أكدت التقديرات الصادرة عن «جلوبال سمنت» مطلع الشهر الجاري، على أن الإنتاج العالمي من الأسمنت خلال السنوات الثلاث المقبلة سيرتفع من مستواه الحالي بمعدل سنوي مركب مقداره 6% ليبلغ 3.4 مليارات طن بحلول عام 2020، لتأتي الصين في المرتبة الأولى بين أكثر الدول إنتاجا، بحصة تفوق 57%، تليها الهند وأميركا وكوريا الجنوبية، بينما تأتي روسيا في المرتبة السابعة، والمملكة في المرتبة الثانية عشرة، بحجم إنتاج قد يصل إلى أكثر من 66 مليون طن، من خلال 17 شركة صناعية مهيأة للارتفاع إلى 26 مصنعا سعوديا.
ومع أن المصانع السعودية حققت هذه المرتبة المتقدمة نتيجة استفادتها من رخص أسعار المواد الخام والدعم الحكومي لأسعار الوقود، الذي شكل 35% من إجمالي تكلفة الإنتاج وقارب 114 ريالا سعوديا للطن الواحد من إنتاج الاسمنت، لترتفع قيمة هذا الدعم إلى 7.7 مليارات ريال سنويا، إلا أن هذا الدعم أدى بدوره إلى ارتفاع استهلاك مصانع الأسمنت السعودية للوقود عن المعدل العالمي بنسبة 340%، مما دفع الدولة إلى مطالبة شركات الأسمنت بضرورة تخفيض استهلاك الوقود، من خلال إعادة تأهيل المعدات، واستخدام التقنيات المتقدمة لزيادة كفاءة الإنتاج.
وعندما تزامنت هذه النتائج مع ارتفاع معدل الطلب على الأسمنت داخليا خلال عام 2007، قامت الدولة بتحديد عدة معايير لكفاءة استخدام الطاقة، ونوعية الوقود المستخدم في التصنيع، وكمية التصدير بالطن لكل مصنع، والفرق في سعر الوقود بين السعر الحكومي المدعوم والأسعار العالمية، وذلك لاحتساب رسوم التصدير، التي اتضح أنها تتراوح بين 85 و133 ريالا للطن الواحد من الأسمنت، مما حدا بالدولة إلى وضع الضوابط اللازمة للحد من تصدير الأسمنت وتحديد أسعاره المحلية، ما أدى إلى انخفاض مبيعات الشركات السعودية بنسبة تراوحت بين 20% وحدود 47%، وصاحب ذلك ارتفاع مخزونها بنسبة 250% وهبوط أرباحها بنسب تراوحت بين 8% و12%.
هذه القرارات لم تؤثر سلبا فقط على صناعة الأسمنت السعودية، بل طالت الدول المجاورة التي كانت تعتمد على استيراد الأسمنت من المملكة، حيث ارتفعت أسعار الأسمنت بنسبة 50% في البحرين و40% في قطر و30% في اليمن والأردن. كما فقدت المصانع السعودية حصتها التصديرية في الأسواق الإقليمية التي كافحت طيلة عقد من الزمن لاكتسابها وتنميتها، لتبلغ عوائدها قبل فرض الحظر في عام 2007 أكثر من 1.4 مليار دولار أميركي.
واليوم، على الرغم من النظرة المستقرة للاقتصاد المحلي، يستمر تراجع أرباح مصانع الأسمنت السعودية بسبب تخفيض الإنفاق الحكومي العام، حيث لن تتوافق مبيعات الأسمنت خلال العام الجاري مع مستويات الطلب في العام الماضي، بل قد تتراجع بنسبة 3% مقارنة بارتفاع بنسبة 8% عام 2016، لتتراجع هوامش ربحية الشركات نتيجة للارتفاع الجديد في تكلفة الوقود وتخفيض الدعم، خاصة وأن مخزون الكلنكر لدى الشركات السعودية ارتفع من 4 ملايين طن في عام 2013 ليصل إلى أكثر من 28 مليون طن مطلع العام الجاري.
وللتوصل إلى الحلول الناجعة لمعضلة الأسمنت السعودي، والنهوض بهذه الصناعة وإزالة العوائق التي تواجهها، علينا تحقيق الخطوات النظامية التالية:
أولا: ضرورة التقيد بالتزامات المملكة الواردة في وثائق انضمامها لمنظمة التجارة العالمية، والمعتمدة بالأمر السامي رقم م/54 وتاريخ 21/9/1426، والقاضية باستخدام لوائح التصدير المذكورة في الفقرات (179-186) من تقرير فريق العمل، الصادر بالوثيقة رقم ((WT/ACC/SAU/61 وتاريخ 1 نوفمبر 2005، والتي تتعهد المملكة فيها بعدم الإبقاء على أي نوع من أنواع الحظر على التصدير، إلا على 13 بندا مثل شتلات النخل وخيول التهجين والقمح وطحين القمح المدعومين، المذكورة في الملحق (1/أ) من التقرير والخاضعة للمادة 20 (أ، ب، د، و، ي) من اتفاقية الجات. كما أكدت هذه الفقرات على عدم وجود تراخيص للتصدير في المملكة إلا على 47 بندا، مثل المواد المشعة والرمل والرخام والوقود وغذاء الأطفال، المذكورة في الملحق (1/ب) من التقرير والخاضعة للمواد 2:11 (ب) و20 (ب،د) من اتفاقية الجات، على أن يتقدم التاجر أو المصنع بطلب الحصول على هذه التراخيص دون دفع رسوم محددة مقابلها.
