لعل أبرز المعلومات التي ستلفت أنظار المراقبين مع إصدار السعودية لصكوكها الدولية خلال الأسابيع القادمة هي الأصول التي ستختارها المملكة ليرتكز عليها الإصدار. شخصياً أتوقع أن مكتب إدارة الدَين قد قام منذ فترة طويلة بحصر أصول الدولة «غير الحساسة» والتي يمكن استخدامها مع الإصدار الدولي.
فعندما يتعدى حجم الإصدار المليارات فإنك بالتأكيد ستحاول التفكير بالأصول الحكومية ذات القيمة العالية مثل الملاعب والمنشآت الضخمة. يتم في العادة بيع حق الانتفاع بالأصول إلى شركة الأغراض الخاصة. من وجهة النظر القانونية، فإن الأصول التي تقوم عليها الصكوك تكون مملوكة من قبل الشركة المصدرة وليس من قبل حاملي الصكوك، الذين تكون لهم أحقية ضعيفة في تلك الأصول.
وشخصياً أتوقع أن إصدار السعودية القادم سيكون مرتكزاً على الأصول (asset-based) بحيث يوفر الحماية القانونية للأصول التي سنستخدمها بالإصدار. ولذلك أتساءل: هل سنستخدم مع هذا الإصدار أو الإصدارات المستقبلية ملعب الجوهرة؟ دعونا ننتظر ونرى ماذا ستقوله لنا نشرة الإصدار.
الصكوك والمطارات السعودية
لغير المتخصصين الذين يحاولون فهم الارتباط بين السندات الإسلامية والأصول، فإن أبسط مثال لذلك هي صكوك هيئة الطيران المدني والمطارات الثلاثة التي تم استخدامها. ذلك الإصدار التاريخي في 2012 (البالغ 15 مليار ريال) كان وراءه مدير مكتب إدارة الدَين الحالي فهد السيف عندما كان يعمل لصالح بنك «اتش اس بي سي السعودية». كانت تلك الفترة بداية وهج المصرفية الاستثمارية للوحدة البريطانية نحو أسواق الدين الإسلامية بالسعودية بقيادة فهد السيف.
في البداية علينا أن نشير إلى أن الغرض من ذلك الإصدار هو تغطية تكاليف بناء مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة. وذُكر في نشرة الإصدار حينها أن مجموعة بن لادن ستكون مسئولة عن عملية البناء هذه المتعلقة بالمطار الجديد. ويندرج هذا المشروع تحت مظلة المشاريع التي تعرف عند المصرفيين الاستثماريين بمشاريع «تسليم المفتاح» (Turn-Key) والذي سيسلم مفاتيح المطار الجديد هنا هي مجموعة بن لادن.
ويتضح من تحليل أصول الصكوك أن محفظة الصكوك هذه قائمة على عقد «المضاربة (51 %) والمرابحة (49 %).
بخلاف الهياكل التقليدية, تتوزع أصول الصكوك على:1) الأصول التي تم شراؤها بعقد المضاربة. 2) اتفاقية المرابحة. 3) الفوائض الزائدة الموجودة في «صندوق الاحتياطات». 4) أرباح الاستثمارات القادمة من «المرابحة».
ما يهمنا هنا هي الأصول التي تم شراؤها من هيئة الطيران المدني لصالح حملة الصكوك مقابل عقد المضاربة. فبموجب هذه الهيكلة يحق لحملة الصكوك الحصول على الرسوم التي تدفعها الطائرات لقاء:
1) هبوطها على المطارات الثلاثة التي سيتم ذكرها بعد قليل. 2) وكذلك الرسوم التي يتم دفعها لقاء استخدام مواقف الطائرات في المطارات الثلاثة وهي: 1) مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة. 2) مطار الملك فهد الدولي بالدمام. 3) مطار الملك خالد الدولي بالرياض.
وهذه الهيكلة متشابهه تماماً مع صكوك الإجارة القائمة على «انتفاع» حملة السندات من التدفقات النقدية القادمة مع الأصول. إلا أنه وبعد قراءة متعمقة لنشرة الإصدار يتضح أنه تم هندستها مالياً لتصبح قائمة على عقد «المضاربة». و المضاربة عبارة عن شراكة في المال بين «رب المال» والعمل من جانب «المضارب». أي أن هيئة الطيران المدني هي المضارب هنا. وسيكون لها نسبة من الأرباح لقاء خبرتها الإدارية في إدارة هذه الأصول.
نقلا عن الجزيرة