من دون شك أن متحصلات إصدار الـ65.6 مليار ريال (17.5 مليار دولار) التي اجتذبتها وزارة المالية من الخارج قد أصبحت بمثابة «نقطة التحول» المفصلية نحو تخفيف احتقان السيولة بالقطاع المصرفي.
فهذا التناغم في أداء المسؤولية بين وزارة المالية والبنك المركزي «ساما» بدأنا نحصد ثمراته. فلأول مرة بعد إغلاق الإصدار بدأت تكاليف الإقراض بالانخفاض.
حيث وصل السايبور، وهو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر، إلى 2.382 في يوم الأربعاء الماضي (المصدر: بلومبرج).
فالمصرفيون لا يستبعدون أن تقوم «ساما» بعمليات إيداع ضخمة خلال الفترة المقبلة (أودعت «ساما» بالشهر الماضي 20 مليار ريال لدى المصارف). وبسبب تلك التوقعات الإيجابية استبقت أسعار السايبور هذا الحدث «المنتظر».
كبح جماح السايبور
يستخدم القطاع البنكي السايبور لتسعير القروض. وتتم عملية احتسابه بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة. وتعود أسباب انكماش السيولة بالقطاع البنكي إلى ما يلي:
1- عندما تنهار أسعار النفط، تقل الأموال الدولارية التي تُدخلها لنظامك المصرفي (انحسار الودائع الحكومية).
2- انخفاض ودائع القطاع الخاص (المدفوعات المالية المستحقة للمقاولين وموردي السلع والخدمات).
3- ساهم انخفاض الودائع في جعل المصارف تقترض من بعضها بشكل أكبر، الأمر الذي أوجد ضغوطا على السيولة ورفع تكلفة السايبور.
4- سحب السيولة المصرفية الفائضة عبر إصدار السندات السيادية المحلية (بلغ إجمالي السندات التي تم إصدارها في آخر 8 أشهر من هذه السنة إلى 94 مليار ريال).
فالمؤشرات «الأولية» تفيد بأن السندات الدولارية، التي جذبتها وزارة المالية من الخارج، قد كبحت بها لجام السايبور الجامحة. لولا تلك السندات التي سيتم ضخها في شرايين اقتصاد الوطن لكانت أسعار السايبور قد بالغت في الارتفاع. وفي الحقيقة هذا كان المسار المتوقع (السايبور وصل حينها إلى 2.386) قبل الإصدار التاريخي بأيام. وكان السايبور قبل سنة أقل من 1 %.
اليوم ليس كالأمس
فوضعنا الآن يختلف عما كنا عليه قبل إصدار أضخم سندات في تاريخ الأسواق الناشئة. ففي السابق كانت أسعار السايبور توشك أن تقيض النمو الاقتصادي. كيف:
1) لاحظ أن تكلفة الاقتراض تتصاعد على ساما كلما أصدروا سندات محلية (لأن بعض أنواع تلك السندات مربوطة بمعدلات السايبور).
2) بعض الأفراد والشركات ربطوا قروضهم المصرفية مع أسعار السايبور (فائدة متحركة) (وخير مثال لذلك التآكل الواضح لأرباح بعض الشركات المدرجة بسبب ارتفاع معدلات السايبور على قروضهم).
3) البنوك سوف تبدأ بتكويم الأموال وذلك للتحوط من عمليات تعثر من قبل الشركات الصغيرة.
4) البنوك سوف تتحفظ على عمليات إقراض الأفراد أو القطاع الخاص (عملية انتقائية وفقاً للمتانة الائتمانية للجهة المقترضة).
5) القطاع الخاص لن يستطيع الاقتراض بمعدلات فائدة مقبولة مما قد يقيض مساهمة هذا القطاع في دعم النمو الاقتصادي للبلاد.
لا ننسى كذلك أن معدلات نمو الودائع هي الأبطأ منذ عشرين سنة، وذلك بحسب البيانات الرسمية.
تفسير قرارات «ساما» بتخفيض سقف إصدار أذوناتها
من المتعارف عليه أن أذونات الخزانة (T-Bills) والسندات تساهمان بامتصاص السيولة البنكية. وعليه فعدم إصدار سندات سيادية لشهر أكتوبر من قبل «ساما» (المصدر: مال) وكذلك تخفيض سقف إصدار أذونات «ساما» من تسعة مليارات ريال أسبوعيا إلى ثلاثة مليارات ريال أسبوعيا يعدان بمثابة الأخبار الإيجابية التي تعزز نمو السيولة المصرفية الفائضة.
لا ننسى أن أذونات الخزانة (القصيرة الأجل) تلعب دورا جوهريا في التأثير على حركة أسعار الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر.
نأتي الآن إلى قرار مؤسسة النقد العربي السعودي بتوفير اتفاقيات إعادة الشراء (REPO) بأجل استحقاق لمدة 90 يوما (إضافة إلى آجال الاستحقاق المعمول بها لفترة ليلة واحدة وسبعة أيام و28 يوما).
قبل أن نشرح إيجابيات القرار، دعونا في البداية نوضح بأن اتفاقية إعادة الشراء تستخدم في العادة من قبل البنوك المركزية كأداة لتخفيف احتقان السيولة. وفي القطاع البنكي السعودي ستستخدم البنوك في الغالب السندات المحلية كضمانات. ستساهم اتفاقية إعادة الشراء الخاصة بالثلاثة أشهر في معالجة نقص السيولة الطويلة الأجل.
ومن دون شك ستساهم تلك الخطوة في إرجاع معدلات نسبة القروض إلى الودائع إلى نصابها بعد أن تعدت البنوك النسبة القانونية (التي حددتها «ساما»). ففي اغسطس الماضي تعدت نسبة القروض للودائع الـ90 %.
نقلا عن الجزيرة
مقال رائع, و إن كنت أتوقع أن المؤسسة قد أضافت تعديلات على نظام تسعير السايبور بعد قضية بيركليز. النقطة التي يغفلها المقال, أو ربما لم افهمها, هي أين صرفت سيولة السندات المحلية التي تم إصدارها. فمن المنطق أن يتم إعادة ضخها في الإقتصاد لتصل نهايةً إلى البنوك و لكن من المؤكد أن هذا لم يحدث؟ نحتاج لمثل هذا النوع من المقالات لتوضيح مكانيكية عمل مؤسسة النقد, وفهم أشمل للعمليات التشغيلية. مقال يستحق الإطلاع و الحفظ
اخي صالح ...سيولة السندات المحلية تم ضخها في الاقتصاد الوطني على شكل دفعات للمقاولين وغيرهم ...بعض هذه السيولة تم تحويلها للخارج ايضا ....لدفع اجور العمالة ولشراء المعدات .......لذلك هناك ضغط مستمر على ميزان المعاملات الجاري والذي تجاوز 9% من احمالي الناتح المحلي او تقريبا 250 مليار ريال. ....تحياتي.
احرب تأكل المال ولكن لايوجد أي شئ يدل كم من الأموال صرفت عليها
قد بنخفض السايبور للفترة مؤقتة نتيجة السندات ولكنه سيعاود الارتفاع مرة أخرى مالم تقم البنوك نفسها بالاقتراض الخارجي سواء اقتراض مباشر او عن طريق اصدار سندات خاصة بها كما تفعل المصارف الخليجية