تسهم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بنسبة لا تتعدى ٢١٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يصل في أعلى ١٥ اقتصادات العالم في حدود ٤٦٪. وعلى الرغم من الجهود المبذولة للارتقاء بمستوى بيئة الأعمال، إلا أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة لا تزال تعاني من تحديات تحول دون تحقيق المستهدف وفق رؤية السعودية ٢٠٣٠، حيث تتمثل هذه التحديات في وجود تعقيدات في بعض طبيعة الإجراءات النظامية والإدارية، ومستوى الأداء الغير مرضي، وضعف القدرة على جذب الكفاءات، وصعوبة في الحصول على التمويل، إذ لا تتعدى نسبة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة ٥٪ من التمويل الإجمالي وهي نسبة ضئيلة مقارنة بالمعدلات العالمية، حيث تهدف الرؤية إلى زيادة تلك النسبة إلى ٢٠٪ بحلول عام ٢٠٣٠.
ومن هنا فإن التحديات والمعوقات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي تحول دون تحقيقها للأهداف المرجوة منها لا يمكن إزاحتها مالم يكن هناك نموذج يساعد في تحسين الأداء الاقتصادي والمالي بالمنشآت، بما يعطي الثقة العالية لدى المستثمرين والمساهمين والمجتمع بقوة ومتانة تلك المنشآت، وقدرتها على تحقيق معدلات نمو أكبر فضلا عن مستوى مبدأ الشفافية والافصاح التي يتطلع لها أصحاب المصالح، حيث تعزف كثير من المؤسسات المالية عن تمويل تلك المنشآت نظرا لحجم المخاطر المتمثلة في عدم وجود نموذج يضمن قدرة تلك المنشآت من تحقيق أدنى مستويات الثقة في تحقيقها للاستمرارية للعديد من الأسباب.
وعلى الرغم من ذلك، فإن نظام الحوكمة هو النظام الذي به تنجلي تلك التحديات وتذوب في إحترافية المعوقات وتضع المنشأة في المسار الإحترافي الذي من شأنه أن يدعم إستمراريتها وتعظيم قيمتها، ومن هنا يكون الجذب والاستثمار الذي من شأنه أن يعزز لرؤية السعودية ٢٠٣٠ نحو دور القطاع الخاص بشكل عام والمنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص، حيث أثبتت التجارب والدراسة المتخصصة بأهمية حوكمة الشركات وخاصة أعقاب الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية التي شهدها العالم في التسعينات من القرن الماضي إلى ما شهده العالم من أزمة مالية في عام ٢٠٠٨، وما كشفت عنه العديد من الدراسات والتقارير حول أسباب هذه الأزمات وما صاحبها من ظواهر سلبية تمثلت في ممارسات خاطئة للإدارات وحالات الفشل المؤسسي فضلا عن ممارسات الفاسد والتي لا يوجد لها علاج حتى الآن إلا بتطبيق منظومة الحوكمة.
لاشك بأن الحاجة لنموذج محوكم للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بات مطلباً رئيسياً لضمان تحقيق دورها الاقتصادي والريادي، حيث يقع على عاتق هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة مسؤولية كبيرة نحو التطلعات المنشودة والمتمثلة في نجاح المنشآت في تعزيز الاقتصاد المحلي، وذلك من خلال حوكمة عدد محدود من تلك المنشآت ضمن مبادرة نوعية تسهم في بناء النسخة الإحترافية التي تساعد في تعميمها بعد نجاحها على جميع المنشآت للارتقاء بقدراتها نحو تحقيق تطلعات الدولة وذلك بحسب أهداف رؤية السعودية ٢٠٣٠.
خاص_الفابيتا