طرح أرامكو في سوق نيويورك ومخاطر الدعاوى القضائية

08/09/2016 28
د. مشعل فرج

رؤية المملكة 2030 وما تحمله بين طياتها ليست مثيرة وملهمة في وسطها السعودي فقط، بل تعدى صداها إلى خارج الحدود لتصبح حديث الصحافة العالمية وشاغلة الكتاب. التحليلات تناولت الرؤية من مختلف الزوايا وحاولت التنبؤ بآثارها من وقت إعلانها ولكن خصخصة أرامكو جزئياً حظيت بنصيب وافر من التركيز. والذي زاد من هذا التركيز هو الإعلان عن طرح أرامكو في أكثر من سوق مالية. 

ظلت شركة الزيت العربية السعودية "أرامكو السعودية" لفترة طويلة شركة لها نظامها الخاص والذي لا يلزمها بالإفصاح عن مركزها المالي على غرار الشركات المساهمة.

طرح 5% من أرامكو للعامة يمثل حدث تاريخي في حياة الشركة، إذ أنه سوف تخضع الشركة لنظام الشركات على غرار باقي الشركات المساهمة مما يلزمها بالإفصاح عن قوائمها المالية وتصبح أسهمها متداولة في السوق المالية.

هذا الطرح تاريخي كذلك بالنظر إلى حجمه، إذ قدرت قيمة الشركة عند 2 تريليون دولار تقريباً وطرح 5% من قيمة الشركة يساوي تقريباً 100بليون دولار مما يجعله الأكبر في التاريخ.

من ضمن خيارات الطرح التي تعمل عليها الشركة الإدراج المزدوج في سوق الأسهم المحلية وسوق أجنبية.

خيارات الطرح في سوق أجنبية متعددة بين نيويورك ولندن وهونكونغ. سوق نيويورك هو الأوفر حظاً والأكثر جاذبية للشركات الأجنبية لهذا سوف يتم التركيز عليه في هذا المقام.     

هناك مزايا عدة للطرح المزدوج وخاصة الطرح في الولايات المتحدة منها على سبيل المثال: الحصول على التمويل بتكلفة أقل وتداول أسهم الشركة في أوقات مختلفة خلال اليوم الواحد بعملات مختلفة يعطيها القدرة على زيادة رأس المال.  

هذه المميزات ليست بدون تكلفة. السوق الأمريكي يتميز بعدة آليات لحفظ حقوق المساهمين ومن ضمنها سهولة رفع الدعوى القضائية، وهذا يرفع من مخاطرة الإدراج في السوق الأمريكي.

على الرغم من أن هيئة الأوراق والأسواق المالية الأمريكية تطبق على الشركات الأجنبية المدرجة معايير حوكمة أقل من نظيرتها الأمريكية وذلك لجذب الشركات الأجنبية، إلا أن هذه الشركات تظل هدفاً لدعوى المساهمين لأن المساهم تعود على معايير عالية ولن يرضى بأداء أقل من ذلك.

ثقافة المساهم الأمريكي، سواءً مساهم فرد أو مؤسسي، وتطور معايير الحوكمة يلعبان دوراً كبير في تحريك الدعوى، إذ أن ما يُسامح فيه في بعض الأسواق قد لا يتم التسامح فيه السوق الأمريكية.

على سبيل المثال، شركة على بابا الصينية المتخصصة في التجارة الإلكترونية، صاحبت أكبر إدراج في العالم بـ 25 بليون دولار في عام 2014، تعرضت لدعوى من قبل المساهمين بعد بخمسة أشهر من إدراجها في سوق نيويورك للأوراق المالية.

فحوى الدعوى تشير أن الشركة أهملت في إبلاغ المساهمين عن المحادثات التي تمت قبل شهرين من الإدراج بين إدارة الشركة وإدارة الصناعة والتجارة الصينية بخصوص بعض المخالفات في ممارستها التجارية.

ربما هذا النوع من المحادثات لا تعتبر مؤثرة بالنسبة للمساهم الصيني ولكنها تعتبر من المعلومات المؤثرة في قرار المساهم الأمريكي.

الطرح العام ولو بشكل جزئي يعتبر قرار صعب بالنسبة لأي شركة لم تتعود على ثقافة التداول العام، إذ أنها تصبح ملزمة بالإفصاح عن بياناتها المالية وقد تتعرض إدارتها للمساءلة في حالة الإخفاق وهذا ينطبق على أرامكو كما ينطبق على غيرها. والصعوبة تزداد إذا كان هناك إدراج مزدوج في أسواق أكثر تطوراً من الأسواق المحلية.

إذاً لماذا تفكر أرامكو في الإدراج المزدوج إذا كان هذا سوف يعرضها لمعايير حوكمة مختلفة عن المعايير المطبقة في سوق الأسهم المحلية؟

الشركة على لسان رئيسها التنفيذي في مقابلة مع رويترز أفصح أن "إدراج أرامكو السعودية في قلب رؤية 2030" وأضاف أن الشركة تعمل على خيارات الإدراج في سوق الأسهم المحلية فقط أو السوق المحلية وسوق أجنبية.

التصريح يبين أنه لم يتم تحديد طريقة الإدراج هل هو إدراج مزدوج أو إدراج فقط في السوق المحلي.

ووفقاً لرئيس هيئة السوق المالية السعودية أن الطلب المحلي لن يكون بمقدوره أن يغطي طرح أرامكو كما صرح مؤخراً. 

الواضح من أغلب التصريحات أن هناك توجه للإدراج المزدوج وذلك لضخامة حجم الطرح.

أنظمة سوق الأسهم السعودي في تطور مستمر وحتى تاريخ طرح أرامكو، والمتوقع في عام 2018، سوف يصل هذا التطور إلى مدى جيد مما يرفع مستوى حماية المساهمين، وعليه خطر دعاوى المساهمين يظل قائم سواءً في السوق المحلي أو السوق الأمريكي.

أما بالنسبة لإختلاف معايير الحوكمة بين السوقين، فإن هذا يدل على رغبة لدى الشركة لإخضاع نفسها لمعايير حوكمة عالية ترفع من أدائها وتزيد من قيمتها السوقية.

خاص_الفابيتا