العقارات ملاذ آمن

13/06/2016 9
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

كان منتصف السبعينيات الميلادية من القرن الماضي بداية نمو السوق العقارية في المملكة متزامنا مع خطة التنمية الخمسية الأولى، حيث زادت أسعار الأراضي السكنية والتجارية بنسبة عالية وغير مسبوقة.

وزادت أسعار الأراضي السكنية في خطة التنمية الخمسية الثانية بعد ارتفاع أسعار النفط بسبب المقاطعة البترولية للدول التي ساندت إسرائيل، لكنها بدأت في الركود لفترة طويلة مما اخاف المستثمرين في العقارات.

وارتفعت اسعار العقارات في نهاية السبعينيات والربع الأول من الثمانينيات بعد ارتفاع أسعار النفط وضخ الدعم الحكومي للأموال في صندوق التنمية العقارية، لكن اسعار النفط تراجعت في منتصف الثمانينيات دون 10 دولارات للبرميل؛ مما أثر سلبا في اسعار العقارات، لكنها كانت فترة قصيرة جدا عادت اسعار العقارات بعدها إلى الارتفاع والنمو.

ولعل التاريخ يعيد نفسه اليوم، حيث تتتابع الاخبار وتتناقض وتتعدد مصادرها ويبدأ المهتمون بالتساؤلات عن نقاط مهمة فلا يجدون اجابة كافية شافية مما يزيد الغموض حول مستقبل العقارات، خاصة الغموض في تطبيق رسوم الاراضي البيضاء.

وهذا يزيد من شكوك المحتاجين لشراء الاراضي السكنية والتي تزيد هذه الايام وبالتالي يحجمون عن الشراء لانهم يتوقعون ان اسعار الاراضي ستنهار وهم بلا شك واهمون لأن العقار ملاذ اقتصادي آمن ولا يقل شأنه عن شأن الذهب.

ولا ابالغ في ذلك لأن من اشتروا اونصة الذهب بعد هبوط قيمة الدولار وسعر برميل النفط بحوالي ١٩٠٠ دولار للأونصة ندموا على ذلك؛ لأن سعر أونصة الذهب انخفض بأكثر من ٤٠٪ عن قيمة الشراء، وخسروا نسبة كبيرة من استثماراتهم بينما العقار السكني لم ينخفض بنفس النسبة.

يبالغ المغردون على تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى في توقعاتهم غير المبنية على الحقائق والمنطق عندما يوصون المحتاجين لشراء اراض سكنية بعدم الإقدام على ذلك لأن اسعار العقارات في نزول حاد إلى الانهيار.

ومن يتجاهل من المغردين النظرية الاقتصادية الكلاسيكية والنمو السكاني المرتفع في المملكة ونسبة الفجوة العمرية العالية ونسبة من يملكون سكنا من السعوديين فإنه يخطئ في تقديراته لاسعار الأراضي السكنية، والتي لا يمكن أن تكون رسوم الأراضي البيضاء ضاغطا على الأسعار إلى الأسفل؛ لأن الطلب عال والعرض منخفض.

واذا فهمنا أن الأراضي البيضاء في النطاق العمراني في المدن المستهدفة من الرسوم لوجدناها في مناطق تجارية لا تناسب السكن، حيث مر على بعضها اكثر من اربعة عقود من غير تطوير.

قد يحجم بعض المحتاجين للسكن عن شراء الأراضي السكنية أملا في انخفاض اسعار الأراضي بعد تطبيق رسوم الأراضي البيضاء، لكن عدم اقدامهم على الشراء لن يضغط على أسعار الأراضي السكنية إلى الأسفل، خاصة المطورة منها لأنها لن تنخفض بنسبة كبيرة كما يتوقعون وكما يصوره لهم المغردون.

والنظرية الاقتصادية الكلاسيكية تؤكد على أن الأسعار ترتفع بارتفاع الطلب ونقص المعروض. وللعلم فإن السلوك الشرائي في سوق العقارات السكنية لا يخرج عن هذه النظرية الاقتصادية.

الخلاصة سوق العقارات في ركود تليه عاصفة النشاط والنمو لأن الطلب أكثر من العرض، لكنه يحتاج إلى التنظيم والدعم الحكومي لصندوق التنمية العقارية، وتسهيل الاقتراض من البنوك ليستطيع المواطن بناء منزل.

ومن ينتظر انهيار سوق العقارات فهو واهم لأنه ملاذ آمن للمستثمرين، وربما أكثر أمانا من الذهب الذي فقد نسبة كبيرة من قيمته بعد ارتفاعه الى حوالي 1900 دولار للأونصة ثم تراجعه إلى حوالي 1250 دولارا للأونصة.

نقلا عن اليوم