كيف تعظّم أرامكو من سعر اكتتابها؟

14/01/2018 1
عمر المنيع

من الجيد القيام ببعض الإجراءات الفنية التي تعزز من تعظيم سعر الطرح لشركة أرامكو. حيث أن ارتفاع السعر يعني ارتفاع العوائد للبائع (حكومة المملكة) وخصوصا في حالة الطرح في الأسواق الأجنبية. 

هناك العديد من الخطوات التي يمكن للشركة القيام بها في هذا السياق، منها تغيير هيكل رأس مال الشركة قبل الطرح عن طريق الاقتراض. فمن المتوقع أن تسهم زيادة الاقتراض (أو الرفع المالي) في رفع قيمة الشركة عند طرحها للاكتتاب.

ويعود ارتفاع قيمة الشركة من خلال هذا الإجراء إلى سببين: (1) أن تكلفة الدين أقل من تكلفة الملكية. أي أن العائد الذي يطلبه حملة الدين أقل من العائد الذي يطلبه حملة الأسهم. (2) كما أن الاقتراض أو ما يُعرف بالرفع المالي يحقق للشركة وفر ضريبي، حيث يتم خصم الفوائد من الدخل الخاضع للضريبة.

ارتفاع معدل الضريبة على أرامكو (50٪‏) يزيد من حدة ارتفاع قيمة الشركة في حالة الاقتراض. ويمكن توضيح هذا الأثر بعبارة أخرى، فنقول أن الاقتراض يسهم في رفع قيمة الشركة من خلال خفض تكلفة رأس المال التي يتم حسابها بواسطة المتوسط لتكلفة الديون وحقوق الملكية، مرجحا ً بنسبتهم في رأس المال. فعلى سبيل المثال، إذا افترضنا أن تكلفة الملكية للشركة هو 9٪‏ (وهو مقارب لتكلفة الملكية للشركات النفطية الحكومية المدرجة البالغ 8.62%) فهذا يعني أن اقتراض الشركة لما نسبته 15% من رأس المال (نسبة افتراضية) بتكلفة 1٪‏ (كما نص بذلك خبر نشر مؤخرا!) يعني أن تكلفة رأس المال سوف تنخفض من 9٪‏ إلى 7.73% تقريبا. 

وإذا افترضنا أن صافي التدفق النقدي للشركة يبلغ 105 مليارات دولار كما قمت بتقدير ذلك سابقًا في مقالة بموقع أرقام (بعنوان: تقييم أرامكو مرة أخرى)؛ فإن الاقتراض بمقدار 5% من هيكل رأس المال سيرفع من قيمة الشركة بمقدار 40 مليار دولار. في حين أن الزيادة في قيمة الشركة ترتفع بشكل حاد مع زيادة الاقتراض حيث تصل الزيادة إلى 173 مليار دولار عند بلوغ حصة الديون 15% من هيكل رأس المال كما في الجدول المرفق في الأسفل (الأرقام تقريبية لمحدودية توفر المعلومات). وبافتراض طرح 5% من أسهم الشركة، فإن عوائد الاكتتاب للحكومة قد تزيد بمقدار يتراوح ما بين الـ2 مليار و8.65 مليار دولار بحسب تكلفة الدين وحصته من رأس المال.

إذن قد يقول قائل لماذا لا تزيد الشركة من قروضها بشكل كبير حتى تزيد من عوائد الاكتتاب للحكومة؟! والجواب هو أن زيادة مستوى القروض بشكل مفرط قد يزيد من مخاطر الملاءة المالية مما يؤثر بشكل سلبي على التصنيف الائتماني للشركة، وهذا بدوره قد يرفع من العائد الذي يطلبه الممولون. أما في حال كان الاقتراض بمعدل متوازن فإن كفّة المكاسب ستكون الراجحة. 

ومن الطرق التي يمكن من خلالها رفع سعر الاكتتاب هو محاولة توقيت السوق. وهذا يشمل توقيت الأسواق التي سيتم طرح أسهم الشركة فيها، وكذلك توقيت السوق النفطية. حيث وجدت الدراسات التجريبية أن من أهم العوامل المحددة لسعر الاكتتاب هو أداء سوق الأسهم بشكل عام والقطاع بشكل خاص خلال الـ30 يوم التي تسبق يوم الطرح. كما أنه من المؤكد أن تزامن الطرح مع أسعار جيدة للنفط سينعكس بشكل إيجابي على سعر الاكتتاب، إذ أن سعر النفط هو المحدد الرئيس لقيمة أرامكو.

كما يمكن للشركة تعظيم سعر الاكتتاب من خلال اختيار الأسلوب الأنسب للطرح. على سبيل المثال، وجدت دراسة تجريبية (Khurshed, Kostas, Mohamed, & Saadouni, 2018) على بورصة لندن أن استخدام أسلوب الطرح المباشر في السوق When-issued  يرفع سعر الاكتتاب بنسبة 26% مقارنة بالطريقة التقليدية. استخدام أسلوب الطرح المباشر ينطوي على مخاطر عالية ولذلك لا تسمح به بعض الأسواق، وإن كانت عوائده التاريخية جيدة. والجدير بالذكر هنا، أنه لم يسبق لأي من الشركات العملاقة استخدامه سابقا في اكتتاباتها على حد علمي. ولذلك، فإن اختيار هذا الأسلوب من عدمه يتطلب دراسة شاملة وفحص دقيق لمقارنة المنافع بالتكاليف لأساليب الطرح المختلفة. وهنا أشير إلى أن مستشاري اكتتاب أرامكو من أفضل الشركات العالمية في مجالها HSBC و JPMorgan Chase و Morgan Stanley.

وأخيرا تعتبر الدعاية وكثرة تداول اسم الشركة في وسائل الإعلام قبل الطرح من العوامل التي تزيد من سعر الاكتتاب. وجدت دراسة على أكثر من 11 ألف اكتتاب في السوق الأمريكي أن زيادة البحث في جوجل باسم الشركة قبل الطرح مرتبط بشكل طردي وجوهري بارتفاع سعر الاكتتاب عند الادراج. ويعزز من ذلك إذا كانت الأخبار المتداولة إيجابية تجاه الشركة. حيث وجدت عدد من الدراسات أن الانطباع الإيجابي تجاه الشركة قبل الاكتتاب يعظم بشكل جوهري من نطاق السعر الذي يحدده مدير الاكتتاب. وبما أن اكتتاب أرامكو يعتبر أكبر اكتتاب عرفه التاريخ؛ فهو يحظى بتغطية إعلامية على نطاق واسع كما يراه كل متتبع للوسائل الإعلامية. ما ينبغي على الشركة القيام به هو محاولة التأثير على المحتوى الإعلامي وذلك بهدف خلق انطباع إيجابي لدى المستثمرين.


خاص_الفابيتا