يمكن ملاحظة التوجه نحو التحكيم بشكل عام ونعني بالتحكيم هنا: توجه المتنازعين نحو التحكيم الخاص بدلا من المحاكم أو القضاء العام، بما في ذلك التحكيم في مسائل المنافسة التي أشرت إليها في مقالة سابقة في المسائل التعاقدية. وبغض النظر عن السلبيات التي قد تظهر في الواقع العملي للتجارب التحكيمية، أذكر تجربة نوعية جديدة في التحكيم والمنافسة لوزارة العدل الأمريكية وفقا لما ذكر في موقعهم الإلكتروني. وقبل ذكر التجربة يجدر التنبيه إلى أن مراجعة التركزات الاقتصادية لعمليات الاندماج والاستحواذ تتم عن طريق وزراة العدل الأمريكية وهيئة التجارة الفيدرالية الأمريكية من خلال آلية محددة.
ذكرت وزارة العدل أن في الرابع من سبتمبر عام 2019 رفعت الوزارة قضية للتصدي لهذا الاندماج الذي من خلاله اتفقت الأطراف أنه في حال لم تتم تسوية النزاع خلال وقت معين فإن الأطراف سيحيلونه إلى تحكيم ملزم. وبعد إحالة النزاع للتحكيم وجلسات استماع لمدة عشرة أيام صدر حكم التحكيم لمصلحة الوزارة.
كما أعلنت وزارة العدل الأمريكية أنها كسبت قضية في تجربة تعد فريدة من نوعها أو ما أسمته بالتحكيم الأول من نوعه؛ حيث كسبت قضية تحكيمية في الحكم لمصلحتها في منازعتها بخصوص عملية اندماج بين شركتي Novelis وAleris، كما حكم لوزارة العدل الأمريكية بالرسوم والتكاليف التي تكبدتها الوزارة في التحكيم. وأشار مساعد النائب العام إلى "إثبات هذا التحكيم الأول من نوعه أنه إجراء فعال للحكم الانسيابي لقضية حاسمة في تحد لاندماج، كما هو موضح في هذه الحالة يمكن أن يكون التحكيم أداة قوية لتسوية المنازعات في الظروف المناسبة وأتطلع إلى تطبيق التعلم من هذه الحالة على الأمور المستقبلية.
أنا فخور جدا بفريق القسم الموهوب والمتفاني من المحامين والمساعدين القانونيين والاقتصاديين الذين كانوا رائدين في هذا التحكيم الرائد الذي يمثل القسم بشكل جيد للغاية خلال هذه الإجراءات. "ما قد يشير إلى احتمالية التوجه لمثل هذه التجارب في مسائل قوانين المنافسة، لما قد تنتجه من فوائد ومنها السرعة والترافع أمام مختصين تتفق عليهم الأطراف".
بينما حصلت هذه التجربة على إعجاب جانب من المهتمين إلا أن فئة من المهتمين أبدوا عدم رضاهم من هذه التجربة وعزا بعضهم سوء هذه التجربة لكونها تعني عدم ظهور تفاصيلها وتفاصيل القرار التحكيمي؛ من يعرقل الجانب الإثرائي وجانب السوابق القضائية كون القرار التحكيمي لن يكون متاحا للجمهور، لكن هذا التسبيب والمخاوف منه يمكن معالجته من طرق عدة؛ منها: إنه يمكن الاتفاق بين أطراف التحكيم على ما يتم نشره من الحكم التحكيمي، إضافة إلى كون عديد من الدول لا ينشر تفاصيل القرار الإداري للجان أو حكم المحاكم.
ومن غير الدخول في تفاصيل قرار التحكيم إلا أن ما يهم في هذه التجربة هو ما قد تفتحه التجربة الجديدة لأجهزة المنافسة لما قد يكون لها من فوائد عديدة من إنجاز وترافع أمام تحكيم مختص في مثل هذه المجالات.