بعض الامور لا تتغير، لهذه المقولة مرد فلسفي حيث ان طبيعه البشر لا تتغير و لها مرد عملي أيضاً حين نعيد نفس الممارسات لعل النتيجه تكون مختلفة، هذا الاخير هو تعريف إنشتاين للجنون. هذه الجدليه قادتني لتذكر تجربة المملكه في العقود القليلة الماضيه وخاصة في الاستثمارات الخارجية. بدات حياتي العملية بالعمل في ادارة رصيد المملكه الخارجي لدى مؤسسة النقد حتى استقلت في 1988.
كانت تجربة ثرية عمليا وعلميا امتدت لأقل من اربع سنوات تخللها انهاء دورة جى بي مورقان كأول مشارك من مؤسسة النقد. حين بدات الفوائض المالية رأت المالية/ مؤسسة النقد الاستعانه بشركات خبرة بدأت بعدد قليل من الخبراء لإدارة الرصيد العملية وتدريب عدد من السعوديين وتدريجيا تمكن الفريق السعودي من السيطرة على المهام، بل ان السعوديون استطاعوا توسيع وتعميق دائرة الاستثمار والاستغناء تمام عن الخبراء.
ولذلك حين قرات عن تعيين فريق اجنبي جديد لإدارة صندوق الاستثمارات العامه تذكرت تجربة المملكه وطبيعة الاختلاف القيادي الذي بدا من الصفر وانجز الكثير ليس على مستوى الادارة الفنية للاستثمارات فقط وانما ما هو اهم: إرساء القاعدة البشرية والمؤسساتية التي خدمت المملكه لثلاثة عقود، كانت هذه القاعدة جاهزة لانطلاقة جديدة ولكنها خذلت حين جاء فريق جديد منذ عشرون سنه، فبعد تجربة وتزايد لافت في الاعداد والمؤهلين والتحديات لم يرتقي الصندوق لمستوى التحدي الى ان وصلت الامور الى هذ الحالة وكأننا لم نتعلم شيء.
عدم التعلم بسبب النقص القيادي في العشرين سنه الماضيه قاد الى ان وصل المسؤول الى حالة من رد الفعل العنيف في اعادة التجربة و كأننا لم نتعلم. سعر التعلم عالي وسعر اعادة التعلم اعلى و كما العادة تاتي هذه التكاليف في الوقت الخطأ ماديا ومعنويا.
سبق و ان كتبت عن الصندوق (الاقتصادية: مؤسسه مهمه في الظل: صندوق الاستثمارات العامه تاريخ 4 ديسمبر2007). منذ تأسيس الصندوق وهو يعمل كالذراع الاستثمارية للحكومه تحت مظلة وزارة المالية. و قام بدور مؤثر خاصة في الكهرباء مع بداياتها والصناعات البتروكيماوية وصناعات اخرى والمصارف خاصة ان الكثير من هذه الاستثمارات لايمكن لها ان تقوم دون دور حكومي حاسم.
تعقدت هذه الاستثمارات بينما لم يطور الصندوق كفاءة الجهاز فنيا او بشريا إذ سبق لي زيارة الصندوق اثناء عملي المصرفي، بل ان التعامل مع القطاع الخاص كان على مسافة غير صحية. هذا عن الماضي وما وصلت اليه الحالة اليوم، اليوم هناك تغير في الاستراتيجية و في دور الصندوق.
ليس لدي معرفة في طبيعه الاستراتيجية الجديدة ولكن يبدو من معالمها ان الرصيد الأجنبي سوف يدار من خلال وظيفتين، الاولى تحت مظلة مؤسسة النقد لتوفير السيولة النقدية وغطاء للعملة بينما الثانية تحت مظلة الصندوق لوظيفة الاستثمارات الداخلية و الخارجية من خلال صندوق سيادي.
من ناحية المبدا يبدو ان هذه الطريقة الأمثل ولكن هناك عدة محاذير. الاول يقال دائماً التوقيت في المال احيانا كل شيء، تحتاج المملكه الى اعادة السيطرة المالية: درجه اعلى من التوازن المقبول بين دخل الحكومه ومصروفاتها ولذلك تاتي هذه الهجمه الاستثمارية في وقت غير عادي، في حالة من هذا النوع يتراجع دور الاستثمارات الخارجية وخاصة لما تكون مضاربيه الطابع مثل الاستثمار في أوبر (ألفا بيتا: مطب صندوق الاستثمارات العامه للكاتب) وسوفت بنك.
