قبل 3 عقود ابتدأت القصة، يقول الراوي: اقترضنا كثيرا لنبني مصنعنا هذا وكنا ندفع فوائد كثيرة تقدر بـ21%، وخلال 10 سنوات تمكنا من سداده أخيرًا. ويكمل قائلًا: وفي خططنا التوسعية لبناء مصنع آخر لم نشأ أن نخضع لتعسف تلك الفوائد من جديد، فأخذنا نفكر في حل يمكننا من الفرار منها بما لدينا من أموال قد ادخرناها في أحد حساباتنا الجارية والتي تعتبر بالنسبة للمصرف وديعة لكننا لم نكن نأخذ عليها أي مقابل.
وبينما نحن على هذا الحال تقدم مصرف آخر بعرض مقابل نقل حسابنا لديه، فسألناه عن عرضه، فقال: لكم ما نسبته 1% من قيمة الوديعة، فأجاب الراوي بسرعة بديهة: لا تكفينا هذه النسبة، نريد ما نسبته 16%! أجاب موظف المصرف بارتياع شديد: أنت تطلب المستحيل! لا يوجد من يقدم هذه النسبة! ابتسم الراوي قائلاً له: بلى، أنتم ستعطونني 16%، وسأخبرك كيف سيتم ذلك بكل بساطة.
يتحدث الراوي مخاطبًا الموظف: يا سيدي حينما عرضتم علينا نسبة 1%، ما هدفكم فيها؟ أجاب الموظف: نضيف عليها 4% ونقرضها بفائدة قدرها 5%، الراوي: اسمع أما الـ 1% التي عرضتم دفعها فنحن متنازلين عنها لكم، وبالنسبة للـ 4% فهي ما سندفعه نحن لكم، قاطعه الموظف: أتودع أموالك وتعطينا فوقها فوائد! أخبرني بما تريده من هذا كله! أجابه: أعطيك قائمة تحوي أسماء عملائي تقدمون لهم تسهيلات مالية لمدة 3 أشهر/ 4 مرات في السنة، وأنا في كل عملية بيع أحقق ربح قدره 5% وبذلك فإن ربحي السنوي سيبلغ 20%، وبعد أن أدفع لكم ما وعدتكم به يتبقى لي 16%، بذلك يكون العميل قد حصل على تسهيلات بدون فوائد ونحن حصلنا على 16% كربح من الوديعة وأنتم (المصرف) حصلتم على 4% كربح، فالكل رابح!
وهذه يا سادة هي آلية "المصرفية الإيجابية" والتي تختلف فيها الموازين والمفاهيم بفارق بسيط ودقيق، ففي جميع التعاملات المصرفية يأتي دخل المصرف من المقترض الذي يكون رصيده سالبًا، بينما في المصرفية الإيجابية يكون مصدر دخل المصرف آتيًا من المودع صاحب الرصيد الموجب. وهي كذلك ما تحقق نقل عبء الدين من جهة المقترض إلى جهة المودع بما تقدمه له من قروض بلا فوائد.
أما المودع فيقوم بدفع النسبة المقدرة بـ1% للمصرف نهاية كل ربع سنوي نقدًا بشرط أن يتم اقتطاعها من قيمة المبيعات المحققة، بذلك تزداد عمولة المصرف كلما زادت المبيعات وهذا ما يحقق فتح الارتباط بالزمن، ليأخذ المصرف عمولته بناءًا على الخدمة. كما أن هذه الآلية تكفل مشاركة المخاطر المتوقعة من بعض العملاء مع المصرف؛ مما يزيد من تشجيع المصرف على قبول عدد أكبر من قائمة أسماء العملاء التي يقدمها المودع. وغيرها الكثير من المزايا والآفاق الفسيحة عديدة التطبيقات.
فحاجة بطل هذه القصة في التخلص من الفوائد التي تسن على القروض جعلته يخرج باختراع هذه الآلية التي تكفل تقليل عبء الفوائد عليه. شكرا رياض الربيعة، والأحرى والأولى أن يحتفى بهذه الآلية ليتم تطبيقها في أرجاء البلاد؛ لتحقيق النقلة النوعية في طبيعة العمل المصرفي التقليدي.