ثانيا: ضرورة فتح الأسواق السعودية للمنتجات الأجنبية لتحقيق التوازن المطلوب بين العرض والطلب، وفرض الكفاءة الإنتاجية اللازمة على المصانع السعودية لتعزيز تنافسيتها أمام المنتجات الأجنبية المماثلة، تنفيذا لأهداف الدولة الرامية لتحقيق رفاهية المواطن وتنمية الاقتصاد الوطني، وذلك بدلا من اللجوء إلى حظر تصدير الأسمنت خلال عام 2007 وتحديد أسعاره المحلية للوفاء بالمشاريع العملاقة التي التزمت بتنفيذها، حيث إن هذه الخطوات أخلت بالميزان المالي لشركات الأسمنت السعودية، وأضعفت قدرتها على تصدير منتجاتها للأسواق المجاورة وحرمتها من المزايا التنافسية التي تستحقها بعد أن بنت عليها جدواها الاقتصادية.
ثالثا: ضرورة مواصلة المملكة مسيرتها المميزة في تطبيق مبادئ اقتصاد السوق والتجارة الحرة التي طالما افتخرت بها، بدلا من حظر التصدير أو فرض تراخيص عليه، وذلك للاستفادة القصوى من ترحيب الاتفاقيات الدولية بالمزايا التنافسية التي تتمتع بها المنتجات السعودية عن غيرها في الأسواق الدولية، والهادفة لتنمية المحتوى المحلي، وزيادة وتيرة الصادرات غير النفطية، ودعم التكامل الصناعي الرأسي، ومضاعفة الاستثمار الوطني.
لعل المملكة تعيد النظر في رفع الحظر عن تصدير الأسمنت وإلغاء تراخيص تصديره حفاظا على مكانتها التجارية في الأسواق الإقليمية والعالمية.
نقلا عن الوطن
من المهم جدا رفع الحظر عن تصدير الأسمنت وإلغاء تراخيص تصديره ،، حتى يتسنى للشركات المنافسه خارج حدود الوطن و كسب المزيد من الحصص السوقيه ،، تحياتي
المفروض تشجيع تصدير المنتجات السعودية للخارج وفي حالة الاسمنت ان تكتفي الدولة باستقطاع نسبة من الربح تكون عادلة للسركات وللدولة بدل فرض حظر على التصدير او فرض مبالغ عالية تقضي على ربجية الشركات من التصدير خصوصا مع تكدس انتاج المصانع وعدم وجود مشاريع حكومية فلا بد من تغيير الانظمة بما يتوافق مع الربحية للطرفين وان تكون القرارات سريعه فلا يوجد وقت لتضييعه
كلام جميل مبنى على خلفيه فنية رائعة
ألف شكر د. فوّاز. لكل بلد ميزه تنافسيه، ومن الحكمه الاستفادة منها. الا نرى العمالة الصينيه والهندية في كل مكان وبأرخص الأسعار - وهذه ميزة للبلدان ذات الموارد الغذائيه الرخيصة وكثرة السكان. هل نتخيل أن تأمر حكومتي الصين والهند برفع اجور عمالتهما لتتعادل مع أجور العمالة في الخليج او أوروبا. ربما نضحك من منطق كهذا، ولكن الاقتصاد يعتمد على "الاستفادة القصوى من الميزات التنافسيه" ودون الاضرار بالبلد أو المواطنين أو مخالفة التعهدات الدوليه. من ميزاتنا التنافسيه وجود الصحاري والهضاب (أحجار جيريه). وهذه الهضاب لا يسكنها الا حفنه من الضبان. وهذا مورد رخيص للإسمنت والزيت تكلفته على السعوديه تكاد تكون من الأقل عالميا - أليس كذلك؟ دون الإستفادة القصوى (والمنضبطه) نخسر الموارد التي قد تهدر دون عائد أو قد لا تستخدم أبداً. وجهة نظر!!!
الميزة التنافسية لقطاع الإسمنت السعودي قائمة على أمرين : وقود مدعوم ، ورسوم محاجر زهيدة لا يمكن أن تسمح الدولة لشركات الإسمنت بالتصدير وقد قامت بالإنتاج بناء على الدعم لذا فقرار وزارة الطاقة واضح جداً : ادفع الفرق وصدِّر لأي مكان لو سمحت الدولة بالتصدير بدون دفع الشركات لفرق الدعم لأصبحت العملية وكأن الدولة تبيع الوقود للشركات بأسعار زهيدة وهذه الشركات تقوم بتصديره لتستفيد من فرق الأسعار بين الحصول عليه وأسعاره عالمياً وهذا غير منطقي إطلاقاً