يعد البنك الزراعي العربي السعودي أول بنك تنموي أنشأته الدولة السعودية لتمويل المزارعين ومربي المواشي لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية والحيوانية، والتنمية الريفية وتحقيق مصادر دخل مناسبة للمجتمع الريفي عن طريق تقديم قروض ميسرة بدون فوائد للمزارعين لتأمين ما يلزم هذا النشاط مثل المكائن والمضخات والآلات الزراعية ومعدات تربية الأبقار والدواجن والأغنام ومعدات تربية النحل والاسماك وغيرها..
وقد تأسس البنك الزراعي العربي السعودي بموجب المرسوم الملكي رقم (58) وتاريخ 3/12/1382هـ ليكون مؤسسة ائتمانية حكومية متخصصة في تمويل مختلف مجالات النشاط الزراعي في جميع مناطق المملكة، للمساعدة في تنمية القطاع الزراعي ورفع كفاءته الإنتاجية باستخدام أفضل الأساليب العلمية والتقنية الحديثة.
ونظرا للتطورات التي تعيشها المملكة فقد صدر نظام جديد في 29 محرم 1430 هـ باسم :" نظام صندوق التنمية الزراعية" ليحل محل ( نظام البنك الزراعي العربي السعودي )، برأس مال قدره 20 مليار ريال.
وقد صدر امر ملكي بأن ترتبط جميع الصناديق التنموية تنظيميا بصندوق واحد هو صندوق التنمية الوطني، ويشمل ذلك:
(1)صندوق التنمية العقارية
(2)وصندوق التنمية الصناعية
(3)والصندوق السعودي للتنمية
(4)وصندوق التنمية الزراعية
(5)وبنك التنمية الاجتماعية
وهذا يسهل عمل " صندوق التنمية الزراعية " بحيث يبتعد عن البيروقراطية الحكومية التي تؤخر اتخاذ القرارات مما يتعارض مع أعمال البنوك التي تتطلب السرعة.
وتتنوع المشاريع التي يقوم الصندوق بتمويلها بطريق مباشر أو غير مباشر، ويمكن حصرها بالآتي:
1.مشاريع الخضروات والفواكه
2.مشاريع البيوت المحمية
3.مشاريع التمور
4.مشاريع المناحل
5.مشاريع الثروة الحيوانية (الإبل – الأبقار – الضأن – الماعز)
6.مشاريع الدواجن
7.مشاريع الأسماك والربيان
8.منتجات الألبان
9.تمويل استيراد الحطب عن طريق الاعتماد المستندي
10.تمويل بعض المشاريع المتخصصة الأخرى مثل الديك الرومي والبط وتربية الحمام والأرانب وزراعة المشروم وزراعة الأنسجة وغيرها
ويلحظ أن النظام في الفقرة الخامسة من المادة الرابعة سمح للصندوق تقاضي مقابل الخدمات التي يقدمها في سبيل ممارسة نشاطه، مع العلم بأن النشاط الرئيس للصندوق هو تقديم القروض الحسنة، وهذه الرسوم تحتاج إلى نظر فقهي بحيث لا يسمح بفرض رسوم تدخل القرض في الربا المحرم. ومما يؤكد ضرورة عرض تلك الرسوم على المختصين بفقه المعاملات المالية ما ورد في المادة الخامسة – ثانيا – الفقرة الثانية بأن من مصادر الصندوق التمويلية ما يتقاضاه الصندوق مقابل الخدمات التي يقدمها من خلال ممارسة نشاطه بحسب ما يقرره المجلس، ومن المقرر في الفقه الإسلامي أن القرض من عقود الإرفاق، والتربح بالرسوم على القرض محل نظر ويحتاج إلى بحث فقهي.
كما أن الفقرة السادسة من المادة الرابعة سمحت للصندوق باستثمار فائض أمواله بالطريقة الملائمة لنشاطه، وبما لا يؤثر عليه، ويراعي في ذلك ما يمكنه من إنشاء الاحتياطيات اللازمة، ومن المعلوم أن الاستثمارات التي تتعامل بها خزائن البنوك تشتمل على تعاملات لا تقرها الشريعة الإسلامية، مثل سندات الخزينة وبعض الصكوك المتداولة، والودائع لأجل.
ومما يؤكد ضرورة الاستعانة بالمختصين بالفقه المالي ما ورد في المادة الخامسة – ثانيا – الفقرة الخامسة بأن من مصادر تمويل الصندوق إصدار الأوراق المالية وفق الضوابط الشرعية، ووضع الضوابط الشرعية من اختصاص فقهاء المصرفية الإسلامية كما هو معلوم.
