في المقال السابق تحدثت عن الخيارات المتاحة للدولة لسد عجزها المالي، وكيف تمكنت الحكومة السعودية، من تمويل عجزها وسد احتياجاتها التمويلية باتباع طرق ووسائل لم تحدث إرباكا في مستوى السيولة المتوفرة في الاقتصاد.
وفي هذا المقال، سأتحدث عن طريقة تمويل لعجز الميزانية السعودية، والتي وإن لم تكن بالجديدة أو المبتكرة بالنسبة للعديد من دول العالم، إلا أنه يمكن للحكومة السعودية التفكير في اتباعها، والتي هي إلى حد ما مشابهة من حيث آلية التنفيذ للآلية المطبقة في إصدار أذونات الخزانة الأمريكية US T-Bills، التي تصدرها الحكومة الأمريكية بمدد مختلفة تصل إلى 52 أسبوعاً لعموم المستثمرين من الناس والمؤسسات المالية وغيرها.
إن هذه النوعية من أدوات الدين أو الاستثمار إن صح التعبير من جانب المشتري أو المستثمر في الورقة المالية، إلى جانب كونها ستعمل على إيجاد قناة أو وسيلة استثمارية جديدة للاستثمار المباشر من قبل أفراد المجتمع السعودي، إلا أنها في نفس الوقت ستساعد على التعزيز من الثقافة المالية والاستثمارية لديهم Financial Inclusion Culture Enhance، كما أنها ستوفر لهم الحماية المالية والاستثمارية الكافية، التي ستجنبهم الوقوع في مغبة ومصيدة الاستثمارات الزائفة والوهمية، أو تلك عالية المخاطر، مثل تجارة العملات FX Trading، التي تسببت في ضياع بل وفي سرقة أموال المستثمرين من قبل جهات استثمارية ومالية مزيفة ووهمية.
ولأن تكون هذه النوعية من أدوات الدين مغرية للمستثمرين السعوديين، يحبذ أن تَمنح للمستثمرين عوائد استثمارية منافسة مقارنة باستثمارات مماثلة، والنظر أيضاً في الناحية الشرعية، في أن تكون عوائدها الاستثمارية معفاة من الزكاة.
إن تبني إصدار الحكومة السعودية لأذونات خزينة وحتى سندات تنمية مباشرة لأفراد المجتمع السعودي، بعوائد استثمارية مجزية، سيساعد إلى جانب تنويع وتوسيع فرص وأدوات الاستثمار بسوق المال السعودي، العمل على التخفيف من حدة تركز الاستثمارات بسوقي الأسهم والعقار، مما سيقلل من حالات الخسائر التي قد يتعرض لها المستثمرين بهذين السوقين وبالذات في سوق الأسهم نتيجة لذلك التركز.
جدير بالذكر أن اصدار الدولة لأدوات دين عام مثل أذونات وسندات الخزينة والتنمية وتمكين عموم الناس من الاستثمار فيها بشكل مباشر، ليس بالأمر الجديد على مستوى المنطقة العربية، حيث على سبيل المثال، قد أصدرت حكومة الأردن سندات حكومية موجهة للأفراد تحت مسمى "سندات الادخار للأفراد" بهدف توفير أدوات ادخار تمكنهم من توظيف وإدارة مدخراتهم بأمان وبعائد ثابت ولآجال متوسطة وطويلة، وفقاً لشروط مغرية للغاية، من بينها على سبيل المثال: ضمان السندات من قبل الحكومة (ضمان مباشر وغير مشروط).
إن اصدار الحكومة السعودية لمثل هذا النوع من أدوات الدين العام، قد يساعد على امتصاص السيولة التي تقطن خارج المصارف وبالذات تلك التي قد تكون فائضة عن الحاجة، حيث قد بلغ حجم النقد المتداول خارج المصارف بنهاية شهر حزيران (يونيو) من العام الحالي 181.8 مليار ريال سعودي (48,5 مليار دولار أمريكي)، لاسيما وأن هذا النوع من أدوات الدين أو الاستثمار إن جاز التعبير بالنسبة للمستثمر، تُعتبر أدوات استثمار معدومة المخاطر، كونها تتمتع بضمان حكومي/سيادي Government sovereign Risk.
آخراً وليس أخيراً، إن مثل هذا التوجه التمويلي لعجز الميزانية، لربما سيحفز الحكومة على تطوير آليات في المستقبل لتمويل المشاريع الحكومية العملاقة Mica Project، وبالذات التي تتطلب أموالا ضخمة لتمويلها مثل مشروع قطار الرياض (مترو الرياض) وغيرها، من خلال ما يعرف بآلية التمويل للأغراض الخاصة Special Purpose Vehicle/SPV، بحيث يُمكن من خلالها تخصيص نسبة من تمويل المشروع الحكومي للأفراد وطرحه للاكتتاب العام على هيئة أسهم ملكية موقتة، يمكن استرداد قيمتها بالإضافة إلى أرباح التمويل بنهاية المشروع، أو تحويلها إلى أسهم ملكية دائمة بالشركات، التي قد تنشأ بعد انتهاء المشروع لخدمة أغراضه، مثل شركات التشغيل والصيانة والتسويق وخلافه.
نقلا عن الرياض
mega or Mica Project،... الشركات والمقاولين الذين يتعاملون مع الدولة يستجدونهم لإستلام مستحقاتهم، فكيف تكون هذه السندات مأمونة عائداً إستثمارياً... أعتقد يا دكتور أن فكرتك غير مناسبة. تحياتي
اذا طرح سندات حكومية للعامة انا اول مشتري و اغلب الي عندة ودائع عند البنوك لفترات طويله راح يشترون
عنوان المقال غير موفق