مراحل نمو الشركات الناشئة من زاوية قانونية

08/06/2017 0
عبدالله بن علي آل سعيد

في رحلة قريبة لأروقة ما يعرف بوادي السيلكون "Silicon Valley" في كاليفورنيا، لمراقبة الدور القانوني المصاحب لتطور أعمال الشركات الناشئة عن كثب لمدة خمسة أيام مكثفة، سألخص في هذا المقال المراحل الاستثمارية في الشركة الناشئة بشكل عام مركزاً على الجانب القانوني لكل منها. عادةً ما يبدأ رائد الأعمال بتمويل التكاليف الأولية البسيطة لتطوير الفكرة الرائدة إلى منتج أو خدمة عن طريق الأهل والأصدقاء والمعارف مقابل حصة في تلك الشركة (مثلاً الحصول على مبلغ مائة ألف ريال مقابل 10% من ملكية الشركة الناشئة)، وهنا عادةً ما تكون العلاقة الاستثمارية مباشرة وبسيطة مبنية على الثقة بعيدة عن "تعقيد المحامين". بعد تطوير الفكرة إلى منتج أو خدمة، تأتي المرحلة التالية التي يحتاج فيها رائد الأعمال إلى تجربة قبول السوق لذلك المنتج أو لتلك الخدمة. وهنا يقوم رائد الأعمال بالبحث عن تمويل تكاليف هذه المرحلة عن طريق مستثمرين يملكون أموالاً جريئة "Angles Investors"، وحيث أنّ المستثمر من هذا النوع في هذه المرحلة يتحمل مخاطر عالية جداً (لعدم معرفة ردة فعل السوق لذلك المنتج أو الخدمة بعد)، فعادة ما يقوم المستثمر بتقديم مبلغ الاستثمار مقابل سند دين قابل للتحول إلى حصة في ملكية الشركة خلال مرحلة التمويل القادمة "Convertible Notes".

إنّ هذه العلاقة تحد من مخاطر المستثمر بحيث يكون لهذا المستثمر الأولوية في استرداد مبلغ الاستثمار من الشركة الناشئة في حال عدم وصول تقييم الشركة الناشئة لاحقاً إلى التقييم المطلوب أو عدم نمو الشركة بالشكل المتوقع، كما أنّ هذه العلاقة تحد من قيام رائد الأعمال من التنازل عن نسبة كبيرة من حصة الشركة.

يجدر برائد الأعمال في هذه المرحلة من مراحل الشركة الناشئة ألا يكون قد تنازل عن نسبة كبيرة من ملكية الشركة وإلا صعب عليه الحصول على استثمار لاحق من صناديق الاستثمار. وفي حال الحصول على ردة فعل إيجابية من السوق تجاه ذلك المنتج أو الخدمة، فعادةً ما تسعى الشركة الناشئة إلى الدخول بقوة في السوق بتكاليف عالية جداً مقارنة بما سبق من المراحل. وهنا يسعى رائد الأعمال بالحصول على تمويل هذه المرحلة من صناديق الاستثمار ذات الأموال الجريئة "Venture Capital Funds". وحيث أنّ موقف الشركة الناشئة في هذه المرحلة أقوى منها في سابقتها، لوجود نتائج التجربة الإيجابية في السوق، فإنّ موقف رائد الأعمال أقوى في التفاوض مع الصناديق الاستثمارية، وأفضل في شكل العلاقة القانونية، فبدلاً من إعطاء الصندوق الاستثماري سند دين قابل للتحول إلى حصة في ملكية الشركة، فإنّ الشركة الناشئة تعطي الصندوق الاستثماري حصة مباشرة في ملكية الشركة الناشئة، لكن في المقابل يحصل الصندوق الاستثماري على مميزات إضافية مثل حق تعيين أعضاء مجلس الإدارة وحق التصويت على أمور معينة يتم الاتفاق عليها، فهي عبارة عن أسهم ممتازة. يجدر الإشارة هنا إلى أنه من صالح كل من رائد الأعمال والمستثمرين في الشركات الناشئة عدم تقلص ملكية رائد الأعمال إلى نسبة قليلة حيث يقل معه حافز رائد الأعمال إلى التطوير المستمر للشركة الناشئة. 

وأخيراً، فإنه مما يهم رائد الأعمال والمستثمرين في جميع المراحل السابقة وجود طريقة للتخارج من الشركة الناشئة في المستقبل القريب وذلك إما عن طريق عملية الدمج والاستحواذ كأن تستحوذ شركة كبرى على تلك الشركة الناشئة، أو من خلال الطرح الأولي في السوق كأن تطرح تلك الشركة الناشئة التي أصبحت (شركة صغيرة أو متوسطة) في سوق الأسهم مثلاُ، لذلك قد يكون من الحنكة أن ينظر رائد الأعمال إلى شركته الناشئة بشكل عكسي ليساهم ذلك في إنجاح مراحل تطور شركته الناشئة.

خاص_الفابيتا