رؤية المملكة 2030 تهدف إلى الإصلاح الاقتصادي الذي إذا تحقق فسيتم حل كثير من المشكلات التي نواجهها الآن أو التي ستواجهها الأجيال اللاحقة، والإصلاح الاقتصادي لن يتحقق إلا إذا استطعنا رفع كفاءة الاقتصاد عبر رفع كفاءة عناصر الإنتاج الاقتصادية الرئيسة وهي: الأرض، اليد العاملة، ورأس المال (يضاف إليها ريادة الأعمال وأحيانا المعرفة والتقنية)، متى ما استطاع أي بلد رفع الكفاءة باستخدام هذه المصادر فسيحقق زيادة في الناتج المحلي والدخل وبالتالي رخاء اقتصاديا.
سأتحدث في هذا المقال عن رفع كفاءة الإنتاجية من عنصر الأرض.
نملك في السعودية مساحات شاسعة من الأراضي بها كنوز من الموارد الطبيعية سيتم استغلالها - بإذن الله -، غير النفط طبعا، لكن مع هذه المساحات هناك تشوه واضح في السوق العقارية، هذا التشوه يتمثل في حجم غير صحي من الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن السعودية، وهذا الحجم من الأراضي لا تجده أبدا في أي دولة أو مدينة حول العالم من الدول الأكثر تقدما حتى من الدول الناشئة كذلك، حسب دراسة نشرها موقع حديث العقار عام 2016، فإن الأراضي البيضاء غير المستغلة تشكل نسبة 77 في المائة من النطاق العمراني للرياض، كان هناك تصريح للهيئة العليا لتطوير الرياض أن نسبة الأراضي البيضاء عام 1408، 48 في المائة من مساحة الرياض، وهذه النسبة ازدادت مع الوقت لتصل إلى 64 في المائة عام 1438.
في الحقيقة لا أملك معلومة حديثة موثقة عن النسبة لكن من الواضح أنها مرتفعة وفوق 50 في المائة وهذا يعني أن نصف أراضي النطاق العمراني للرياض غير مستغلة، وهذه النسبة جدا عالية وكي نعرف مدى ارتفاعها وجدت أرقاما عن نسبة الأراضي الخالية أو البيضاء لدى المدن الأمريكية، وهذه المدن تختلف فيما بينها بحسب نشاطها الاقتصادي والرغبة في العيش فيها، فالمتوسط العام لنسبة الأراضي البيضاء في حدود 15 في المائة فقط، حيث إن مدن الجنوب الأمريكي وهي الأكثر نسبة من الأراضي البيضاء تراوحت النسب فيها في حدود 19 في المائة، أما مدن الشمال وهي أقل أراض بيضاء فكانت النسب في حدود 9 في المائة فقط، هذا يعطي فكرة عن مدى ارتفاع الكفاءة في استخدام الموارد حتى للمدن الصغيرة وغير الجاذبة للسكن، فما بالك بمدينة مثل الرياض عليها طلب عال وهي العاصمة؟
من الواضح الخلل الكبير الذي لا يمكن أن يستمر وهذا الخلل قاد إلى تشوهات اقتصادية على عدة أبعاد، منها: توسع مدينة الرياض بشكل أفقي أرهق المرافق العامة في توصيل الخدمات، رفع تكاليف توفير الأمن والحماية وخدمات البلدية وغيرها، كذلك أعطى ثغرة لتكنيز الثروات دون مقابل وفائدة اقتصادية على البلد، هذه الثغرة أسهمت فيما بعد في توسيع الفارق في توزيع الثروة والدخل على المواطنين، حيث كل من امتلك أراضي استطاع تحقيق ثروة طائلة فقط من امتلاكها دون أي تكلفة عليه، بينما من دفع تكلفة ارتفاعها هو الاقتصاد والدولة والمواطنين عبر توفير الخدمات لها وجعلها داخل النطاق العمراني، ما أسهم في ارتفاعها بشكل سنوي بعوامل التضخم وندرة المعروض، هذا التشوه أدى إلى بروز طبقة نخبوية من أثرياء العقار، وهذا بكل تأكيد ليس من مسؤوليتهم طبعا ولا هم من تسببوا في ذلك، لكن المشكلة في النظام الذي سمح بمثل ذلك ولا يلزمهم بالتطوير أو البيع أو دفع ضريبة أو رسوم.
