إعادة التأكيد بدراسة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الأخيرة عن أسباب انتشار الفساد المالي والإداري بالقطاع الحكومي الخدمي بان الواسطة تعتبر اكثر أنماط الفساد انتشاراً بنسبة (62.9%) وان اللامبالاة بالعمل بالمرتبة الثانية بنسبة (19.3%) وان الرشوة والاختلاس اقل انتشارا، وبان ابرز التوصيات هو إعادة النظر بالإجراءات للحد من انتشار الواسطة وتكثيف الحملات التوعوية وتنويعها وتفعيل الحكومة الالكترونية..، ومقارنة ذلك مع ماقامت به الهيئة منذ انشائها، يؤكد بان العمل الحقيقي لمكافحة الفساد مازال بحاجة لإعادة تنظيم وفق الممارسات الفعلية للفساد وانه لم نكن حقا بحاجة لكل تلك الدراسات التي توافقت مع دراسة سابقة عام 1435هـ، لكون نتائجها هي ماكان يتداوله عامة الناس منذ سنوات طويلة وقبل انشاء الهيئة وبروز الوسائل الإبداعية للفساد.
فمن الواضح اننا عندما نبرز وللرأي العام بان الواسطة هي مشكلتنا الكبرى بالفساد فانه علاوة على سطحية نظرتنا للفساد - حتى وان اتى ذلك من عينة من المراجعين - فانه يؤكد بانه لم يتم حتى الان تحديد الأولويات لأنماط الفساد التي يجب ان نركز عليها لإيقاف الاستنزاف للخزينة العامة وحقوق المجتمع بالخدمة اللائقة، وان اهتمام افراد المجتمع في مكافحة الفساد ينحصر في مواجهتهم لصعوبات عند مراجعة الجهات تنتهي بوجود واسطة، وان طباعة الملصقات وتوزيع الأوراق كفيل للحد من الفساد، وعندما نبرز ان الواسطة هي سبب الفساد ونحجم الاختلاس والرشوة، فإننا في حقيقة الامر نُقلل من دور الهيئة ونستهين بممارسات كبيرة ومنظمة للفساد ونحجمها بتأكيدنا على انها تحدث بسبب انتشار الواسطة والمعارف لمسؤولين ومن يعمل بمكاتبهم كخدمة وليست للإثراء، في حين ان الواسطة لدى هؤلاء لم تعد موجودة ولم يعد احد يخدم جماعته الا في مواضيع لا ترتقي للاهتمام، واصبح كل من يرغب في انهاء معاملات بالملايين تتم عن طريق وسطاء تجمعهم المصالح وليس الامر مجرد وجود واسطة، فالعمل وفق مفهوم الواسطة السطحي تسبب في انخفاض عناصر الاختلاس والرشوة بالدراسات النظرية في أسباب انتشار الفساد وكأن الفساد ليست له علاقة او اثر على المال العام، بل ابرز ان الاعفاء من دفع حق عام او الحصول على نفع خاص بغير وجه حق هو فقط لوجود واسطه! فهل نعتقد ان ترسية مشروع او اجبار لجنة على استلام اعمال غير صالحة او تعيين او ترقية مسؤول غير كفء بمنصب كبير او اختيار بسطاء كمسؤولين وباللجان بان سبب ذلك وجود واسطه لتلك الشركة او المسؤول او الموظف؟
ام ان ذلك يمثل ابداعا في ممارسة "فساد عن بعد" ويتورط في حال اكتشافه موظف كمواطن او مقيم مسكين مغلوب على امره!
ان نتائج هذه الدراسة لا تتناسب مع حجم مسؤوليات الهيئة وخطة العمل الجديدة لرفع مستوى الأداء والانجاز والتي يجب ان تعتمد على العمل بواقعية في مكافحة الفساد بفكر رقابي يتفوق على ابداع من يمارس الفساد باحترافية والا يسمح بإقفال ملفات فساد كبيرة تنتهي بظلم موظفين نعلم يقيناً بانهم تعرضوا لضغوط تمارس فعليا في اعمال جهاتنا بما فيها من يتعامل ببرامج تقنية وحكومة الكترونية وممن لدية نفوذ او واسطة وطبعا تحت شعار المصلحة العامة، في حين ان المصلحة الخاصة هي الهدف من التجاوزات التي تبرز لنا كواسطة وممارسة مرونة!
ومع ماسبق طرحه هنا بشأن تجنب العمل تحت الضغط النفسي والإعلامي فان الاهم هو التركيز على الأولويات والفساد المنظم بالهدر بالمال العام والاستغلال وابعاد المخلصين من المواقع القيادية وعدم اضاعة الجهود في شكاوى كيدية ومواضيع شكلية تشغل الهيئة وتحرمها من تعاون المخلصين بالجهات، مع عدم أهمية الابراز للإنجازات الملموسة والحقيقية لتخفيض انتشار الفساد بعيدا عن ماتضمنته الدراسة بان الفساد انخفض بنسبة (39%)!
نقلا عن الرياض
للاسف صرف فلوس على الفاضي !! المفروض الغاء الهيئة وتحويل مسئولياتها الى المباحث الادارية واعطائها نفس الصلاحيات كما كان في عهد الملك فيصل رحمه الله