أوضح تقرير اقتصادي صدر بهذه الصحيفة بتاريخ 12 تموز (يوليو) 2016، مفاده أنه وعلى الرغم من بريق الاقتصاد السعودي منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، إلى المرحلة التي حل فيها في مجموعة العشرين، ليبرهن على قوته ومتانته، إلا أن اقتصاد المملكة لم يفلح في توليد وظائف للمواطنين سوى 1.7 مليون وظيفة في القطاع الخاص، مقابل زهاء تسعة ملايين وظيفة قدمها قطاع الأعمال للأجانب على مرأى ومسمع من المواطنين الذين ترتفع بين صفوفهم نسبة البطالة كل عام.
أتفق مع ما ورد بالتقرير تماماً من تحليله لمشكلة توليد الوظائف في الاقتصاد، مثمناً في نفس الوقت الجهود الجبارة التي بذلتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية (وزارة العمل سابقاً) خلال السنوات القليلة الماضية لمعالجة تشوهات واختلالات هيكلية بسوق العمل، والتي تُعد هي أبرز أسباب البطالة في بلادنا.
ولكن وعلى الرغم من تلك الجهود، إلا أن الحظ لم يحالف الوزارة للقضاء على تلك التشوهات التي تسببت في بروز حلقات مفقودة ضمن سلسلة جهود التوطين والسعودة، إذ لا تزال العمالة الوافدة تسيطر على السوق وكما أوضح التقرير، رغم الإنفاق الحكومي السخي على برامج التوطين والسعودة، حيث على سبيل المثال لا الحصر، كَلف البرنامج الوطني لإعانة الباحثين عن عمل "حافز" في عامه الأول خزينة الدولة نحو 43 مليار ريال، ليشمل ذلك قيمة المكافآت المالية التي قدمها البرنامج للمشاركين فيه، وكلفة برامج التدريب والتأهيل وخلافه، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك الإنفاق الضخم، لا يزال معدل البطالة في بلادنا مرتفعاً للغاية نسبة إلى حجم الاقتصاد، إذ يشكل أكثر من ضعفي معدل البطالة المسموح به اقتصادياً وفقاً لمنظمة العمل الدولية WLO والذي هو بحدود 5,4 في المئة.
برأيي أن جهود وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لم توفق إلى حد كبير في معالجة مشكلة البطالة في السعودية والتي بلغ معدلها في النصف الثاني من العام الماضي 11,5 في المئة، ليس بسبب جانب قصور منها بقدر ما هو، وكما أشرت نتيجة للعديد من الإشكالات، التي ظل يعاني منها سوق العمل السعودي لفترة طويلة من الوقت، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، استمرار تدفق العمالة الوافدة للبلاد بنسب وأرقام مخيفة للغاية في كل عام، حيث على سبيل المثال، تم إصدار قرابة 1,5 مليون تأشيرة عمل للعمالة الوافدة خلال العام الماضي فقط.
ومن بين الإشكالات أيضاً، انتشار ظاهرة التستر التجاري والتي تعبث من خلالها العمالة الوافدة وتسيطر على اقتصاديات السوق ومكتسباته وبالذات قطاعي التجزئة والجملة، بما في ذلك على نوعية العمالة الموظفة بالسوق.
ومن بين الإشكالات كذلك ثقافة ونظرة المجتمع السعودي الغريبة للأعمال البسيطة والأعمال المهنية والفنية واحتقاره لها، والتي تسببت في عزوف معظم الشباب والشابات من المواطنين والمواطنات عن الانخراط بذلك النوع من الأعمال، والذي بدوره فاقم من معدلات البطالة في المملكة.
رؤية المملكة 2030 تنبهت لخطورة تفاقم البطالة في بلادنا، ووضعت ضمن أهدافها ومستهدفاتها تخفيض معدل البطالة في المملكة من 11,6 في المئة إلى 7 في المئة خلال حياة الرؤية، في حين تضمن برنامج التحول الوطني 2020 هدفاً رئيساً يرمي إلى توليد أكثر من 450 الف وظيفة في القطاعات غير الحكومية خلال حياة البرنامج، بما يسهم في تحقيق هدف "رؤية المملكة العربية السعودية 2030" في رفع مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي من 40 في لمئة إلى 65 في المئة.
ولكن يبقى السؤال الصعب: هل ستتمكن الرؤية ويتمكن برنامج التحول الوطني من تحقيق تلك النسب وتلك الأرقام الطموحة في ظل التشوهات والاختلالات التي يعاني منها سوق العمل؟.
إن غداً لناظره قريب ليجيب على هذا السؤال عما سيتحقق على ارض الواقع من تلك الأرقام.
نقلا عن الرياض
يقول الكاتب : (حيث على سبيل المثال، تم إصدار قرابة 1,5 مليون تأشيرة عمل للعمالة الوافدة خلال العام الماضي فقط.). وأقول له حسنا ولكن ماهى الوظائف التى صدرت من أجلها هذه التأشيرات؟ وهل هى من الوظائف التى يمكن أن يشغلها مواطنون سعوديون؟ أرجو ثم أرجو ثم أرجوا أن يصدر بيان من وزارة العمل يوضح طبيعة هذه الوظائف وقطاعاتها. إننا للأسف نخلط خلطا مخلا بين الوظائف الإدارية والمكتبية التى يقبل عليها الشباب السعودى وبين وظائف الحرف والمهن التى يقوم 90% من إقتصاديات سوق العمل والقطاع الخاص عليها. كفانا خلطا ومغالطة ولنسمى الأشياء بأسمائها ونواجه الواقع بالحقائق ولا شىء سوى الحقائق كفانا تنظير وشعارات وإجتهادات تضر أكثر مما تنفع. كفى !