نسمع بين الفينة والأخرى أن محلا ما تم إقفاله بسبب وجود منتجات مخالفة أو بسبب غش وخداع من قبل ذلك المحل أو الشركة تم إقفال ذلك المحل أو الشركة. وغالبا يصحب هذا الإجراء رضا شريحة ليست بالقليلة من الجمهور. وعلى الرغم من تفهمي لسبب هذا الرضا من أي مستهلك أو مهتم، واعتقادي بضرورة الصرامة في مسائل حماية المستهلك ـــ التي سأخصص لها مجموعة من المقالات إن شاء الله تعالى ـــ، إلا أن إجراء إقفال المحل مباشرة هي خطوة تثير إشكالا وفقا لنظام محدد، ولعلي أعرض هذا الأشكال للنقاش بشيء من الاختصار.
أولا: أنه وإن كان موضوع أو مفهوم حماية المستهلك هو مفهوم كبير ومتشابك وربما فضفاض، إلا أن كثيرا من مسائل الغش التجاري يحكمها نظام مكافحة الغش التجاري ولائحته. وبالنظر لنظام مكافحة الغش التجاري لا نجد أن النظام يسمح بشكل مطلق لوزارة التجارة والاستثمار أن تقوم بإقفال محل رغم أن خطوة إقفال المحل أو الشركة تعتبر إجراء خطيرا ومؤثرا للمحل أو الشركة.
الذي تعرض له النظام هو أنه في حالة منع التاجر مأموري الضبط القضائي من تأدية عملهم فيما يتعلق بالتفتيش وغيره، فإنه لهم إغلاق المحل لحين حضور التاجر وتمكينهم من الدخول. حتى هذا الإجراء المنصوص عليه في النظام أرى أن يتم تنظيمه وتفصيله وفق آلية واضحة ومحكمة تضمن عدم التعسف في استخدام القوة والصلاحية.
كما تعرض النظام لخيار عقوبة إغلاق المحل المخالف لمدة معينة، إلا أن هذه العقوبة يجب أن تصدر بحكم قضائي من ديوان المظالم لا من الجهة المختصة، ولن أدخل في التفصيل القانوني لمناقشة الفرق بين القرار الإداري والحكم القضائي. حتى الأمر الملكي الصادر عام 1432هـ عندما نص على إيقاع الجزاء الرادع على المتلاعبين بالأسعار، فإن الأمر يفسر أن العقوبة يتم إيقاعها وفق الأنظمة التي نصت على العقوبة.
ثانيا: أنه حتى فكرة إقفال المحل أو الشركة لا أرى أنها أنجع الوسائل، بل الأفضل فرض العقوبات المالية وربما الجنائية كما هي واردة في النظام، إضافة لتعويض المتضررين من المستهلكين والمتعاملين مع المحل. إن وزارة التجارة والاستثمار مستفيدة من تلك الغرامات ماليا إضافة لكون إبقاء المحل يضمن استمرار هذا المحل الذي في نهاية المطاف سيقوم بدفع الغرامة المالية، الذي في حال تعطله أو تعثره قد لا يكون بمقدوره سداد تلك المخالفات. وقد يرد على هذا الرأي عدة اعتراضات أحدها أن إبقاء المحل لا يضمن بالضرورة أن المحل سيكون قادرا على سداد مخالفته لا سيما في حال كون المحل قائما على المنتجات المغشوشة، إلا أنه على الأقل أرى أن يتم إيجاد آلية يتم من خلالها ضمان حماية المستهلك من حيث حمايته وتعويضه في حالة الضرر، ومن جهة أخرى ضمان ألا يكون إقفال المحال إجراء غير فعال قانونيا وربما اقتصاديا وغير مضبوط بوسائل تضمن عدم التعسف.
وللحديث عن حماية المستهلك والغش التجاري بقية إن شاء الله تعالى
نقلا عن الاقتصادية