ما العلاقة بين نطاقات الموزون وتقرير ماكينزي ؟

19/01/2017 2
محمد عبدالله الزهراني

أشار تقرير ماكينزي بناءً على إحصاءات صادرة عن هيئة الإحصاءات العامة السعودية فيما يخص سوق العمل السعودي إلى أنه من المتوقع نمو حجم العاملين بسوق العمل من 11 مليون عامل إلى 15 مليون عامل وذلك بضخ ما يزيد عن 6.260.000 وظيفة بسوق العمل للسعوديون منها 4 مليون وظيفة جديدة وأكثر من 2.260.000 وظيفة إحلال سعوديين بدلاً من الأجانب حتى عام 2030 ، في المقابل سيتم تقليص عدد المورد البشري الاجنبي من 6.160.000 عامل إلى 3.900.000 عامل بالسوق السعودي معتمداً التقرير على معايير وعوامل رئيسية موازية تماماً لرؤية 2030 التي أنكرت بدورها ماكينزي أن يكون لها علاقة لا من قريب ولا من بعيد برؤية 2030 ، من تلك العوامل والمعايير على سبيل المثال:

*رفع نسبة الإناث في سوق العمل.

*رفع نسبة السعوديين العاملين بالقطاع الخاص.

*رفع متوسط دخل العامل السعودي من 3000 دولار إلى 9000 دولار.

*رفع كفاءة وانتاجية المورد البشري السعودي.

*تقليص عدد الموظفين بالقطاع الحكومي.

*أن يكون المورد البشري السعودي لاعباً رئيسياً في التحول الاقتصادي على مدى الأربعة عشرعاماً قادمة.

*بالإضافة إلى التنوع الاقتصادي لتنويع مصادر الدخل ورفع نسبة الصادرات غير النفطية والتي لن تكون في محور تركيزنا في هذا المقال.

نعود هنا لسؤالنا الرئيس الذي انطلقنا منه: مالعلاقة بين نطاقات الموزون والتوازن المالي وماكينزي ؟

برنامج نطاقات الموزون هو أحد برامج وزارة العمل وأحد أدوات برنامج التحول الوطني 2020 وصُمم على معايير ٥ رئيسية :

*معدل السعوديين بالمنظمة (المعيار الوحيد المعمول به سابقاً).

*نسبة الإناث السعوديات من إجمالي الموظفين بالمنظمة.

*متوسط رواتب السعوديين بالمنظمة.

*نسبة السعوديين من ذوي الدخول المرتفعة بالمنظمة.

*معدل سنوات بقاء السعوديين بالمنظمة.

وهنا نجد أن معايير نطاقات الموزون متطابقة تماماً مع ما أتى به تقرير ماكينزي ويعمل نطاقات على تنفيذ أجزاء من التقرير من خلال تشريع معاييره وتطبيقها على منظمات القطاع الخاص، مماسيجبر القطاع الخاص على المحافظة على العامل السعودي ودفع أجر أعلى له.

تناغم آخر مع ماكينزي والعمل على تنفيذ جزء آخر من التقرير صنعه برنامج التوازن المالي حينما قامت وزارة الخدمة المدنية قبل بضعة أشهر بإلغاء مجموعة من البدلات والعلاوات لموظفي القطاع الحكومي وفي ذلك توجيه غير مباشر بأن القطاع الحكومي أصبح غير محفزاً للعمل أو البقاء به، مما سيجعل الكثير من موظفيه  يبحثون عن فرص أفضل في القطاع الخاص، بالإضافة إلى التصريحات المباشرة من وزير المالية عشية إعلان ميزانية الدولة لعام 2017 بتوجه الدولة بتقليص تكاليف الوزارت من خلال الخصخصة ودعم القطاع الخاص كشريك في التنمية وتوجيه موظفي الدولة الحاليين لبحث فرص عمل أفضل به.

في جانب آخر ذكر كثير من المحللين أن تقرير ماكينزي افلاطوني ووردي اللون وكذلك الرؤية .. وهنا أريد التعليق بحكم التخصص والممارسة المهنية بأن سوق العمل به تشوه مزمن ولابد من التدخل لإصلاحه وقد حصل ذلك بالفعل من خلال الرؤية وبرامجها مثل التحول الوطني 2020 وبرنامج التوازن المالي وغيرها من البرامج. إنجاح الرؤية وإصلاح التشوه الاقتصادي وجعل المورد البشري السعودي لاعباً رئيسياً لذلك الإصلاح له أطراف عدة : (القطاع الحكومي – القطاع الخاص – المورد البشري السعودي).

القطاع الحكومي :

1-  وزارة الخدمة المدنية ستزيد من التضييق على الموظفين بالقطاع الحكومي من خلال خصخصة بعض القطاعات وتغيير بعض الإجراءات والمميزات  بُغية تقليص الترهل الحاصل بهياكل الوزارات وتقليص تكاليف التشغيل والمصروفات ومحاولة رفع إنتاجية الموظف السعودي، حينها سيتجه أولئك الموظفين إلى القطاع الخاص إما كموظفين أو كريادين (أصحاب أعمال) وفي ذلك رفع لقيمة ذلك القطاع، ولكن هنا أؤكد أنه لابد أن يكون القالب جاهزاً لاحتوائهم دون الضرر بالمورد البشري أو سوق العمل.

