مما لاشك فيه أن بعض المدن تعاني من عدم توفر الأراضي المخدومة والقابلة للتطوير السكني، نعم مساحة المملكة شاسعة والأراضي البيضاء متوفرة لكن هنا أتحدث عن مدى قابلية تلك الأراضي للتطوير وقربها من الخدمات والمرافق، أيضاً هناك معاناة مع استمرار التمدد الأفقي للمدن الذي يتطلب حجم إنفاق عال من الميزانيات لإيصال البنية التحتية من طرق ومرافق وخدمات، ويؤثر سلباً على أسعار الأراضي بالارتفاع المتزايد.
وفي ظل أزمة السكن القائمة التي تسعى الدولة لحلها ينبغي لوزارة الإسكان أن تتجه لإيجاد الحلول المختلفة لمعالجة الأزمة وتوفير مساكن ميسرة لاسيما لمحدودي الدخل، وهناك تجارب وأمثلة ناجحة للإسكان الميسر في بعض المدن العالمية التي تعاني من قلة الأراضي المخدومة والقابلة للتطوير فعلى سبيل المثال مدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية تبنت مفهوماً جديداً في توفير السكن لذوي الدخل المحدود من خلال الاستفادة من البناء في الفراغ العام في المناطق التجارية بوسط المدينة حيث تبنت هذا الخيار نظراً لقلة توفر الأراضي البيضاء فالمدينة محاطة بالمياه من ثلاث جهات مما يحد من قدرتها على التوسع والنمو العمراني، وهذا الأمر تسبب أيضاً في ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات وبالتالي أصبحت الفئات محدودة الدخل في المدينة تجد صعوبة كبيرة في توفر السكن الملائم وبأسعار تتناسب مع مستوى الدخل لديها.
ولمعالجة ذلك تم إنشاء عدة مشاريع تستهدف إيجاد مساكن ميسرة للسكان في المدينة منها مشروع كاسا ديلا رازا في وسط مدينة سان فرانسيسكو المكتظ بالمباني والأبراج التجارية حيث نُفذَّ هذا المشروع بطريقة مبتكرة من حيث التخطيط والتصميم والتمويل، وتعكس تجربة مشروع كاسا ديلا رازا مدى استجابة بلدية المدينة لطلبات التطوير من خلال السماح للمطور باستخدام حق الفضاء العام فوق المبنى المخصص لمواقف سيارات بإقامة مبنى سكني، ودعمت وكالة كاليفورنيا لتمويل الإسكان هذا المشروع بتقديم قرض تمويلي بدون فوائد للمطور مقابل توفير مساكن ميسره للسكان.
إن واقع أزمة السكن لدينا يتطلب الاستفادة من التجارب العالمية التي تقدم أفكاراً وحلولاً غير تقليدية، كما أنه من الضروري وجود المرونة الكافية لدعم المطورين من حيث التراخيص وأنظمة البناء أو من خلال توجيه الدعم الحكومي للمطورين بتقديم قروض تمويلية حسنة كما هو الحال في تجربة سان فرانسيسكو من أجل زيادة المنتجات السكنية الميسرة.
نقلا عن الرياض
