وزارة التجارة.. أين خطة إنقاذ القطاع الخاص؟

02/11/2016 1
محمد العنقري

تبدو تحركات وزارة التجارة والاستثمار في أعلى مراحلها من حيث الحماس لجذب الاستثمارات الأجنبية بعد سلسلة جولات ترويجية في العديد من الدول المتقدمة، وتم منح تراخيص استثمار مباشرة وبنسبة تملُّك كاملة دون شريك محلي للعديد من الشركات الأجنبية الكبيرة بمجالات عديدة، ويُعد ذلك تطوراً مهماً في انفتاح الاقتصاد المحلي على العالم، خصوصاً في هذا التوقيت الذي يُعد جذب المستثمرين فيه عالمياً بأي دولة صعباً نتيجة الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي، لكن يبقى السؤال الأبرز: ماذا عملت الوزارة للقطاع الخاص المحلي الذي بات يعاني صعوبات ليست بسيطة في أعماله؟

فالقطاع الخاص توسع كثيراً في آخر عشر سنوات، ورغم أن جل ما حققه من مكاسب كان بسبب ضخامة الإنفاق الحكومي، لكنه اكتسب خبرات ومهارات تُعد كبيرة تستوجب الحفاظ عليها، لكن لا يبدو التحرك من قبل وزارة التجارة بنفس الحماسة التي تبديها في التسويق خارجياً للاستثمار بالمملكة، فإلى الآن ما زالت منشآت قطاع المقاولات والتوريدات الحكومية تتحدث عن تأخر كبير في الدفعات والتي بررها وزير المالية السابق الدكتور إبراهيم العساف أنها لأسباب فنية، لكن بالمحصلة الأثر السلبي كان كبيراً وعميقاً وينذر بخروج منشآت كثيرة من السوق بمختلف أحجامها خصوصاً الصغيرة، فرسمياً لم نسمع الكثير من وزارة التجارة منذ العام الماضي عن تحرك لدعم القطاع الخاص ووضع خطط إنقاذ وتحصين تحافظ على البيئة المناسبة لنشاط قطاع الأعمال، فهل نقلت الوزارة معاناة تأخير الدفعات على منشآت المقاولات، وأوضحت لبقية الجهات المعنية بالصرف مدى انعكاس ذلك سلباً على الكثير من الأنشطة وأن تردي أوضاعها سيتسبب ليس فقط بإفلاسها، بل بحالة شلل لبعض الأنشطة وإمكانية إقفال أبواب الكثير من المنشآت الصغيرة، وبالتالي ارتفاع بمعدلات البطالة.

وإذا كانت الوزارة تعمل بالآونة الأخيرة على تنشيط دور قطاع الأعمال كجزء من الرؤية الإستراتيجية للمملكة لرفع مساهمته من خلال مبادرات عديدة، فمن المهم أيضاً الوقوف على تفاصيل كاملة لآليات عمل القطاع الخاص وكيفية بناء مشاريعه ودراسات الجدوى الاقتصادية وتكاليف الإنتاج لاتخاذ الطرق والإجراءات المناسبة لدعمه حتى يتكيّف مع التطورات الجديدة بالاقتصاد المحلي سواء بتراجع الإنفاق الحكومي نتيجة لتراجع إيرادات النفط أو بارتفاع تكاليف الإنتاج كالطاقة وبعض الخدمات مما يعني أن تحديد أثر كل خطوة تتخذ في هيكلية الاقتصاد المحلي لا بد للوزارة من معرفة تأثيرها مسبقاً على كل نشاط حتى يكون لها صوت مؤثر بطلب تأجيل تغيير بعض السياسات أو اتخاذ التدابير المناسبة والمساعدة للقطاع الخاص لامتصاص أثرها والاستعداد مبكراً لها، وهذا لا يتم إلا من خلال دور تكاملي بوجود مركز أبحاث نشط تابع للوزارة وكذلك مركز معلومات والخدمات المناسبة التي تبني قاعدة بيانات كاملة تسهم بإعداد جهاز رسمي داعم بمختلف الأساليب لنهوض قطاع خاص قوي.

كما أن الوزارة أمام مهمة أصعب بالوقت الراهن لجذب المستثمر المحلي بمعالجة ليس فقط بتسهيل إجراءات التراخيص التي تصدرها إنما بكل الوزارات والجهات الأخرى التي تصدر تراخيص الاستثمار لأنشطة تحت مسؤوليتها، مع حملة تطمين لبيئة الأعمال حول سلامة ومتانة الاقتصاد الوطني، فتصريح نائب وزير الاقتصاد الذي أثار جدلاً واسعاً حول طرحه لاحتمال تعرُّض المملكة لإفلاس كما ذُكر ببرنامج الثامنة التلفزيوني لا بد أنه يترك أثراً سلبياً على المستثمر المحلي رغم قناعة الجميع بصعوبة هذا الاحتمال غير الواقعي والذي سارع نفس المسؤول بعدها للقول بأن التعبير خانه بالتوصيف، وكذلك لا بد من المساهمة بلعب أدوار مساندة لتقليص تكاليف التمويل للمشاريع وكذلك الحلول المطلوبة لفتح الفرص الاستثمارية بكافة الأنشطة المتاحة والمعلن عن أنها ستكون عماد التنمية بالمرحلة القادمة مع الجهات المسؤولة عنها كقطاعات التعدين والتطوير العقاري وغيرها.

جذب الاستثمار الأجنبي جزء مهم من عمل وزارة التجارة وداعم كبير لنمو الاقتصاد الوطني، لكن مهما بلغ حجمه سيبقى صغيراً قياساً باستثمارات أبناء الوطن ومنشآتهم، لذلك لا بد من وقفة تقييم شاملة للقطاع الخاص تعود بمنفعة كبيرة بتنظيم كبير وتحجيم التستر ومعرفة تامة بواقع الأنشطة التجارية ومنشآتها حالياً لوضع الخطط والإجراءات المناسبة لكي يتم تفادي آثار التراجع الكبير بنمو الناتج المحلي عليها لتقليل الأثر السلبي بأكبر قدر ممكن حتى يبقى القطاع الخاص قادراً على النمو والتوسع وصولاً لأهداف رؤية المملكة 2030م.

نقلا عن الجزيرة