بعد أزمة التعثر الكبرى التي طالت القطاع المصرفي منتصف الثمانينيات الميلادية والناتجة عن انكماش الاقتصاد؛ وانخفاض قيمة الأصول العقارية بشكل عام؛ وانعكاساتها الحادة على ضمانات القروض؛ أحجمت البنوك عن تمويل المشروعات العقارية؛ أو قبول ضماناتها لارتفاع مخاطرها؛ وضعف التشريعات المرتبطة بها. شكلت نهاية السبعينيات؛ وبداية الثمانينيات الميلادية العصر الذهبي للقطاع العقاري حين تضخمت أسعار العقار وبلغت مستويات خيالية غير مسبوقة. لم يرتبط ذلك بمحيط المدن؛ بل امتد نحو الصحاري القاحلة غير المخططة؛ حتى جاوزت أسعار التراب قيمة الذهب. فتحت أرباح القطاع العقاري شهية البنوك المتعطشة للتمويل بأنواعه فاندفعت نحو تمويل صفقات العقار المتضخمة والمساهمات والمشروعات الأخرى في مقابل رهن الأصول العقارية.
وعلى الرغم من تحفظ البنوك في نسبة التمويل مقارنة بقيمة الأصل؛ تجاهلت تشكل فقاعة العقار؛ وإمكانية انفجارها في أية لحظة ما يعني انخفاض الأسعار إلى مستويات سحيقة دون القيمة المحتسبة للأصل حين التقييم. لم تتعلم البنوك من أخطائها؛ برغم خسائرها الفادحة؛ فعادت من جديد لدخول مغامرة الأسهم التي تسببت في كارثة مالية اقتصادية مجتمعية ما زلنا نشهد آثارها حتى اليوم. ومثلما كانت البنوك سببًا من أسباب تضخم العقار في نهاية السبعينيات كنتيجة مباشرة للتمويل والتلاعب في قيمة الرهونات وتضخيمها وإعطاء صورة غير دقيقة عن الجدارة الائتمانية بغرض الحصول على قروض أعلى؛ أصبحت السبب الرئيس في تضخم سوق الأسهم وتشكل فقاعتها ومن ثم انفجارها على رؤوس المستثمرين.
ما أشبه الليلة بالبارحة؛ فالسوق العقارية تشهد مرحلة تصحيح حادة؛ وسيولة الاقتصاد في مستوياتها الدنيا غير المسبوقة؛ في الوقت الذي تمضي فيه الحكومة بتنفيذ برامج إعادة الهيكلة التي تتطلب منها ضبطًا أكبر للنفقات؛ وترشيد الأداء ووقف الهدر. المراجعة الحكومية طالت بند الرواتب الذي يستهلك الحجم الأكبر من الموازنة؛ وقامت بتعديل أو إلغاء أو إيقاف بعض العلاوات والبدلات والمكافآت والمزايا المالية؛ التي أثرت في مجمل رواتب المقترضين وحجم التزاماتهم المالية.
وعلى الرغم من مطالبة «ساما» البنوك بإعادة جدولة القروض الاستهلاكية؛ إلا أنها صمتت عن القروض العقارية التي يصعب إعادة جدولتها بسبب نسبة الخصم التي تتجاوز 60 في المائة؛ وتكاليف إعادة الجدولة المرتبطة بطول الأجل. حتى الآن؛ لم تستشعر البنوك خطر المرحلة القادمة؛ وأحسب أن كبار المستثمرين استشعروا ذلك الخطر ما أثر سلبًا على أسعار أسهم البنوك في سوق المال. وبغض النظر عن قدرة البنوك على التحمل؛ وخصوصًا أن مجمل القروض العقارية تقارب 108 مليارات ريال أي ما نسبته 24 في المائة من محفظة قروض الأفراد.
