منذ ما يقارب السنة أقر مجلس الوزراء إنشاء ملحقيات عمالية في سبع سفارات سعودية، وستلعب تلك الملحقيات دورًا مهمًا في التوجيه والإرشاد للعمالة فيما يخص الأنظمة والقوانين، بالإضافة للدور المهم في تنظيم عملية الاستقدام وتذليل المعوقات المتعلقة به، ومازلنا ننتظر العمل الفعلي لتلك الملحقيات تماشيًا مع إصلاحات سوق العمل الحالية.
إصلاحات سوق العمل تنصب في نقل سوق عمل أدمن على العمالة الوافدة التي لا تمتلك أي خبرات حقيقية في تخصصاتها والعمالة التي تمتلك مؤهلات مزورة إلى سوق عمل يتميز بوجود تراكم معرفي من خلاله يمكن نقل الخبرات بشكل أكثر مرونة للأيدي العاملة السعودية، والسنوات الماضية أثبتت أن سوق العمل استقدم عمالة وافدة بلا خبرات في تخصصات حساسة مثل التخصصات الهندسية والصحية وأدى ذلك إلى وقوع أخطاء كارثية، وبنفس الوقت كان هناك استقدام عشوائي لعمالة غير ماهرة في تخصصات مختلفة مما أدى إلى ولادة تستر وتكتل في أنشطة ليس من السهل توطينها، وبسبب ذلك ظلمنا أنفسنا في التركيز على التطور التكنولوجي واستخدام الأتمتة، ولذلك من المهم إعادة تنظيم عمليات الاستقدام حتى لا يتحول سوق العمل السعودي إلى مركز لتدريب العمالة الوافدة «من أموالنا» دون أي إضافات على زيادة التراكم المعرفي الداخلي.
دور الملحقيات العمالية مهم في هذا الوقت بالتحديد، فأتمنى أن يتم الاستعجال في تأسيسها ووضع سياساتها بشكل شامل حتى نتفادى الأخطاء التي تحملناها خلال سنوات، وكوجهة نظر شخصية أتمنى أن يكون لتلك الملحقيات دور في متابعة وتثقيف المبتعثين في تلك الدول بالتنسيق مع وكالة توظيف السعوديين التي تم إقرارها الأسبوع الماضي كبديل عن هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة الملغاة.
من المهم أن يكون هناك تحليل للتخصصات والخبرات التي يُفضل القطاع الخاص استقدامها، والعمل على مقارنة مخرجات التعليم في المملكة مع نتائج هذا التحليل حتى تتضح البدائل، ومن وجهة نظري الشخصية سنجد أن احدى التوصيات تتركز في دعم مراكز التدريب للمنشآت الكبيرة والعملاقة حتى يتم تحويل مسار العديد من الأيدي العاملة المحلية في التخصصات التي تشبع منها السوق أو غير مرغوب فيها بالوقت الحالي، وحسب إطلاعي على سوق العمل ونشرات سوق العمل مازلت أرى أن هناك خللًا في تركيبة العمالة لدينا وتقسيمها.
نظرتي في التعامل مع الأيدي العاملة السعودية هي التعامل مع «ثروة بشرية»، ولذلك أنا مع تشجيع تطوير الأيدي العاملة السعودية للعمل في المهن والوظائف المتوسطة وما فوق، ولا أتفق مع دفعهم للعمل في وظائف بعيدة عن تخصصاتهم أو الوظائف التكميلية التي يكثر فيها الدوران الوظيفي، وحتى نكون أكثر إنصافًا ومنطقيين، ينبغي ألا نضيع وقتنا في التفكير بكيفية بناء سوق عمل سعودي خالٍ من العمالة الوافدة في بعض التخصصات التي من الصعب أن يشغلها السعودي كعامل النظافة على سبيل المثال، فتجربة نجاح عمل سعودي في مثل هذه الوظائف لا يعني أنها ستكون ناجحة على الجميع.
أحد أهم التحديات التي تواجهنا هي مسألة المواءمة بين التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل، فما زالت هناك فجوة واضحة بين ارتباط إستراتيجية التعليم بسوق العمل لجميع الجنسيات وليس على السعوديين فقط، وكوجهة نظر شخصية أرى أن مواجهة تلك التحديات من المهم أن تنقسم لمسارين أحدهما يتعلق بالأيدي العاملة السعودية والآخر بالعمالة الوافدة، والسبب في ذلك حتى تكون عملية الإحلال التدريجي منظمة وليست عشوائية.
ختاما: حتى لا نكون مركزًا لتدريب الغير بأموالنا، علينا التركيز على تحويل سوق العمل السعودي لمركز للكفاءات إقليميًا.
نقلا عن اليوم