كل دول العالم تحارب الأصول العقارية غير المستغلة، وأنا هنا أقول أصولا عقارية لأنه حتى وجود البيوت والشقق المهجورة أو غير المستغلة يتنافى مع رفع كفاءة استخدام الأصول، وهناك كثير من التجارب الناجحة في ذلك، فمثلا كوريا تفرض رسوما بنسبة تصاعدية على الأرض البيضاء غير المستغلة لمدة عامين حيث تبدأ من 5 في المائة لتزيد إلى 7 في المائة إذا كانت المدة أكثر من ثلاثة أعوام و8 في المائة إذا كانت أكثر من خمسة أعوام وهكذا، بينما في بلد مثل كولومبيا تصل نسبة الرسوم إلى 30 في المائة. ومن الأمثلة الجيدة لمحاربة الاحتكار ورفع الكفاءة ما تم عمله في مدينة فانكوفر حيث عانت قبل أعوام ارتفاع استثمار الصينيين فيها حيث لجأوا إلى فانكوفر كمخزن للثروة بعيدا عن أنظمة الصين المتشددة في العقار وقاموا بشراء الشقق والبيوت في أفضل أحياء المدينة دون أن يسكنوا فيها أو يؤجروها فقط بغرض التملك، ما أسهم في انخفاض قوي في المعروض السكني وارتفاع قوي في الأسعار ما اضطر السكان الأصليين إلى السكن في الضواحي وهو ما جعل الحكومة تفرض ضريبة العقار الخالي حتى ترفع التكلفة على المالكين إما بالتأجير أو البيع أو دفع مبالغ للحكومة.
هكذا يجب أن يتم التعامل به مع الأصول، لا يتم السماح بوجود أصول معطلة أو غير مستغلة لمدة طويلة، لذلك تم إطلاق تنظيم الأراضي البيضاء لدى وزارة الإسكان بفرض رسوم بمعدل 2.5 في المائة على ما مساحته عشرة آلاف متر مربع وتم تحصيل بعض المبالغ وتحرك على أثرها بعض المخططات، لكن - في تصوري - ما زال القانون لم يغط المطلوب وهو عدم بقاء أراض بيضاء كثيرة داخل النطاق العمراني، خصوصا وسط الرياض، فما زال هناك كثير من الأراضي في الأحياء القديمة والبيوت المهجورة وهي أحياء مكتملة الخدمات ومكلفة على الدولة بكل تأكيد لا أحد يتوقع ملء كل هذه الأراضي لكن على الأقل تنخفض النسبة إلى مستويات معقولة مثل 20 في المائة.
ختاما: هناك إشكاليات لا بد من ذكرها في هذا الموضوع وهي أن فرض رسوم موسع وأكبر قد يؤدي إلى مشكلات أخرى وهي وجود رهن كبير لهذه الأراضي لدى المصارف، وهو ما يهدد بمشكلات ائتمان عندما يتم الضغط عليها، ما يؤدي إلى انخفاض أسعار العقارات وهو ما سيكشف الرهون والديون، وهنا يجب الحذر من هز النظام المصرفي، على جانب آخر وجود الأراضي البيضاء قد تكون فيه ميزة للبلديات والأمانات عند استغلال هذه الأراضي بتنظيم عمراني أو خدمات جديدة أفضل مما هو موجود، وبالتالي إعطاء مرونة أكبر للأمانات في استغلاها لمصلحتها.
نقلا عن الاقتصادية
كان هناك توجه واضح من المشرعين في البلد الى حل مشكلة الأراضي البيضاء وتضخم الأسعار وهي عند فرض مؤسسة النقد مقدار 30% كدفعة أولى عند شراء العقار من الجهات التمويلية وكذلك نظام رسوم ااراضي البيضاء بمراحلة ولكن سرعان مع تغير هذا التوجه دون معرفة الأسباب لذلك لن يحدث تغيير ما لم يتم اتخاذ المطلوب من المشرعين. الواضح ان هناك تهاون بتطبيق التشريعات المذكوره سابقاً وبعضها تغير لاسباب غير معروفه لذلك متى ما اصبح حل المشكلة أساسي لدى المشرعين سوف نرى التغيير فهناك من الأدوات المتاحة والمطبقة عالمياً كفيلة بحل المشكلة.