كما أن المادة السابعة من النظام نصت على أن الصندوق يقدم قروضا إلى الأفراد والجمعيات والشركات والهيئات والمنظمات التي تعمل أساسًا في القطاع الزراعي في المملكة، وله أن يضمن القروض التي يعقدها المقترضون مع الغير.
ومن الملاحظ أن بعض المنشآت الزراعية قد تحصل على قروض من بنوك تقليدية لا تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، ويتقدمون بطلب ضمان صندوق التنمية الزراعية، وإصدار ضمان لمن يقترض قرضاً تقليدياًّ يحتاج إلى نظر فقهي، والصندوق أسس على أن يتوافق مع الأحكام الشرعية، وهذا يؤكد ضرورة عرض كل طلب ضمان لقرض بنكي على مستشار شرعي في المصرفية الإسلامية ليتم التأكد من أن القرض البنكي متوافق مع الشريعة الإسلامية.
ومما يهم طالب التمويل أن يحرص على إعداد الميزانيات السنوية حتى يتسنى له طلب القروض التي تصل إلى خمسة ملايين ريال فأكثر، وهذا مما يغفل عنه الكثير من المزارعين، وليت الصندوق الزراعي يدعم المزارعين بفريق من المحاسبين برسوم رمزية للقيام بإعداد الميزانيات المطلوبة.
كما أن دراسات الجدوى المطلوبة لبعض القروض تكلف المنشآت الزراعية، ويمكن الإفادة من تجربة صندوق التنمية الصناعية بوضع دراسة جدوى نمطية يكون دور طالب القرض تعبئة الفراغات وجمع المعلومات، ويقترح أن يكون ذلك إلكترونيا عبر الموقع على الشبكة.
وأما طريقة تمويل الصندوق فإنه يقدم القروض بنسبة 75% من جملة تكاليف المشروع حسب دراسة الصندوق ( بعد حسم الإعانة) إذا كان القرض وحده أو كان مجموع القرض وما بذمة المستثمر ثلاثة ملايين ريال فأقل . فإذا زاد القرض وحده أو مجموع القرض وما بذمة المستثمر عن ثلاثة ملايين ريال فتمول الثلاثة ملايين الأولى بنسبة 75% من جملة التكاليف (بعد حسم الإعانة) وما زاد عن ذلك يمول بنسبة 50% . . وتعتبر هذه القروض متوسطة الأجل وبحد أقصى قدرة عشر سنوات .
ويعطي طالب القرض فترة سماح تختلف بحسب النشاط بحيث تتراوح ما بين سنة إلى ثلاث سنوات بل قد تصل إلى سبع سنوات في بعض الحالات اعتبارا من تاريخ توقيع العقد , يبدأ بعدها احتساب تسديد الأقساط.
ومن آخر المبادرات الرائعة التي أطلقها الصندوق فكرة برنامج إقراض الحطب (إقراض استيراد الحطب عن طريق الاعتماد المستندي)، والتي انطلقت من المادة السابعة التي تنص على أن يقدم الصندوق قروضا إلى الأفراد والجمعيات والشركات والهيئات والمنظمات التي تعمل أساسًا في القطاع الزراعي في المملكة، وله أن يضمن القروض التي يعقدها المقترضون مع الغير، فقد طرح الصندوق مبادرة لضمان الاعتمادات المستندية لاستيراد الحطب من الخارج، حيث تقوم الفكرة على فتح اعتماد مستندي لاستيراد الحطب من الخارج، عن طريق البنوك المحلية، بحيث يكون صندوق التنمية الزراعي هو الضامن للمستورد، وهذا يسهل على البنوك اتخاذ القرار بفتح الاعتماد للعميل الجديد أو العميل الذي ليس لديه ضمانات.
ولا زال الفريق القائم على الصندوق يسعى لتطوير أعماله وتنويع طرق خدمة المزارعين وفقا لقدراته، كما أنه يتقبل المبادرات والاقتراحات التي تخدم أهدافه.
وأتمنى من الشباب الطامح للعمل الحر، أن يفكروا جديا بطرق الاستثمارات الزراعية والحيوانية وخصوصا في المناطق الريفية، ويستفيدوا من خدمات الصندوق الذي يرحب بهم ويحتويهم ويخدمهم.
كما أتمنى من الإدارة الحالية للصندوق تسريع إجراءات القروض وألا تكون تعثرات المقترضين سبباً في الإضرار بالمزارعين الجدد، فالوطن لا زال بحاجة إلى خيرات أرضه، وسواعد أبنائه.
خاص_الفابيتا
صندوق التنمية الزراعي وفرص التمويل للمشاريع الصغيرة