تاريخيا لدى المملكه نقص في الاستثمارات الداخلية وكما أثبتت تجربة الصندوق لابد للحكومه من قيادة هذا الجهد الذي يتطلب كفاءة عالية. الثاني ليس لدى المملكه القدرة التنظيمية و البشرية لتعويض عيوب عقدين ونصف في سنوات قليلة و حتى تعيين الاستشاريين والاستعانه بمدراء للصندوق لن تغني عن العمل المباشر والمسألة والتعلم المباشر للسعوديين.
الثالثة لابد من تفادي الانجراف نحو سياسة تخصيص عمياء في ظل حوكمه ضعيفة في القطاع الخاص، بل انها اضعف في القطاع الخاص منها في العام. الرابعة بالرغم من ان المملكه استطاعت الاقتراض من سوق السندات العالمي بحجم وسعر وتوقيت مقبول الا ان التمادي في الاقتراض وخاصة لما تكون بعض الاستثمارات مضاربيه الطابع يحمل مخاطر كثيرة (خاصة في ظل المحذور الاول) ومنزلق خطير.
من هذا المنطلق أجد التوسع في دور الصندوق عالميا والاستعانه بادارة أجنبية مباشرة تطور غير مريح. هناك طبعا مكان للاستثمارات الاجنبية ولكن يحبذ ان تكون محدودة مرحليا وان تكون مكملة لتوجهات المملكه صناعيا وخاصة في الطاقة والصناعات المكملة في قطاع البيتروكماويات.
ولكن هناك أيضاً بعد بشري ومعنوي اخر، إذ ان لدى المملكه فرصة للتعلم والتكامل، فمن ياتي هنا سوف يعطيك رأي بعيد يعرف انه لن يبقى طويلا للمسألة وسوف يستفيد اكثر مما يفيد. يبدو ان النهج الجديد ان تلاحق ما يقوم بة الاخرين دون مرجعية قائمة على قراءة استراتيجية بعيدة الأجل.
حال المملكه مختلفه عن ابو ظبي وأيضاً مختلفة عن النرويج و لذلك لابد من ايجاد طريق خاص فينا. يبدو لي اننا لم نمارس فكر أصيل للوصول للمعادلة المناسبة لنا.
لا شك في مؤهلات هؤلاء ولكن الخيار بين سعودي قريب التأهيل وفرصة لاختيار نخبة جديدة اعلى قيمه معرفية للمملكه من توظيف هؤلاء، الاحرى قراءة الحالة في مركز الملك عبدالله للدراسات البترولية لمعرفة ان توظيف الغير السعوديين في مراكز قيادية مزلق غير مربح.
الاحرى ان يدار الصندوق بعين على الاستثمارات الداخلية وجزء ليس كبير نحو الاستثمارات الخارجية بما يناسب لرؤيتنا للاقتصاد الوطني بعد عدة سنوات. وان يدار من قبل سعوديين وهذا لا يمنع من الاستعانه بخبراء أجانب لفترة او مراجعه اداء السعوديين لكي يتمكن صاحب القرار من الحكم المجرد.
تفعيل الكفاءة في الاستثمارات الداخلية يرفع سقف الحوكمه في المجتمع والشركات الخاصة. الاندفاع خلف المال خارجيا ليس استثمارا لبلد نامي يعاني من تشوهات اقتصادية خاصة ان المملكه لجأت لإقتراض الخارجي وهناك أفق تغيرهيكلي في اسعار النفط. نحتاج اعادة سيطرة على المال العام والتوجه نحو الاستثمارات الداخلية ورفع كفاءتها.
خاص_الفابيتا
احسنت. آلاندفاعة في الاستثمارات الخارجية الان غير مبررة في ظل حاجة الاقتصاد المحلي الى استثمارات و تدفقات نقدية تساعد في اعادة هيكلة الاقتصاد الوطني و تحفيز قطاعات انتاجية تخلق وظائف للمواطنين العاطلين والداخلين قريبا لسوق العمل او من تريد الدولة اعادة تأهيلهم لمساعدتهم على رفع دخلهم نتيجة رفع الدعم الحكومي وخفض الرواتب. الافضل التريث و بناء الكفاءات السعودية قبل الانطلاق في الاستثمار و بالذات في الاستثمارات عالية المخاطر. و ليس من العدل ان تتآخر الحكومة عن سداد المطالبات المحلية في وقت تجد فيه الاموال لاستثمارات خارجية عالية المخاطر. اما من ناحية الموارد البشرية، فمن المحزن ان التوجه والتفضيل الان هو للاجنبي. ذكرت مثال مؤسسة النقد، لكن انظر ايضا الى بعض التعيينات الاخيرة. رئيس للخطوط السعودية اجنبي لمؤسسة تأسست في عام ١٩٤٥م ، رئاسة تحرير جريدة الشرق الاوسط لاجنبي بعد ثلاثة عقود من الرؤساء السعوديين. هذا اذا استثنينا جيوش المستشارين الذين يطوفون في اداراتنا الحكومية و كبرى شركاتنا. توجه خطير يجب التنبه له و وقفه ان امكن. يجب اتاحة الفرصة للمواطنين للتعلم و زيادة خبراتهم و حتى ارتكاب اخطاء.