2-  وزارة العمل لابد أن تساهم بشكل مستمر في خلق الفرص المتعددة للسعوديين وخلق بيئة تشريعية داعمة ومحفزة من خلال تهيئة الأنظمة والإجراءات ومواد نظام العمل ولائحتها التنفيذية  لتنعكس ايجاباً على توطين الوظائف التي لايعمل بها إلا السعوديون، بالأخذ بالاعتبار الوفرة والندرة في التخصصات وضرورة تواجد العنصر الأجنبي خصوصاً في تخصصات الندرة للاستفادة من قدراته وإضافة قيمة لسوق العمل.

3-  دور كبير يجب أن تؤديه وزارة التعليم من خلال فتح خطوط ساخنة ومفتوحة مع وزارة العمل ووزارة التخطيط فالمرحلة القادمة صناعية بامتياز والثورة القادمة صناعية أيضاً، جدية الدولة واضحة لتقليص العمالة الأجنبية وإحلال السعوديين بدلاً منهم خصوصا في مجال الصناعة، فلابد أن تواكب الجامعات والكليات التقنية والصناعية ذلك من خلال إنشاء مراكز للأبحاث تساهم في زيادة الابتكار والاختراع وبحث التخصصات التي يحتاجها السوق وتوجيه الطلاب عليها وإنشاء برامج دبلومات متعددة تغطي احتياج السوق من الايدي العاملة الصناعية، بل حتى المدارس يجب ان تنمي لدى النشأ الفكر الصناعي وحب الاختراع والابتكار لتهيئتهم للمرحلة القادمة.

القطاع الخاص :

يتمثل بالمنظمات والكيانات التجارية والصناعية ، فلابد لها أن تكون على يقين بأنها تعيش في المملكة العربية السعودية وتتبع لأنظمتها وقوانينها ولدى الدولة رؤية واضحة وسنت وتسن القوانين والانظمة بما يتناسب مع رؤيتها، ومن الضروري أن تتعايش وتتصالح تلك الكيانات مع الرؤية وتكون خير داعم لها فاستدامتها في المرحلة المقبلة مرهون بحسن قراءتها لرؤية المملكة للأربعة عشر عاماً القادمة، ومساهمتها في التوطين والإحلال سيدعم بقاءها واستمراريتها ككيان ربحي وإلا ستصطدم بأزمة ندرة المورد البشري السعودي المدرب والمنتج لديها بحجة أن المنظمة غير قادرة عن الإستغناء عن المورد البشري الأجنبي. 

على الشركات بالقطاع الخاص أن تنتهج على الأقل الاستراتيجيات التالية للفترة القادمة:

**تغيير استراتيجيات التوظيف

*البدء بالتنقيب بجدية عن الكفاءات السعودية وإغراءها والمحافظة عليها كخيار أول لوظائفها الجديدة.

*البدء تدريجيا في توظيف السعوديين وإحلالهم في وظائف الأجانب في وظائف الوفرة .

*تفعيل قنوات التوظيف المختلفة مثل (العمل عن بعد – توظيف الطلاب – توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة) وتصميم برامج تدريب خاصة بحيث تكون فئات منتجة داخل المنظمة.

**تغيير السياسات الداخلية للمنظمة

*تغيير السياسة الداخلية لتقليص معدل دوران السعوديين بالمنظمة بإضافة المزيد من المزايا للسعوديين .

*الشركات ذات النشاطات المناسبة لعمل المرأة عليها إعادة النظر في تطوير بيئة العمل مثل توفير ( مواصلات – حضانة للأطفال – أوقات عمل أقل – مميزات خاصة بالموظفات – ...... الخ )

*التأكد من تفعيل المسار الوظيفي داخل المنظمات لمساعدة الموظفين في رسم مستقبلهم داخل المنظمة.

*تصميم برامج تدريب مختلفة (قادة المستقبل – موظفي الخطوط الوسطى والخلفية – الخريجين) والتأكد من استقطاب الكفاءة المناسبة لكل برنامج.

المورد البشري السعودي

لابد أن يعي المورد البشري السعودي أن الركض في مضمار التحدي قد ابتدأ، فإثبات الذات مطلب في المرحلة المقبلة، فلابد من التعلُم والتدرُب .. والجد والاجتهاد .. والإقبال والمبادرة .. والصبر والعمل .. ولابد أيضاً من تجرع الألم لأجل الوجود والتواجد في سوق العمل كمورد بشري منتج يعتمد عليه اقتصاد وطن. الفرصة مواتية جداً رغم كل الظروف الاقتصادية والسياسية السيئة المحيطة بنا إلا أن الدعم الحكومي سخي لكل برامج وزارة العمل وهذا أحد أهم عوامل النجاح .

جميع أطراف معادلة الاقتصاد الجديد 2030 سيكونون على المحك ولابد من تجرع الألم واستشراق الأمل واستنهاض الهمم بقوة العزيمة والإصرار للوصول للرؤية الطموحة وأهدافها وخلق بيئة عمل منتجة متميزة مستدامة بإذن الله .

خاص_الفابيتا