«الأحداث التي وقعت مؤخرًا كانت غير مسبوقة ولم تحدث من قبل»، هذه العبارة ردَّدها الكثير ممن قام بالتعليق على الأمر الملكي الكريم الذي صدر بخصوص تشكيل لجنة عليا برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد لحصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد، وما تبعه من استدعاء عدد من الأمراء والوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال بهذا الشأن.
الآثار السيئة للفساد لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية فقط، بل تتعداها للجوانب السياسية والاجتماعية والأمنية، وصدور الأمر الملكي الكريم وما تبعه من ضبط لعدد من الشخصيات الاعتبارية لا يُعزِّز فقط التنمية الوطنية في المجتمع، بل ويُكرِّس المنهج الإصلاحي الذي أعلنته الدولة لاجتثاث الفساد وتعزيز مبادئ الحوكمة والمحاسبة والعدالة وحماية حقوق الأفراد والشركات، مما يساهم في دفع عجلة التنمية وتحفيز الاستثمار وضمان حقوق الدولة وحماية المال العام.
الأمر الملكي الكريم كان بمثابة إعلان عن إطلاق عملية تطهير، بل حرب ضد الفساد بكافة أشكاله وأنواعه المختلفة، ليساهم في فتح الأبواب أمام الاستثمارات المحلية والدولية وتعزيز الشفافية والثقة في المناخ الاستثماري بالمملكة، والتأكيد بأن الجميع سيكون تحت طائلة القانون، وأن لا مجال للابتزاز أو الرشوة أو الغش، مما يساهم في خفض التكلفة وزيادة القدرة التنافسية بين المنتجات المحلية والدولية، وكذلك تحسين مستوى المعيشة.
منذ أن تم الإعلان عن رؤية السعودية 2030 ومسيرة الإصلاح مستمرة ولم تقف عند المجال الاقتصادي فقط، بل مضت في إصلاح مجتمعي شامل يُعد نقلة نوعية تنبيء عن مستقبل زاهر يقودها الحزم والعزم، وقد وصفها معالي المستشار بالديوان الملكي والمشرف على مركز الدراسات والشؤون الإعلامية الأستاذ سعود القحطاني في تغريدة عبر حسابه مؤخرًا بأنها (هذه السعودية الجديدة.. والكل عرف وسيعرف حجمه، فقد نهض المارد.. شكرًا سلمان.. شكرًا محمد بن سلمان).
لقد أصابت القرارات الأخيرة بعض الفئات في المجتمع بالخوف والرعب، لأن الأسماء التي نُشرت في وسائل الإعلام وتم الإفادة بأنه قد تم استدعاؤهم والتحفظ على أموالهم هي أسماء كان لها وزن ثقيل في مختلف قطاعات المجتمع، ولم يكن أحد يتوقع أن يتم الاقتراب منها، غير أن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية أكد في جلسته الأخيرة بأن حكومة خادم الحرمين الشريفين ملتزمة التزامًا تامًا بحماية حقوق الأفراد والمؤسسات الخاصة والشركات الوطنية ومتعددة الجنسيات داخل وخارج المملكة، وقد كلف رئيس المجلس الوزراء المعنيين باتخاذ ما يلزم لتمكين الشركات والإدارات التنفيذية في تلك الشركات بمواصلة أنشطتها الاقتصادية ومشروعاتها ومعاملاتها المالية والإدارية في ضوء أنظمتها ولوائحها الداخلية، والمحافظة على حقوق جميع الأطراف ذوي العلاقة.