humble citizen شكرا لك اتفق معك ان هناك خلط في الأولويات الاقتصادية و منها البشرية
القيادات الاجنبية سياسة جيدة ، خصوصا مع اتضاح سوء القيادات المحلية وانغماسها في الفساد والشللية ، وأرامكوا افضل مثال بعد خروج الامريكان من القيادة التنفيذية.
shahr2000 شكرا لك اتفق معك ان هناك نزول في كفاءة النخب و التكنوقراط مما ادخلنا في نفق اخر و لكن هل النهاية المنطقية لما تقول ان نستبدل الكل بأجنبي وهذا مختلف نوعيا على اكثر من مستوى
كأنك تقول ان السعوديين جميعا غير مؤهلين و ليس لهم قدرات قيادية و فاسدين و يتسمون بالشللية؟ ليس لي الا ان اشير الى مقابلة المغفور له غازي القصسبي مع رجال الاعمال السعوديين و تساؤله لهم : "هل انتم من السويد؟" https://www.youtube.com/watch?v=yADjm0khF38
اتفق معك تماماً في أن الشللية سوف تقضي علينا إدارياً في السعودية فقد وصلت لأسوأ مستوى !!! وهناك ما هو أسوأ وأنكأ ان يعين الغير كفوء في منصب ( وهو الغالب بالمناسبة ) وذلك لكي يطيع الاوامر أولاً ومن ثم (وهو الاهم ) أن يغطي على أخطاء من وضعه في هذا المنصب !!! واسمح لي بان من لا يريد ان يعترف بهذا الواقع فهو يعيش في احلام وردية لمجتمع مثالي غير موجود لدينا في العالم العربي على الاقل !!!
الاعتماد على المستشارين الاجانب فيه مخاطر جمه ليس اقلها عدم المعرفه بارتباطاتهم الخارجيه وخصوصا مع بلدانهم والخوف من ( الوصفات المسمومه ) !!... فساد بعض المسؤولين يستلزم استبدالهم بمسؤولين اكفاء وامناء .. والبلد ليست عقيمه وفيها من الكفاءات الشئ الكثير لكن يحتاج لمن يبحث عنهم ويقربهم ويشجعهم ... اما الاستثمارات الاجنبيه وفي هذا الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد العالمي من الركود والكساد في بعض الجوانب فالاولى منه الاستثمار وضخ الاموال في الداخل وانشاء مشاريع وشراكات استراتيجيه مع شركات عالميه يكون الهدف منها اولا توظيف السعوديين وتقليص نسب البطاله ... والله اعلى واعلم.
شكرا اخ عامر اتفق معك يبدو اننا لا نفرق كثيرا بين الاستهلاك و الاستثمار
أستاذ فواز أنا من المتابعين دائماً لمقالاتك الشيقة. كنت أرغب منك التطرق - ولو بصورة سريعة - إلى تجربة الصندوق الفاشلة الأخيرة في ضخ نحو 3.5 مليار دولار في شركة "أوبر"، والتي سجلت خسائر كبيرة مؤخراً تجاوزات المليارات بحسب إعلان الشركة. وهذا مثال واضح للأسف على إهدار أموال الوطن في استثمارات خارجية فاشلة وغير مدروسة أو محسوبة العواقب. وتقبل تحياتي
شكرا اخ فارس سبق و ان كتبت http://alphabeta.argaam.com/article/detail/100841/مطب-صندوق-الاستثمارات
محزن ان نرى تدنيى الخدمات والأنتاجية بتولي مواطنين دفة القيادة. مثال البنوك والتعليم والصحة وتنفيذ المشاريع خدمات تسوء يوم بعديوم. اظن السبب التعليم وثقافة الصحوة والكهنوت نشرت عدم احترام ثقافة العمل وتوظيف الموالين (المؤدلجين) بصرف النظر عن الكفاءة وتبرير السرقات والفساد. اذا استطاعت الحكومة اصلاح هذا الخلل سوف نرى قيادات مؤهلة نزيهة مثل القصيبي والنعيمي وجمعة وغيرهم ممن كانت لهم اسهامات جليلة في الكهرباء والبتروكمكل والبترول والصحة والأبتعاث والبنوك وووو.
