القطاع المصرفي السعودي عرف قامات محترمة عبر الزمن، قامات ناجحة ومميزة أمثال أحمد عبداللطيف، عبدالله باحمدان، عبدالكريم أبو النصر، عبدالله الحقيل، إبراهيم الطوق وغيرهم، وقد ساهمت هذه القيادات في نجاح القطاع المصرفي السعودي وتحويل مؤسساته إلى كيانات حيوية لها مساهماتها اللافتة والمؤثرة في الاقتصاد الوطني العام ككل. إلا أنه أخيرا بدأنا نرى ونسمع عن قيادات نسائية لافتة ومميزة تدخل في تشكيل المناصب التنفيذية الكبرى.
أسماء مثل سارة السحيمي التي تبوأت رأس مجلس إدارة السوق المالية السعودية «تداول»، ولطيفة السبهان المدير المالي للبنك العربي الوطني، وهناك من قبلهما الدكتورة ناهد طاهر التي تبوأت إدارة بنك استثماري مهم، ولكن يبقى الاسم الأكثر تميزا والحدث الأبرز في القيادات النسائية المصرفية هو تعيين رانيا نشار رئيسا تنفيذيا لمجموعة سامبا المالية الكبرى، وأهمية القرار أن رانيا نشار استحقت المنصب عن جدارة بكد وتعب وبلا مجاملة بعد مسيرة حافلة من الكد والجهد امتدت لأكثر من عشرين عاما، بدأت باستحقاق مميز على الصعيد الأكاديمي ببكالوريوس مع مرتبة الشرف الأولى في علوم الحاسب وتقنية المعلومات من جامعة الملك سعود، ثم واصلت حصد الشهادات العليا من أهم جامعات أمريكا وتحديدا فرجينيا وجورج واشنطن، وكانت أول سعودية تنال شهادة أخصائي معتمد في مكافحة غسيل الأموال ولها باع مهم في عضوية مجالس إدارات المصارف وشركات تابعة لها؛ بمعنى آخر لديها الإلمام الشمولي القيادي لإدارة كبرى المصارف، ولذلك أحدث اختيارها في المنصب القيادي المهم نقلة نوعية وكسر السقف الزجاجي الذي كان يحدد وصول المرأة لأعلى المناصب القيادية في القطاع المصرفي، وفي تشبيه بليغ قال لي أحد المصرفيين السعوديين في صدد تعليقه على اختيار رانيا نشار في هذا المنصب، «لقد هبطت رانيا على كوكب القادة المصرفيين الذي كان ناديا حصريا للرجال»، في ظل رؤية 2030 والمتغيرات الحاصلة في السعودية جاء هذا الخبر ولم يلق الاهتمام الكافي.
القطاع المصرفي بطبيعته قطاع محافظ للغاية، وهو قطاع مقاوم بطبعه للتغيير ولا يرحب به، والمجتمع السعودي مجتمع محافظ جدا بطبعه ولا يرحب بالتغيير ويهابه ويشكك فيه، وأن تقود رانيا نشار أحد أكبر البنوك العربية في ظل تقلبات وتغيرات اقتصادية حادة وغير مسبوقة بمهارة ربان قادر ومتمرس، لهو أكبر شهادة في حق القيادات السعودية الشابة المتمرسة والمتدربة والمؤهلة التي جاءت لمنصبها عن جدارة مكتسبة بلا واسطة ولا جاه.
هناك نماذج أخرى تنتظر فرصتها اللائقة، ولكن يقف أمامها جدار «أهل الثقة أولى من أهل الكفاءة»، إلا أن تجربة رانيا نشار الناجحة تبعث الأمل في وجود الاستثناء وأن النجاح ممكن وممكن جدا.
نقلا عن عكاظ
المفارقة ان البنك اصبح يعاني من مشكلات في ما يتعلق بالخدمات الالكترونية منذ تولي المتخصصة في علوم الحاسوب منصبها الاخير على الاقل في فرعهم في دبي.
السؤال الأهم: هل تقود رانيا نشار البنك فعلياً أما يقوده الشخص المعروف ذاته؟ الإجابة تحدد ماهية الاختراق النسائي لقطاع الوظائف التنفيذية العليا بالبنوك.
الواقع يخبر دون مجاملة أن الرجال أكفأ وأجدر في جميع المجالات .. وليس في القطاع المصرفي ..والصحيح أن قياداته كانت حصريا على فئة معينة وليست على الرجال ..