في الوقت الذي يعلن فيه التوجه لسعودة الكثير من الأنشطة التجارية والقضاء على التستر وتشجيع تأسيس المنشآت الصغيرة والمتوسطة وبدء بعض المواطنين والمواطنات في تأسيس أعمالهم الخاصة بدلا من انتظار الوظيفة وتحمل تبعات الركود ونقص السيولة، فوجئ الجميع بصدور قرارات جديدة تتعلق بفرض رسوم جديدة على ممارسي الأنشطة التجارية ومن اكثر من جهة سواء المرتبطة بالمحلات التجارية او العاملين بها وفي ظل صورة ضبابية عن ماسيتم فرضه من باقي الجهات الأخرى من متطلبات ورسوم سيتحملها ملاك تلك المنشآت.
وقد اصبح الامر اكثر وضوحا ان كل جهة تحدد أهدافها ومبادراتها وآلية تحقيقها بعيدا عن باقي الجهات والتي قد لا يكون هناك توافق بين تلك الاليات في التوقيت والنتائج باعتبار ان مالك المنشأة يتعامل مع عدة جهات ترغب كل منها في سرعة نجاحها لتحقيق أهدافها، بل ان البعض من المستثمرين الجدد قد تورط فعليا في تأسيس مصانع ونشاطات تجارية معتمدا على دعم مالي وتنظيمي من جهاتنا لم يتحقق واضطر لتحمل قروض عالية لبدء الإنتاج والعمل ليصدم مالك المنشأة او المحل التجاري بواقع جديد وعبر قرارات سريعة من جهاتنا يجبره على تحمل المزيد من التكاليف والقروض او الخسارة والاغلاق والتحول الى البطالة، فالحقيقة ان الكثير من الأنشطة التي يسيطر عليها الوافدون لسنوات طويلة بالتستر لمعظمهم قد حققوا أرباحا عالية بسبب انخفاض فواتير الخدمات وعدم وجود رسوم على المصانع والمحلات والعاملين بها، في حين انه بعد إقرار التوجه لسعودة الكثير من الأنشطة وتشجيع القطاع الخاص لتولي الكثير من الخدمات الحكومية سارعت كل جهة –وفقا لدراسات اعدت وقت الطفرة - لفرض تنظيمات ورسوم جديدة ورفع رسومها السابقة وبعضها لمستويات تفوق قدرة من يرغب من الشباب والشابات في دخول تلك الأنشطة! وحاليا نرى الصعوبات التي تواجه الشباب في تجربة سعودة سوق الاتصالات التي تبنتها وزارة العمل واندفاعهم بإمكانياتهم لدخول هذا النشاط المربح وتحمل الايجارات والرواتب وصدمتهم من بعض الرسوم الجديدة التي لم تكن موجودة خلال فترة سيطرة العمالة على السوق والتي ستستقطع جزءا من دخلهم وفي ظل التخوف من أعباء قادمة! مما ساهم هذا التباين في السياسات والاليات بين جهاتنا في نسف دراسات الجدوى وتردد البعض في ممارسة نشاطات اقتصادية خشية من التورط في ديون وخسائر لم تكن منظورة وهو الامر الذي قد يتسبب في انخفاض النمو وزيادة البطالة والاحتكار ببعض الانشطة!
وبالإضافة الى أهمية توافق الأهداف والسياسات لجهاتنا لضمان تحقق الأهداف العامة للدولة ومنها مايتعلق بخفض نسب البطالة وزيادة مساهمة القطاع الخاص في التنمية، فان توافر البيئة المناسبة لممارسي الأنشطة الاقتصادية والخدمية والتجارية يعتبر ركيزة أساسية لضمان تحقق الأهداف المرجوة، فالاعتماد على الدراسات التنظيرية البعيدة عن الواقع قد يفشل كل الأهداف وخصوصا خلال الفترات التي تشهد ركودا اقتصاديا وغموضا وتسارعا بالأحداث والقرارات مع تغيرها مع قدوم كل مسئول جديد! مما يستلزم ان تكون هناك خطط بديلة يتم العمل بها بالوقت المناسب لتلافي سلبيات الضغط النفسي للتطوير السريع ولتجنيب ملاك المنشآت والشباب المتحمس للعمل الخاص أي اضرار قد تحدث بسبب رسوم او تنظيمات وإجراءات عمل ترفع من درجة احتكار الكبار بسبب خروج الكثير من السوق، وذلك من خلال تعديل البرامج الزمنية لتنفيذ جهاتنا لأهدافها وتخفيض رسومها وبحيث يتم الاخذ بالاعتبار الوضع الجديد للاقتصاد بالمنطقة وحجم السيولة وحداثة التجربة للمجتمع والقطاع الخاص والشباب وقصر المدة الزمنية لتحقيق اهداف طموحة.
نقلا عن الرياض