اخ امل ان لا يصيبك الإحباط البلد فيها اخيار و لكن هيكل الإدارة ة نظام الحوافز بالمعنى الشامل للكلمة هو مصدر العيوب
كهنوت، ثقافة الصحوة، المؤدلجين !!!!! الواحد يأتي بكلمتين لا يفهم معناها كي يقال عنه أنه مثقف !!! وفي النهاية لا يستطيع ان يصمد لمدة خمس دقائق في نقاش جاد وعقلاني !!! حاول مرة أخرى بس استبدل بعض كلماتك بأخرى من محيط التنويرين ولا مانع من الاقتباس يمكن تلقح معاك هذه المرة او بعد عدة محاولات !!!!!! ننتظر وش ورانا !!!!
شكرًا اخ Sahood اعتقد ان بعض ما تقول صحيح و لكن علينا التعاون حيث نحتاج بعضنا البعض لحماسه و تقدم بلادنا
كلام جميل من الأخ الكاتب وأتفق مع ضرورة الاستعانة بالخبرات المحلية، مع التدريب إلخ.. وأتفق مع ما قيل عن كارثة أوبر وغيرها بسبب نقص الخبرة، ولا أعلم هل من كان خلفها أجانب أم سعوديون. اختلافي مع الكاتب في دعوته للاستثمار داخلياً، وهو من عمل في مؤسسة النقد وفي بنوك، وهو يعلم الفارق الكبير بالنسبة للحكومة بين الاستثمار الداخلي والخارجي ودور العملة في ذلك. العكس هو المطلوب، زيادة نسبة الاستثمارات الخارجية إلى عدة أضعاف الداخلية. قد يكون الكاتب يتكلم عن "الانفاق" الداخلي ولكن هذا شأن آخر.
شكرًا اخ sharpshooter اشكرك على المداخلة ، الحقيقة ان نسبه الاسثمار من الخل القومي الاجمالي مقارنه بالكثير من الدول الصاعدة منخفض تاريخيا و لازال . بل ان جزء من الأشكاليه انه بالرغم من ارتفاع المصروفات الا ان الاستثمارات لازلت اقل من المستوى . المقصود هنا كما تعرف الاستثمارات الراس ماليه ماديا و بشريا . و لذلك أجاء التحذيرًفي المقال من مغبه توجه الاستثمارات خارجيا على حساب الداخل
السلام عليكم والأسرة، لا تحتاج إلى قرض سريع طويلة أو قصيرة الأجل بمعدل فائدة منخفض نسبيا؟ ونحن نقدم القروض التجارية، القروض الشخصية، قروض السكن، قروض السيارات، القروض الطلابية، وتوطيد الدين قرض e.t.c. بغض النظر عن النتيجة الخاص بك، إذا كان الجواب نعم اتصل بنا اليوم لمزيد من المعلومات. البريد الإلكتروني: trust.quiries@yahoo.com
بهذه الأسعار السوقية المتدنية " للبنوك " السعودية .... كنت أتمنى من الصناديق الحكومية وشبه الحكومية .... " شراء " حصص الشريك الأجنبي في البنوك !!!؟؟؟ . وهي في نظري ..... " أفضل " وأضمن بكثيرمن جميع إستثماراتنا التي حدثت في السابق وتحدث الآن في الخارج !!!؟؟؟ .... كاستثمارات الإتصالات السعودية السابقة ، واستثمارات سابك في G.E بلاستيك ، واستمارات التكاسي وغيرها .... كما أن عوائدهذا الإستثمار سيكون أفضل من العائد ع السندات . بإذن الله تعالى
فكره رائعة لم أسمع أن أحد طرحها من قبل.
لكن السؤال كيف تجعل الأجانب يبيعون؟؟؟ بقوة النظام؟ يمكن هذا هو الحل الوحيد.. ويكون من خلال هيئة سوق المال بإصدار نظام يمنع تملك أكثر من 10% من أسهم البنوك!!!!
شكرا لك على المداخلة . اذا هناك توجه حكومي نحو التخصيص و حقيقة ان اقتصاد المملكه قائم على اقتصاد السوق يجعل هذا الطرح في تناقض مع التوجهات العامه . المقصود بالاستثماراتةالداخلية ليس سوق المال و لكن الاستثمارات في المصانع و البنية التحتية
فواز شكرا لك على المداخلة . اذا هناك توجه حكومي نحو التخصيص و حقيقة ان اقتصاد المملكه قائم على اقتصاد السوق يجعل هذا الطرح في تناقض مع التوجهات العامه . المقصود بالاستثماراتةالداخلية ليس سوق المال و لكن الاستثمارات في المصانع و البنية التحتية
اعتقد أن الشفافية والحوكمة للصندوق أهم بكثير من كفاءته وإدارته في هذا الوقت
شكرًا لك على المداخلة ليس هناك علاقه تبادلية بين الشفافية و الكفاءة