جاءت لائحة الحوكمة التي صدرت عن هيئة السوق المالية بقواعد تفصيلية لتشمل تحولا في قواعد الحوكمة للشركات المدرجة بالدرجة الأساس، وبشكل ثانوي ربما تكون أداة مناسبة للشركات المغلقة أن تستلهم منها قواعد حوكمة لتكون مهيأة للطرح العام يوما ما أو على الأقل لتكون الشركة ماضية على أساس كبير من الشفافية وبطريقة مؤسسية تضمن استمرار الشركة لعقود مقبلة.
هذا النوع من لوائح الحوكمة قد يتطور مع الوقت، ويتكيف مع حاجة السوق إليه، ولذلك يمكن ملاحظة مسائل تشددت فيها اللائحة في جوانب، بينما اتسمت باللين في جوانب أخرى. سأحاول في هذه المقالة أن أعرض مسألة للنقاش بخصوص لجنة الترشيحات، وهي لجنة أعتقد أن لها أهميتها ولا سيما بالطريقة التي أدخلتها لائحة الحوكمة.
من المعلوم أن لجنة الترشيحات بالنسبة للشركات المساهمة المدرجة أصبحت لجنة إلزامية، أي أن الشركات المدرجة يجب عليها تشكيل لجنة ترشيحات. وقبل أن أبدأ في عرض الإشكال فإنه يستحسن المرور على آلية التشكيل التي نصت عليها اللائحة، فاللائحة حددت أن الجمعية العامة للشركة بناء على اقتراح مجلس الإدارة تقوم بإصدار لائحة عمل لجنة الترشيحات بما في ذلك إجراءات عمل اللجنة ومهامها وقواعد اختيار أعضائها ومدد عضوياتهم ومكافآتهم.
وفي المقابل نجد أن هذه اللجنة تتشكل بقرار من مجلس إدارة الشركة، ثم نصت اللائحة على أن من اختصاصات اللجنة إعداد وصف للقدرات والمؤهلات المطلوبة لعضوية مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، والتوصية لمجلس الإدارة بترشيح أعضاء مجلس الإدارة وإعادة ترشيحهم وفقا للمعايير المعتمدة. والإشكال هنا يمكن ملاحظته في كون أن أعضاء لجنة الترشيحات يتم تشكيلهم من قبل مجلس الإدارة، ما قد يثير إشكالية الاستقلالية في هذه اللجنة.
ولعل إيراد مثال يوضح شيئا من هذا الإشكال، فلو انتهت دورة من دورات المجلس وحان وقت إعادة تشكيل المجلس، وبدأ التقديم على عضوية المجلس وتقدمت مجموعة جديدة للترشح إضافة لأعضاء المجلس الحاليين، فإن وجود لجنة خاضعة أو مشكلة من قبل مجلس الإدارة قد تصعب عملية الترشيح، وقد توجد إشكالا بالنسبة للمتقدمين الجدد.
قد يكون أحد الحلول أن يتم تشكيل أعضاء اللجنة من قبل الجمعية العامة كلجنة المراجعة، ومن الحلول أن تقوم اللائحة بإضافة إجراء وهو أن جميع المتقدمين لعضوية المجلس يجب عرضهم في اجتماع الجمعية ووضع تعليقات أو توصيات من قبل اللجنة وفقا للقواعد والمواصفات التي تم اعتمادها من قبل الجمعية أو من مجلس الإدارة، بحيث يتم ضمان ظهور المتقدمين للمساهمين في الجمعية، وتترك لهم حرية الاختيار بحيث تكون قراراتهم في الانتخاب مبنية على قدر عال من الشفافية والتعدد، إضافة إلى إتاحة الفرصة للمتقدمين الجدد لإثبات جدارتهم بقيادة الشركة.
وعلى الرغم من وجود أكثر من حل نظامي محتمل لهذه الإشكالية، إلا أن ما تم اقتراحه ربما يكون أكثر فعالية وشفافية لو تم تفعيله أو تحسينه وتطويره، ولعل طرحه للمناقشة يفتح بابا لآراء متعددة في هذا الجانب للتطوير من قواعد الحوكمة والشفافية في الشركات.
نقلا عن الاقتصادية