الإنتاجية تكون في الإنسان وتكون في الأموال، وحديث اليوم عن الإنتاجية في الأموال. وهذه تنقسم عندي لأربعة أشكال. المقصود من تصنيفها، تقريب تصور الأموال عند النظر والتأمل في إلحاق بعضها ببعض، عند التخطيط الاقتصادي لتنظيمات السوق من ضريبة وإعانة، وعند تحكيمها قضائياً، وعند تقرير زكاتها. (فمثلاً تجميع الأموال كلها تحت عروض التجارة وعدمه فيه عدم انضباطية وافتقار للدليل الشرعي النصي). وعلى هذا فقس في التنظيمات السوقية والأحكام القضائية.
الشكل الأول: أن تكون إنتاجية المال مما ينمو بزيادة المال نفسه بنفسه حجماً أو عدداً، دون تدخل الإنسان كالأنعام والرقيق والخيل والحمير والفيلة والنعام ونحوها، والفيلة والحمام والدجاج والزراف ونحوها. فهذا فيه تفصيل قواعد تطول لا محل لها هنا، يكفينا منها ما سنختزله (ما عدا الجانب الزكوي التعبدي - أي النص وعدمه -) كما في الشكل الثاني.
الشكل الثاني: نمو بتنمية الإنسان وتكون بزيادة مال مُختلف في شكله عن المال المُنمى، إما نوعاً أو جودةً أو خدمة أو كمّاً. كالمستغلات عموماً وهي كالمصانع وشركات الخدمات من صيانة واستشارات، ومزارع الأسماك واللؤلؤ والدجاج والألبان والمزارع بأنواعها والسندات والودائع الادخارية، وما استثنيناه سابقاً مما ينمو لوحدة من غير الأنعام، (لاختلافات لا محل لذكرها هنا). فأصل المال هنا هو المُنمّى بالصناعة الإنتاجية أو الخدمية أو التعدينية، أو المالية أو الحيوانية أو الزراعية. ونتاجه يكون مالاً مختلفاً عن أصله. كسيارات تتولّد عن مصانع، ولحوم عن مزارع دجاج وسمك. فهذه المزارع، كالمصانع لا تنمو وحدها، بل هي قابلة للنماء كالمصانع. فالجهد الإنساني ركن أساسي فيها، وهذا فارق جوهري، لمن أراد أن يتأمل. فالاقتصاد يدور حول الإنسان وإنتاجه واستهلاكه.
الشكل الثالث: نمو حقيقي في القيمة دون أي زيادة لكمية أو لنوعية. وهذا خاص بالتجارة الإيجابية. فالتجارة الإيجابية هي كموردي السلع ومستورديها والوكلاء وتجار الجملة والتجزئة، وشركات الدعاية والإعلام، ونحوها مما يوصل السلعة أو العلم بها للمستهلك.
فتوصيل البضائع والخدمات من مصادرها وتوزيعها، ونشر العلم بها هو من أهم العوامل المؤثرة على الإنتاجية بزيادة الطلب الحقيقي.والطلب هو دافع الإنتاج. وتوصيل السلع والخدمات المنتجة يزيد الطلب مما يحفز المُنتج على رفع الإنتاجية الكمية والنوعية. وتطوير الأراضي هو من التجارة الإيجابية لأنه توصيل لها للمستهلك. وأما المضاربة فيها أو تجميدها ومنعها من الناس، فهو من التجارة السلبية وستأتي في الشكل الرابع.
الشكل الرابع: هو كل ما تشمله التجارة السلبية من المضاربات بالسلع وتدويرها. وحدها الضابط الذي يفرقها عن التجارة الإيجابية هو ارتفاع الأسعار دون إضافة أي قيمة حقيقية للسوق. فالتجارة السلبية تدخل تحت حكم الأموال القابلة للنماء، فعدم تشغليها هو تعطيل لموارد الاقتصاد. وتشمل كل عمليات البيع والشراء لسلعة لا يؤدي بيعها وشراؤها لزيادة الإنتاج، ولا لتوصل مكاني أو معلوماتي، بل فقط لزيادة الأسعار. كمضاربة الأسهم والسلع. لأن كل من اشترى السلعة يريد بيعها بربح. وهذا ليس زيادة في قيمتها الحقيقية، بل زيادة في أسعارها الإسمية. والزيادة في الأسعار هي التضخم بينما الزيادة في القيمة هي النمو والتطور للسلعة.
هذه مقدمات يجب أن تُفهم قبل الدخول في تفصيلات أبواب التطبيقات الحديثة للزكاة، أو الأحكام القضائية، أو لتنظيمات السوق الضريبية والإعانية، أو تنظيمات التجارة الدولية. للزكاة والتي مما تعتمد في فهمها على فهم أشكال النمو الموضحة سابقاً، ودور الإنسان كأصل سبب الإنماء. فالاقتصاد إنسان ومحراث، والمحراث من نتاج الإنسان، فسبحان من سخّر الكون للإنسان.
نقلا عن الجزيرة
تصنيف هام تشكر علية أستاذ حمزة يحتاجه العباد ، وانا أتنظر تفاصيل التطبيقات الحديثة للزكاة. شكراَ وبارك الله فيك وبعلمك ونفع به البلاد والعباد