في شهر فبراير 2017 أشهرت هيئة السوق المالية قرار مجلس إدارتها بخصوص اعتماد لائحة حوكمة الشركات بديلا عن لائحة حوكمة الشركات الصادرة بقرار مجلس الهيئة رقم 1-212-2006، وتاريخ 21/10/1427هـ الموافق 12/11/2006م، على أن يُعمل باللائحة اعتبارا من تاريخ 22/4/2017م، باستثناء عدد من المواد التي تبلغ (8) والفقرات البالغة (21) والتي يفترض أن يُعمل بها من تاريخ 31/12/2017م. برغم أن نص اللائحة المنشور تضمن مواد وفقرات استرشاديه غير ما تم نشره مع خبر الاشهار على رابط الهيئة
(https://cma.org.sa/Market/NEWS/Pages/CMA_N_2187.aspx).
اللائحة في شكلها الجديد تجاوزت كثيرا اللائحة السابقة والتي صدرت في عام 2006 كردة فعل حينذاك على الانهيار الذي واجه سوق الأسهم المحلية في فبراير من عام 2006. وبالتأكيد كثفت موادها في معالجة عدد من القضايا لم تنل نصيبها في اللائحة القديمة –وسيتم مناقشتها بتفصيل أكثر في مقالات قادمة-، اللائحة كانت نتاج جهد مشترك بين هيئة السوق المالية ووزارة التجارة والاستثمار، وجاءت من ضمن مبادرات الهيئة لتطوير السوق المالية في المملكة. وتضع وزارة التجارة على موقعها الرسمي نسخه من مشروع اللائحة تختلف بعض الشيء في محتواها، خصوصا في المقدمات والتعاريف "كمسودة"، وربما ترى الوزارة أنها الأحق بإصدار وتنظيم نظام حوكمة الشركات في المملكة تباعا لدورها في تشريع نظام الشركات والذي أعيد إصداره في 28/1/1437هـ كتطوير للنظام السابق والصادر عام 1965 وما تبعه من إضافات وتعديلات. ولكن قد يتسبب وجود نسختين مختلفتين من اللائحة في ارباك المتلقين والمستفيدين.
اللائحة جاءت في اثنا عشر بابا تحوي ثمانية وتسعون مادة وملحق واحد لجداول مكافآت أعضاء مجلس الإدارة، وكبار التنفيذيين، وأعضاء اللجان. الباب الأول تحدث عن الأحكام التمهيدية، فيما جاء الباب الثاني للحديث عن حقوق المساهمين، والحقوق المرتبطة باجتماع الجمعية العامة. والباب الثالث مجلس الإدارة وتحدث عن تشكيل المجلس، المسؤوليات والاختصاصات، رئيس وأعضاء المجلس، إجراءات عمل المجلس، التدريب والدعم والتقييم، تعارض المصالح. وفي الباب الرابع اللجان المشتركة كلجنة المراجعة، ولجنة المكافآت، ولجنة الترشيحات، ولجنة المخاطر. وفي الباب الخامس الرقابة الداخلية. ثم مراجع حسابات الشركة في الباب السادس، وأصحاب المصالح في الباب السابع. الباب الثامن أفرد للمعايير المهنية والأخلاقية والباب التاسع للإفصاح والشفافية، فيما بقية الأبواب للأحكام العامة كتطبيق حوكمة الشركات، وحفظ الوثائق، والاحكام الختامية.
مفردة لائحة Regulation تعني قاعدة أو أمر صادر عن سلطة تنفيذية أو هيئة تنظيمية حكومية وقد تكون لها قوة القانون كما ترد في بعض قواميس اللغة. اللائحة يمكن أن تقر من مجلس إدارة الهيئة لكن في حال كونها نظام فهي بحاجة إلى سلطة أعلى لإقرارها ومراجعتها. في الولايات المتحدة الأمريكية يسمى نظام حوكمة الشركات Sarbanes-Oxley Act والذي أخذ شرعيته بإجازته من الكونجرس الأمريكي وفي المملكة المتحدة يسمى UK Corporate Governance Code (The Combined Code) والذي يعد جزء من نظام الشركات The Companies Act. والسؤال الذي أنهي به هذا الجزء من المقال هل نحن بحاجة إلى نظام لحوكمة الشركات يكون جزء من نظام الشركات المقر من مجلس الوزراء والذي يمر بخطوات تشريعية معروفة؟ وهل نحتاج فعليا للفصل بين أدوار الهيئات والوزارات التشريعية والتنظيمية والرقابية؟
بالتأكيد الهيئة بذلت جهد كبير في إخراج هذه اللائحة، ووزارة التجارة والاستثمار ساهمت في ذلك، لكن الخطوات التشريعية تحتاج أن تسير وفق حوكمة معروفة وشفافة.
حوكمة الشركات ... نظام أم لائحة