أخي الكريم/عبدالله: 30% كدفعة مقدمة أصبحت في خبر كان والنسبة الحالية هي 10% !!!.. وعندما فرضت مؤسسة النقد النسبة كانت تأخذ بالممارسات العالمية التي تحاول تقليص المضاربات العقارية وعدم زيادة تضخم أسعار الأراضي وأن المقترض هو المالك المستفيد النهائي بالسكن وكدليل على جديته.. وكذلك تقليل مخاطر تعثر القروض العقارية وزيادة مخصصاتها لدى البنوك وخصوصاً أن نسبتها إلى الودائع تتراوح بين 85-90% !!.. ومن المحزن أن نقرأ أن بعض أعضاء مجلس الشورى في إجتماعه هذا الأسبوع يطالبون بإلغاء مطاب الدفعة المقدمة بالكامل!!!.. الأمر الذي سيساهم بفرح الكثير من تجار التراب ومندوبيهم !!!!!... والله المستعان.
لتوضيح الموضوع، سابقاً كان هناك توجه لخفض أسعار الأراضي وكذلك تقليص الأراضي البيضاء بما تم من تشريعات وسرعان ما تغير الوضع بعد دخول صندوق الاستثمارات العامة بالاستثمار في ما يلي التي تعد واحده من قنوات استثماره: 1- شراء المحافظ التمويلية العقارية من البنوك وشركات التمويل عن طريق "الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري". 2- امتلاك أراضي بيضاء. 3- القيام بانشاء شركة للتطوير العقاري والتي سوف تقوم بتطوير الأراضي البيضاء في المدن ومن ثم بيعها.
لذلك انا واثق من ان أسعار الأراضي لن تنخفض ولن يتم فرض ضرائب على الأصول العقارية خلال الخمس سنوات القادمة.
أتفق مع قولك هذ أخي الكريم/عبدالله.. ولربما أبعد من الخمس سنوات القادمة !!!.. والله المستعان.
ساهمت وزارة الشؤون القروية و البلدية مساهمة كبيرة في هذا الامر تعقيد و تعطيل وتأخير تصاريح التطوير للإراضي الخام وكذلك تصاريح البناء. حدثني شخص قبل بضعة سنوات عن مماطلات الوزارة في الموافقة على تقسيم الارض والتي اخذت اكثر من سنتين و لم تتم الموافقة حينها. برج حدة الذي يملكه الوليد بن طلال و شركاه اخذت الموافقة على المشروع عدة سنوات (على البرج وحده) شخصياً اعاني من هذه المشكلة منذ سنوات بالرفض ثم الموافقة ثم الرفض ونقلت نشاطي الى دبي بسبب ذلك. المعالجات الجذرية هي الحل وليس استبدال موظف بأخر.
تشكيلي وأشكيلك .. ثم نشتكي معاً للغير !! ))-: ..انه الفساد يا صديقي العزيز فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فساد مييييين !!
الفساد استشرى استاذي مخاوي الذيب بدرجة لا تنفع معه في اعتقادي المعالجات التقليدية بل على الطريقة الصينية ففي نظري الفساد في الاجهزة الحكومية يجب ان يصنف على انه جريمة امن دولة وشرعاً افساد في الارض واعتقد ان تطبيق عقوبتها على بعض الفاسدين سيكون رادع للكثيرين.
بإعتقادي المتواضع أخي الكريم/أبا مقص أن الفساد بأنواعه المختلفة هو سرطان التنمية !!.. فأما أن تقتله.. أو يقتلك ولو بعد حين !!!!... والله المستعان.
فى الخارج لايتم توسيع النطاق العمرانى للمدن بمثل مايحدث عندنا فهم لايوسعون النطاق العمرانى الا بعد ان ينتهى تطوير اغلب اراضى النطاق القديم اما عندنا فان كل من كان لديه منحة مليونية فيتم اعطائه ارض خارج النطاق العمرانى ومن ثم يتم تعديل النطاق ليشملها لذلك اصبح لدينا اراضى كبيرة تقع داخل النطاق العمرانى للمدن بينما فى الواقع المفروض ان وقت انضمامها لم يحن بعد ولاننسى ان هناك لايوجد شىء اسمه المنح المليونية والتى تتيح للبعض السيطرة على مساحات شاسعة من الاراضى لذلك نجد ان الاراضى البيضاء لديهم نسبتها غير مرتفعة كما هو الحال عندنا
تكاليف التوسع الافقي المباشر وغير المباشر تتحمله الدولة غير تكاليف الصيانة للبنية التحتيه .. لكن الامانات والاسكان مقتنعين بهذي الفكرة رغم تأكيد فشلها .. بناء الابراج وتوفير وحدات سكنية اسرع طريقة لحل مشاكل الاسكان وتخفيض اسعار العقار وتقليل الصرف على بنيه تحتيه في مخططات فاضية باسعار مبالغ فيها