قطاع الاتصالات في مواجهة التحديات.. فأي الشركات تستطيع الصمود؟

22/04/2018 1
حسين بن حمد الرقيب

تواجه شركات الاتصالات تحديات كثيرة ومتلاحقة ولعل أبرزها انخفاض عدد المشتركين وخصوصاً في الاتصالات المتنقلة وبحسب بيانات هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات فإن أعدد المشتركين في نهاية العام 2017 حوالي 40 مليون مشترك مقارنة مع 53 مليون مشترك في عام 2014 بنسبة تراجع حوالي 25 % وقد يكون لعملية إثبات البصمة دور في هذا الانخفاض الكبير وأيضاً خروج أعداد من العمالة الوافدة بعد تراجع النشاط الاقتصادي وضعف الإنفاق الحكومي على المشروعات الجديدة مما اضطر الكثير من شركات المقاولات إلى تقليص أعداد عمالتها، وكذلك ساهم قرار هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في تخفيض أسعار خدمات المكالمات الصوتية الانتهائية المحلية بالجملة على شبكات الاتصالات المتنقلة، وإجراء تخفيض على أسعار خدمات المكالمات الصوتية الانتهائية المحلية بالجملة على شبكات الاتصالات الثابتة، وأيضاً تراجعت أعداد الخطوط الثابتة السكنية من 2.5 مليون خط في عام 2014 إلى حوالي 1.9 مليون في نهاية عام 2017 بنسبة تراجع تقدر بحوالي 24 % حيث استغنى الكثير من المشتركين عن هذه الخدمة بسبب انتشار الهواتف المتنقلة ولذلك من المتوقع أن يستمر هذا التراجع في السنوات القادمة إن لم تتحسن خدمات الاتصالات الثابتة وربطها مع خدمة الألياف البصرية ضمن باقات جاذبة وبأسعار منافسة وسرعات عالية، أما قرار فك الحجب عن تطبيقات الاتصالات فقد ساهم هو الآخر في تراجع الإيرادات من المكالمات الصوتية المباشرة وخصوصاً الدولية منها ولكن في المقابل أسهمت في زيادة الاشتراكات في خدمات النطاق العريض حيث ارتفعت من 23.9 مليون مشترك في عام 2016 إلى 29.7 مليون مشترك في عام 2017 أما خدمات النطاق العريض عبر شبكات الاتصالات الثابتة فقد تراجع من 3.29 ملايين مشترك في عام 2016 إلى 2.5 مليون مشترك في عام 2017 وهذا يعني أن استثمارات شركات الاتصالات في تمديد خطوط الألياف البصرية قد لا تكون مجدية استثمارياً إذا استمر عزوف المشتركين عن خدمات النطاق العريض للاتصالات الثابتة، كما أظهر التقرير أيضاً تراجعاً في إيرادات شركات الاتصالات المجمعة من حوالي 74 مليار ريال في عام 2016، إلى حوالي 71 مليار ريال في عام 2017.

أما ما يخص الأرباح الصافية لشركات الاتصالات فقد نمت خلال العام 2017 بنسبة 24 % على مستوى القطاع إلا أنه لازالت بعض الشركات تخسر حيث خسرت شركة اتحاد اتصالات حوالي 700 مليون ريال وكذلك شركة عذيب والتي تجاوزت خسائرها المتراكمة حوالي 48 % بالرغم من خفض رأس المال سابقاً لتغطية الخسائر المتراكمة وعدم تعرضها إلى التصفية حسب المادة 150 من نظام الشركات والأرقام المنشورة هي عن 9 أشهر فقط من العام السابق ولم يتم نشر القوائم للعام 2017 كاملة والتوقعات تشير إلى تجاوز الخسائر المتراكمة 50 % من رأس مال الشركة وخصوصاً مع توجه هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إلى مصادرة الضمان المقدم من الشركة بحوالي 50 مليون ريال مما يعني أن الشركة قد تتخذ قراراً آخر بخفض رأس المال لتغطية الخسائر المتراكمة وفي اعتقادي بأن شركة عذيب ليس لها القدرة على الاستمرار في السوق بسبب ضعف الملاءة المالية للشركة وقوة المنافسين وكل المحاولات التي حصلت هي من أجل تمديد بقاء الشركة في السوق وليست حلولاً ناجعة تنقذها من التصفية، أما شركة زين التي تحولت للربحية بعد سنوات من الخسائر التي كان من أبرز مسبباتها هو تكلفة الرخصة التي أنهكت مالية الشركة طوال السنوات الماضية حتى صدور القرار الحكومي بتمديد رخصة التشغيل 15 سنة إضافية والتي ساهمت في تمديد إطفاء تكاليف الرخصة ووفرت للشركة حوالي 400 مليون ريال سنوياً وظهر أثر ذلك في ميزانية الشركة خلال العام 2017 حيث حققت ولأول مرة في تاريخها أرباحاً صافيةً بحوالي 12 مليون ريال، ولا يزال التحدي مستمراً في الشركة لمواجهة المتغيرات القادمة وأيضاً إطفاء الخسائر المتراكمة التي بلغت 2,263 مليون ريال والتي تمثل 39 % من رأس المال بنهاية العام السابق.

من البيانات السابقة نستخلص بأن قطاع الاتصالات سوف يواجه تحديات كبيرة خلال السنوات القادمة تحتاج إلى المزيد من إعادة هيكلة شركات الاتصالات وخفض المصاريف وتقديم خدمات مبتكرة لزيادة أعداد المشتركين وتعظيم الربحية وفي اعتقادي بأن شركة الاتصالات السعودية هي الشركة الوحيدة في هذا القطاع التي تستطيع مواجهة التحديات المقبلة وقد فرضت هيمنتها على السوق بشكل واضح ساعدها في ذلك امتلاكها بنية تحتية جيدة وقاعدة عريضة من المشتركين ومنتجات جيدة ومنافسة، وتوسع إقليمي ودولي من خلال الدخول في شركات أخرى، ولذلك سوف تضغط على بقية المشغلين إن استمر الضعف المالي لتلك الشركات ولن تستطيع منافسة الاتصالات السعودية إلا بالاندماج وخفض التكاليف والاستفادة من قاعدة العملاء المشتركة وتوجيه التدفقات النقدية إلى تطوير المنتجات وتقديم العروض المنافسة.

 

 

نقلا عن الرياض