مضى قرابة العام منذ انتهاء عملية تسجيل الأراضي البيضاء الخاضعة للرسوم، التي بلغ إجمالي مساحة ما صدر عليها أمر رسم، وفق ما نشرت وسائل الإعلام، نحو (325) مليون م2، في كل من المدن الكبرى الثلاث الرياض العاصمة، ومحافظة جدة، وحاضرة الدمام، التي تمثل في مجموعها ما يعادل ثلثي الطلب على الإسكان في المملكة، وهو الطلب الذي لا يتفق والرغبة في إيجاد توازن بالتوزيع السكاني ونشر التنمية.
هذه المساحة من الأراضي، من المهم أن يكون هناك مؤشـر معلـن يرصد معدل ما تـم تطويره منها، وليس فقط مقدار ما يصدر عليها من رسوم، وذلك من أجل إمكانية قياس مدى فعالية تطبيق الرسوم على تلك الأراضي، فلا نستطيع الادعاء بوجود أي أثر مباشر لهذه الرسوم مع انتفاء أي تطوير لهـذه الأراضي في الوقت الحاضر، حيث إنه لو تم بالفعل مباشرة هذا التطوير ليزيد من كمية المعروض من الأراضي السكنية في السوق، لكان من المتوقع أن يستوعب هذا الرصيد من الأراضي ما يصل إلى (400) ألف وحدة سكنية على الأقل، تكفي لما يزيد عن ثلاثة ملايين ساكن من المواطنين، ومن ثم إمكانية اعتبارها عاملاً مباشراً من عوامل التأثير على تحقيق التوازن في سوق الأراضي السكنية بتلك المدن، بالرغم من ضآلة ما يمكن أن تضيفه هذه الأراضي المطورة لما هو موجود من رصيد كبير مشابه ومنافس لها في المدن الثلاث المستهدفة.
إن من المتوقع خلال الفترة المقبلة أن يكون هناك تقييم للمرحلة الأولى من برنامج الرسوم، ومدى تحقيقها للأهداف التي وضع من أجلها النظام، ومن المحتمل في ظل التأثير المحدود أو شبه المعدوم لرسوم الأراضي في مرحلته الأولى، أن يتم تجاوز تلك المرحلة والانتقال إلى المرحلة التالية، وهو ما يوحي نصاً على الأقل بالتوقف عن تطبيق الرسوم على الأراضي غير المطورة، والتحول إلى تطبيقه على الأراضي المطورة، لأن خلاف ذلك سيطرح تساؤلاً عن الجدوى والعائد من إنفاق مزيد من الموارد المالية والاقتصادية لتطوير أراض سكنية بشبكة مرافق عامة فقط، يقع معظمها على أطراف المدن، بل والصرف على تشغيل وصيانة تلك الشبكة لسنوات دون أن تكون قادرة على إصلاح الخلل القائم، وإعادة التوازن في السوق، ومقابل عائد رسوم لا يتناسب وحجم هذا الإنفاق، الأمر الذي يعزز من أهمية العناية بهذا الجانب، ويحتم علينا تحري ألا نهدر مواردنا في الصرف على تطوير أراضٍ تبقى خالية لسنوات، وربما لعقود، قبل أن يعمرها المواطنون بمساكنهم.
نقلا عن الرياض