ونحن نستعرض رؤية (السعودية 2030)، والتي تم الإعلان عنها خلال الشهر الماضي، أصدرت مؤسسة (النظام الأوروبي لتحليل السياسة والإستراتيجية)، وهي إحدى المؤسسات الداخلية المستحدثة في الاتحاد الأوروبي لتقديم المشورة بشأن السياسات المتوسطة وبعيدة المدى لمؤسساته، تقريرًا بعنوان: (الاتجاهات العالمية في عام 2030م: هل يمكن للاتحاد الأوروبي مواجهة التحديات المقبلة؟)، ويقدم التقرير رؤية شاملة لشكل العالم خلال الـ15 عامًا المقبلة.
وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ بما يمكن أن يكون مستقبلًا، خصوصًا في العصر الحالي، والذي تسيطر عليه الكثير من التعقيدات والتغييرات المستمرة، خصوصًا على مستوى القوى المختلفة والتهديدات غير التقليدية التي تواجهها العديد من دول العالم، ومن ضمنها التغيُّرات المناخية، وكذلك التهديدات الإرهابية.
يشير التقرير بأن مستقبل الدول العربية وبعض دول الشرق الأوسط سيبقى مهددًا من قبل الجماعات الإرهابية المختلفة، في حين يبقى الوضع في المملكة متوقِّفا بشكلٍ كبيرعلى نجاح تطبيق (رؤية السعودية 2030)، في حين قد تزداد حالة عدم الاستقرارالسياسي في بعض الدول العربية، مما قد يُؤثِّر بشكلٍ مباشر على الأوضاع الإقتصادية في تلك الدول، ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط، وتأثيرها على الأمن العالمي، مع عدم توقُّع حدوث تَحسُّن كبير في أوضاع تلك الدول، في ظل فشل الأدوات التفاوضية للقضاء على النزاعات والتطرف فيها.
توقَّع التقرير تزايد الهجرة إلى دول الجنوب -بعكس المعتاد- مما يُؤكِّد استمرار الصراعات في الدول النامية، وتأثر تلك الدول بالتغييرات المناخية مما قد يؤدي إلى زيادة أعداد اللاجئين، كما يشير التقرير إلى استمرار انخفاض الخصوبة في الدول الأوروبية واستمرار ارتفاعها في دول أخرى، مما قد يصل بعدد السكان في العالم في 2030 إلى 8,3 مليار نسمة، مع مضاعفة الطبقة الوسطى على مستوى العالم لتصل إلى 60% من إجمالي السكان، وستتركز هذه الزيادة في قارة آسيا مع نمو بدرجة أقل في الشرق الأوسط مقارنة بدول العالم الأخرى، أما على مستوى الاقتصاد فيتوقع أن تتصدَّر الصين أعلى ناتج محلي، يليها الاتحاد الأوروبي، ثم الولايات المتحدة الأمريكية، بما يُعادل 55% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
هناك ثورة صناعية قادمة خلال السنوات المقبلة، وذلك في إطار التحوُّل نحو ما يُعرف بالاقتصاد الرقمي، والدول القادرة على البقاء والاستمرار هي تلك الدول التي تمتلك إستراتيجيات اقتصادية مرنة، تستطيع من خلالها التكيُّف مع المخاطر، مع أهمية قيام الدول بالبحث عن أسواق جديدة للاستثمار خارج محيطها الإقليمي.
خلاصة التقرير تشير إلى أن التوقعات تُفيد بأن العالم يتجه إلى مزيد من التعقيد وعدم الاستقرار، وخصوصًا في منطقة الشرق الأوسط، مما يتطلب الاستعداد المُبكِّر لمواجهة تلك المشكلات المتوقّعة بطرقٍ غير تقليدية ومبتكرة، وأن يتم مراعاتها في رؤيتنا المستقبلية.
نقلا عن المدينة