخاذها مستقبلاً. شكلت تركيا الوجهة الاستثمارية الأفضل للخليجيين، وفي مقدمتهم السعوديون الذين تأثروا كثيرًا بالتسويق المؤدلج المحرك للمشاعر قبل العقول، إذ قدرت قيمة استثمارات الخليجيين في تركيا بنحو 19 مليار دولار، تشكل ما نسبته 9.4 % من مجمل الاستثمارات الأجنبية في السوق التركية. ويمكن القول إن السوق المالية التركية والقطاع العقاري أكثر القطاعات الاقتصادية استئثارًا بالاستثمارات الخليجية التي تصدرتها استثمارات السعوديين؛ ما يجعلها أكثر انكشافًا على انهيار العملة وتداعياتها المستقبلية.
لم يلتقط المستثمرون الخليجيون إشارات الخروج المبكرة التي بدأت منذ العام 2013، ولا الإشارات السياسية المؤثرة في أداء الاقتصاد، ومنها علاقات تركيا بشركائها الرئيسين في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، واستئثار الرئيس أردوغان بكامل الصلاحيات الرئاسية، وتخبطه في إدارة الاقتصاد، وتوسعه في الديون السيادية، وتدخله في السياسة النقدية، ومعاداته لأكثر شركائه الاقتصاديين التزامًا بدعم تركيا، ومنهم الدول الخليجية. حسابات الرئيس أردوغان السياسية والاقتصادية الخاطئة أسهمت في تعجيل انكشاف الاقتصاد التركي، وفقدانه أذرع الأشقاء التي كانت تسارع لإنقاذه في أوقات الأزمات، ومنها أزمة العام 1998 التي أسهمت دول الخليج - وفي مقدمها السعودية - في معالجتها.
أحسب أن فرصة الاستدراك قد أزفت، وأصبحت الاستثمارات الخليجية منكشفة على أزمة الليرة، وتبعاتها المستقبلية. وكل ما أرجوه ألا يتوسع حجم الانكشاف باستثمارات مالية جديدة، يحفزها قادة التسويق المؤدلج، فما يحدث لليرة هو انعكاس حقيقي للاقتصاد التركي، ومشكلاته المتراكمة التي أخفتها الديون السيادية والبيانات المغلوطة والحملات الدعائية المؤدلجة عن الأنظار.
نقلا عن الجزيرة
سبق ان حذرت اكثر من مرة مخاطر الاستثمار خصوصاً العقاري في تركيا وفي غيرها من بلدان العالم الثالث ذات القاعدة الرخوة سياسياً واقتصادياً. لكن كما تفضلت عواطف المؤدلجين دينياً من محدثي نعمة و طبقة محدودي الفكر و الوعي اعمتهم عن بديهيات الاستثمار في دولة اجنبية.
خل حريم السلطان الان يدعمونة