عندما تكون إنجازاتنا لا تتوافق مع أهدافنا

08/10/2017 1
م. عماد بن الرمال

حصلت وزارة الطاقة السعوديه على أقل الأسعار  في مزادات الطاقة الشمسية على الإطلاق ، بعد أن فازت  شركة ابوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"  بمشروع الطاقة الشمسية سكاكا قبل أيام بسعر ١.٧٨ سنت لكل كيلو وات ساعة ،ضاربة الرقم القياسي العالمي السابق لمشروع الطاقة الشمسية ابوظبي مقابل ٢,٢٤ سنت / كيلوات ساعه .

وهذا الانجاز يقف خلفه شباب من الوطن يديرون مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة في الوزارة استطاعوا  في فترة وجيزة من الوقت طرح العقد بمواصفاته الفنية واستقطاب الشركات العالمية للمشاركة بهذا الطرح والأهم هو الشفافية التي تخللت مراحل التأهيل وفتح العطاءات .

انجازات كبيرة جدا  حققته وزارة الطاقة ، واعتقد بأني لن اكشف سرا عندما اقول بأن وزير الطاقة الفالح رفض دخول شركة ارامكو وشركة الكهرباء بهذا المشروع  برغم المطالبات والضغوط التي مارستهم الشركتين حفاظا على شفافية الطرح ومنعاً من تضارب المصالح .

وما حصل من انجاز يدل على بعد نظر الوزير وصحة قراره .

والملاحظتين التي سوف اوردهما اليوم لا تقلل من شأن هذا الانجاز الوطني الذي فاجئنا جميعا، ولكن للتذكير بأن انجازتنا لا بد وأن تأتي وفق أهدافنا الاستراتيجية التي وضعها ولاة الأمر وفصلتها بشكل واضح رؤية المملكة٢٠٣٠

أولاً : مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجدده

مبادرة خادم الحرمين الشرفين للطاقة المتجدده لم تذكر رقما لتحقيق مشاريع الطاقة المتجددة ولم تذكر مبلغا مالياً لتلك المشاريع  ذكرت شيئا واحدا فقط هو المواطن ( أن يتم خلق الوظائف للمواطن وبناء صناعه محلية ودعم البحث والتطوير) 

كما أكدت على ذلك التوجه رؤية المملكة ٢٠٣٠ عندما ذكرت بعبارة صريحة توطين الطاقة المتجددة وفقرة أخرى بتوفير وظائف من القطاع الخاص عامة تكفي ل ٤٥٠ ألف مواطن.

المشروع للأسف لم يحقق أي من تلك الأهداف فقد طرح لاستقطاب مصانع خارج الوطن وتقنيات خارجية.

صناعة الطاقة الشمسية غير محتكرة لأحد ونستطيع انشائها بالوطن واستثمار معدن السلكون المادة الخام التي تدخل بالصناعة ومتوفرة بكميات كبيره ونقاوة عالية.

 وبالفعل قد فتحت مصانع سعودية لصناعة الالواح وصناعات أخرى لصناعة مادة البولي سليكون التي تدخل في صناعة الالواح الشمسية ، وجميعها اقفلت وتعمقت خسائرها أكثر مع توجه الوزارة للخارج وعدم اعطاء الوقت الكافي لتأسيس الصناعة محليا أو حتى لتدريب المواطنين لتأهيلهم .

فالمحتوى المحلي المدرج في العقد رقم مخجل جدا ٣٠٪؜ وهو بالكاد يكفي لتوريد الخرسانة والقواعد التي لا يمكن لأي مقاول بإستيرادها من الخارج.

وبهذا الاستعجال في طرح المشروع خسرنا تأسيس صناعة طاقة شمسية سعودية بأيدي وطنية كما رسمت لها الأهداف الاستراتيجية المكتوبة.

ثانيا: هل نحن بحاجة الى ٣٠٠ ميجا في سكاكا؟

الصرف في اقامة مشاريع الطاقة الغير ضرورية أدمان تمارسه شركة الكهرباء على مدى عقود ، نتيجة لترهل مالى واداري وضعف الرقابة من هيئة تنظيم الكهرباء .

لدرجة أن فائض تلك المشاريع من أعلى نقطة سجلها الطلب على الكهرباء هذا العام يصل الى ٢٥ جيجا وات وهي مشاريع مهدرة تكفي لامداد سبع دول عربيه( اعلى حمل لهذا العام ٦١,٥ جيجا وات وقدرات التوليد ٨٧,٥ جيجا وات)

ومنطقة الجوف التي من المزمع اقامة مشروع سكاكا به من المناطق في المملكة التي حظيت باستثمارات كبيرة في مشاريع الطاقة ، وهي لا تحتاج في الفترة الحالية أو حتى بعد ١٠ سنوات أي مشاريع للطاقة سواء تقليدية أو متجددة.

 فقد تم الانتهاء من مشروع ربط المنطقة مع الشبكة العمومية للكهرباء في المملكة باستثمار ٥,٥٠٠ مليار ريال منتصف هذا العام.

هذا المشروع كافي لامداد منطقة الجوف ( اعلى حمل ٤٧٠ ميجا وات) بالكهرباء من مشروع وعد الشمال القريب ومن مشروع ضبا الخضراء في تبوك ومن مصادر توليد الكهرباء في مناطق المملكة كافة والتي لديها وفر بالطاقة ، واخيرا من مشروع الربط الكهربائي مع مصر مستقبلا.

هذا يعني حتى لو تم الاستغناء عن محطة الجوف لتوليد الكهرباء الحالية والتي  تعمل بالوقود  الخام يمكن توفير الامدادات الموثوقه والتي مصدرها الغاز الطبيعي الوقود الرخيص والنظيف لمنطقة الجوف.

اذا مشروع الطاقة الشمسيه في الجوف لن يخدم منطقة الجوف وسوف نضطر لنقل الطاقة الى مسافات طويلة للبحث عن مستفيد من تلك الطاقة مما يزيد التكلفة ويقلل من قيمة المشروع.

لذلك فأني اتمنى أن مشاريع الطاقة التي لا تتوافق مع الاهداف الاستراتيجة للدولة  يتم تأجيلها حتى يتم الانتهاء من تصحيح المنظومة الكهربائيه التي يتم التعامل معه الان.

كما ان خبراتنا وطاقتنا التي برزت في مكتب تطوير مشاريع الطاقة يجب ان توضع ضمن هيكلة اداريه صحيحه تخضع لرقابة هيكلية وان لا تترك مجرد لجنة لا موقع لها من الاعراب.

 

خاص_الفابيتا