استند قرار وكالة "فيتش" Fitch Ratings للتصنيف الائتماني الأخير الصادر عنها، بتخفيض تصنيف إصدارات السعودية طويلة الأجل بالعملة المحلية والأجنبية Issuer Default Rating (IDR) بواقع درجة واحدة إلى A+من -AA، إلى التراجع في أداء الميزانية العامة والخارجية للدولة، والأداء المالي الأسوأ مما كان متوقعاً في العام الماضي (2016)، وشكوكها حول قدرة المملكة على تنفيذ برنامجها الإصلاحي الطموح.
رغم هذا التصنيف المتراجع لوكالة "فيتش" للإصدارات السعودية للعملة بشقيها المحلي والأجنبي طويل الأجل إلى A+، إلا أن التصنيف المتراجع لا يزال قوياً ومتيناً كونه لا يزال يعبر عن الجودة الائتمانية العالية للإصدارات المصنفة في درجات (A) بمختلف فئاتها، والتي تتصف بمخاطر ائتمانية ومخاطر عدم سداد منخفضة، وتعبّر في ذات الوقت عن قدرة عالية على الوفاء بالالتزامات المالية.
إن اللافت للانتباه لتقييم وكالة "فيتش" المتراجع للإصدارات السعودية للعملة، مصاحبته لترقية للنظرة المستقبلية للاقتصاد من سلبية إلى مستقرة، والذي يُعد من وجهة نظري في حد ذاته تأكيداً على قدرة المملكة في التعامل مع التحديات المستقبلية التي تحيط باقتصادها وبماليتها العامة، بما في ذلك مفاصل الاقتصاد الوطني المختلفة نتيجة للانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية، التي شهدت انخفاضاً بأكثر من 45 في المئة في عام 2015 عن ما كانت عليه في العام الذي يسبقه.
كما أن اللافت أن ذلك التخفيض لن يقلل من قيمة التطورات الأخيرة التي طالت المالية العامة للدولة، حيث على سبيل المثال، قد فاقت الإيرادات العامة للدولة في عام 2016 التوقعات، مسجلة 528 مليار ريال، وارتكاز ميزانية الدولة على أساسيات قوية ومتينة، وتقدير أصول مؤسسة النقد بنحو 84 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، والتي تُعد ثالث أكبر نسبة من حيث الناتج المحلي عالمياً.
كما قد أثبتت المملكة قدرة فائقة على استقطاب المستثمرين المحليين والدوليين للاستثمار في أدوات الدين، حيث قد نجحت بتلك القدرة بإصدار سندات مقومة بالدولار الأميركي في أكتوبر 2016 بقيمة 17.5 مليار دولار أميركي، والذي يُعد أكبر إصدار في الأسواق الناشئة.
إضافة إلى ما سبق، فقد أثبت القطاع المصرفي السعودي، الذي يُعد أحد أبرز وأهم مفاصل الاقتصاد الوطني، بل وعموده الفقري، قدرة فائقة على الاستمرار في الأداء المالي المتميز بشهادة الوكالة كخامس أقوى نظام مصرفي على مستوى العالم، بعد النظام المصرفي الاسترالي والكندي والسنغافوري والسويدي، وذلك بفضل وكما أشار التقرير الصادر عن الوكالة، للمؤشرات القوية للقطاع التي أهلته للبقاء في التصنيف "A"، والذي يُعد التصنيف الأقوى للأنظمة المصرفية على مستوى العالم.
نقلا عن الرياض