الأيام القادمة حبلى بالمتغيرات. تركها دون إدارة احترافية قد يتسبب بتداعيات سلبية على جميع قطاعات الاقتصاد المترابطة؛ ما يستوجب التدخل السريع لقياس حجم المخاطر المتوقعة والحد منها؛ طرح برامج حماية متوافقة مع متطلبات المرحلة الحالية؛ ووقف أية إجراءات تعسفية ضد المقترضين الذين سيواجهون بزيادة مفاجئة في التزاماتهم المالية بعد فقدانهم بعض البدلات والمكافآت التي حُسبت ضمن المرتب حين تقدير قيمة القرض العقاري. وعلى فرضية انخفاض رواتب المقترضين 15 في المائة فذلك يعني أن القسط العقاري سترتفع نسبته من 60 في المائة إلى 75 في المائة ما يعني صعوبة تكيف المقترض مع وضعه المالي الجديد.
قد تنجح البنوك في عمليات التحوط؛ وربما كانت مستعدة لهذه المرحلة؛ ولكن ماذا عن المقترضين، وهل سيحظون بمعاملة إنسانية تأخذ في الحسبان متغيرات الدخل المفاجئة؟!. أرجو ألا يترك الأمر للبنوك التي ستسارع في خصم القسط المعتاد دون مراعاة لظروف المقترضين المالية؛ ومثلما كانت ساما فاعلة في إعادة جدولة القروض الاستهلاكية فأرجو أن يكون لها دور أكبر في معالجة القروض العقارية الأكثر تأثيرًا على المقترضين؛ وأن تتعامل مع البنوك وفق قاعدة «الغنم بالغرم»؛ فتتحمل جزءًا من «الغرم» الذي تعرض له المقترضون من جانبين؛ انخفاض الدخل وانخفاض أصولهم العقارية؛ فقدرة البنوك على التحمل تفوق بمراحل كثيرة قدرة المقترضين. انخفاض ربحية القطاع المصرفي لا تقارن البتة بفقدان المقترضين منازلهم.
نقلا عن الجزيرة
بيض الله وجهك فعلا القروض العقارية مصيبة على رب الاسره
اخي فضل بالنهاية البنوك السعوديه هي مملوكه للصناديق الحكوميه يعني للدوله ولمساهمين مواطنين مع الأسف معظم الكتاب يتعاملون مع البنوك وكأنها عدو
هو يتكلم عن جانب اقتصادي واقعي سوف يضر بالجميع بمن فيهم البنوك التي سوف يكثر التعثر فيها نتيجة عدم القدرة على الوفاء من المقترضين !! وبالمناسبة فضل البوعينين مدير احد فروع البنوك السعودية واعتقد انه الهولندي في المنطقة الشرقية !! هل ترى واقعية افضل من ذلك !!
اخي الفاضل بواقع الحال البنوك اكثر من عدو عنما تنخفض ارباحها لتأثر السوق او لسوء الادارة تحاول التعويض من المقترضين وتمارس اقسى وابشع الاساليب في الخداع والتضليل ولا تراعي الوضع الاقتصادي للعميل بل تكون سيفا اكثر حدة وقسوة وايلاما متى رايت الينوك تراعي العميل في القرض والارباض او حتى في الجدولة بالعكس تراها فرصة لاستغلاله اكثر بنوكنا جشعة وظالمة لابعد مما تتصور خذ مثلا اعادة تققيم العقار للمقترضين ان كان التقييم في صالحهم باشرو بتنفيذة دون الرجوع اليك وان كان ليس بصالحهم وقد يكون في صالح العميل تراهم نيام بعيدين عنك
حطيت ايدك على الجرح .. وأشرت إلى شيء سيقع فعلا .. ولكن أيضا هناك مشكلة ستواجه البنك نفسه لو لم يعيد جدولة الأقساط العقارية للمقترضين .. وهو التعثر .. ومن ثم الدخول في عملية مطالبات قد تطول ولا تجدي نفعا للبنك .. من مصلحة البنك نفسه إعادة الجدولة حتى لو كان فيها تقليل هامش الربح .. وهذه المرحلة فعلا -كما أشرت- تحتاج إلى إدارة احترافية
108 مليار ولا شيء عند 1437 مليار قروض البنوك
الخطأ من البنوك وهي من تتحمل نتائج تهورها بالقروض ساما اشترطت منح القروض على الراتب الأساسي فقط
الحل هو انشاء شركة كبرى تؤسسها البنوك ويطرح خمسين بالمئة للجمهور والمقاولين ويكون رأس مالها ضخما ويشارك بها صندوق الاستثمار تبني المساكن والمجمعات عن طريق شركات اجنبية اولا