رسالة عاجلة للمتقاعدين

13/05/2018 3
د. إبراهيم محمد باداود

ينطلق مبدأ نظام التقاعد في المملكة بأنه نظام يهدف إلى ضمان توفير دخل للموظف الذي يفقد وظيفته بسبب العجز أو الكبر أو لسد احتياجاته، وارتبطت تعريفات التقاعد المختلفة بأولئك الأشخاص الذين انتهت مدة خدمتهم في أماكن عملهم وتقوم بعض الجهات الحكومية بتخصيص أنظمة لتوفيرمعاش تقاعدي عن الفترة التي قضاها الموظف. وهناك جمعية تهتم بشؤون المتقاعدين، غير أن المفهوم العام في المجتمع للتقاعد لايزال في إطار غير إيجابي ومحصور في أولئك الذين انتهت خدمتهم ولم يعد لهم دور يمكن أن يقدموه في المجتمع بل إن بعضهم وحتى لو كان بصحة جيدة فلا يتم الاعتراف بإمكاناته ويظن البعض بأنه عجوز ولافائدة منه.

التقاعد مرحلة من مراحل عمر الإنسان، فمن يمد الله في عمره فإنه في فترة من فترات العمل سيحال للتقاعد وسيترك العمل، غير أن التفاعل مع هذه المرحلة يتفاوت من فرد لآخر، فمنهم من يحرص على الاستعداد لها نفسياً وعملياً واجتماعياً وذلك من خلال وضع خطط مسبقة ومستقبلية، ومنهم من يتجاهل الأمر فيقع في مصيدة المشكلات الاجتماعية والنفسية والصحية، وتشير بعض الدراسات التي تم إجراؤها على فئة من المتقاعدين أن 25% منهم قاموا بالتقاعد وهم لم يبلغوا سن التقاعد، و 70% منهم يقضون ما بين 20 - 30 عاماً في الخدمة، و 25% منهم يختارون التقاعد المبكر إما لأسباب صحية أو أسرية أو غيرها في حين تجد بأن 56% لم يخططوا للتقاعد ونفس تلك الفئة أقدموا على التقاعد وهم لا يوجد لديهم معلومات كافية عن التقاعد. ومن أهم المشكلات التي يواجهها المتقاعدون هي الفراغ وتجاهل المجتمع والمشكلات الاقتصادية.

مطلع هذا الأسبوع فاجأ الماليزي المخضرم مهاتير محمد وقد بلغ من العمر (92 عاماً) العالم كله بتأديته لليمين الدستورية ليتولى رئاسة الوزراء في بلاده، وليكون أكبر رئيس وزراء في العالم بعد فوزه الساحق والمفاجىء في الانتخابات، وبغض النظر عن الفوز في الانتخابات، وبغض النظرعن شخصية الرجل الذي حكم البلاد بقبضة من حديد على مدى 22 عاماً، وبغض النظر عن المصالح والسياسة فإن الرجل قد حقق إنجازاً في هذا العمر المتقدم.

معاودة هذا الرجل للعمل وهو في هذا العمر (92) عاماً فيه رسالة لجميع من يرغب في التقاعد بأن مصطلح (التقاعد) وانتهاء الخدمة بالمفهوم الاجتماعي العام وليس (الرسمي) لاوجود له فالإنسان يمكنه أن يعمل حتى آخر لحظات حياته وحتى لو تجاوز الـ 90 وليس الـ 60 وخصوصاً إن أنعم الله عليه بالصحة والعافية والسلامة فيمكنه أن يواصل العمل وأن ينجح وأن يحقق الإنجازات الكبرى بل والعالمية.

نقلا عن المدينة