بعد هيكلة الوزارات التي أعلنت وأصبحت بموجبها وزارة التجارة والاستثمار بمسماها ومسؤولياتها الجديدة هي الجهة التنظيمية والإشرافية على تطوير بيئة الأعمال بعد نقل قطاع الصناعة منها ورئاسة وزيرها لمجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار، فمن الواضح أن دور الوزارة توسع ولم يتقلص ولكنه بات بموقع المحرك الرئيسي نحو الوصول لأهداف الرؤية بأن يكون للقطاع الخاص نصيب كبير بالناتج المحلي الذي قدر عند 65 % بالإضافة لجذب الاستثمارات التي أوصت دراسة ماكينزي بأن تصل إلى 15 تريليون ريال لتخفيض نسب البطالة ومضاعفة الناتج المحلي حتى العام 2030م.
بداية فقد أشار تقرير البنك الدولي لمزاولة الأعمال إلى أن ترتيب المملكة يقع عند مستوى 84 من بين 189 دولة لعام 2015م وفق المنهجية الجديدة التي اعتمدها البنك بالتصنيف للدول والتي تعادل المرتبة 49 وفق المنهجية القديمة ورغم أن التوقعات للبنك تشير أننا سنتقدم مرتبتين لهذا العام إلا أن ذلك لا يعد تطورا كبيرا حتى نصل للمرحلة التي تتسارع فيها الخطوات لتطوير دور القطاع الخاص فمازال ترتيبنا عند 189 في الحماية من الإفلاس بسبب عدم وجود نظام له بالمملكة والذي يتوقع أن يصدر خلال أسابيع ولكن مازال ترتيبنا بالبدء بالنشاط التجاري عند 130 ومازالت قضايا الفصل بالمنازعات التجارية تأخذ وقتا طويلا يصل إلى حوالي 635 يوما مع العلم أن الدول المتقدمة بالترتيب تصل المدة لديها إلى 150 يوما.
لكن التغيير والتحسين بالمرتبة دوليا لمزاولة الأعمال ليست إلا جزء رئيسي وليس مطلق من عمل الوزارة لتنشيط قطاع الأعمال فالعمل الكبير والتحدي هو بالتنافسية على جذب الاستثمارات فالكثير من الدول توفر تشريعات وأنظمة ميسرة لمزاولة الأعمال لكن قليل منها يتفوق بجذب الاستثمارات وهو أمر يتطلب العديد من الإجراءات الكفيلة بأن تساهم بتوفير البيئة المناسبة للاستثمار فمع التنظيم الجديد للوزارة لابد أن تهيكل القطاعات وتحدد الفرص فيها حتى تكون المنافسة عادلة وفرص النجاح كبيرة للاستثمارات مع الاستفادة مما تم عمله بالهيئة العامة للاستثمار بالسنوات القليلة الماضية من تصنيف وترتيب للقطاعات المستهدفة التي يحتاج الاقتصاد التوسع بها من خلال وضع شرائح معينة تترك للمواطن فقط أن يستثمر بها وتحديدا المنشآت الصغيرة والمتوسطة وأيضا وضع أنظمة لا تسمح بإغراق الاقتصاد باستثمارات تفيض عن الحاجة بكافة النشاطات أي أن يكون لدى جهاز الوزارة إدارة معنية برصد حجم الاستثمارات وعدد المنشآت وتوزيعها بكافة المدن ومدى كفايتها للطلب على منتجاتها وخدماتها حتى لا تتشبع باستثمارات فائضة عن الحاجة وتحيل المنافسة إلى مرحلة كسر العظم والإفلاس لتلك المنشآت على أن تكون المرونة واسعة باتخاذ الإجراءات الملائمة لحماية الاقتصاد عموما من خلال توفير مناخ صحي للمستثمرين وحماية للمستهلك بدرجة رئيسية.
فالرؤية المستقبلية وضعت أهدافا كبرى تستهدف الوصول لها بمدة زمنية لا تعد طويلة ووزارة التجارة والاستثمار تمثل القلب النابض بين الأجهزة الحكومية المعنية بتنفيذ الرؤية فدورها متشعب ويرتبط بكافة أطراف السوق وحماية المستهلك تعد ركيزة أساسية مع التحولات القادمة من خلال دور الوزارة بمكافحة الغش والتلاعب بالأسعار ومعالجة التضخم من خلال زيادة العرض للسلع والخدمات للإبقاء على قوة تأثير المستهلك وذلك بزيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد من خلال ما ستقوم به الوزارة من تطوير منتظر بسهولة الأعمال ووضع الأنظمة والتشريعات والرقابة المناسبة التي تحقق أهداف الرؤية الواسعة فالتجارة والاستثمار هي حلقة الوصل بين الوزارات والجهات الرسمية الفاعلة بالرؤية والتي تربط بينها للوصول للأهداف المرصودة حتى ينتقل الاقتصاد بمرونة وسهولة إلى مرحلة يتقلص فيها تأثير إيراد النفط بالنشاط والنمو الاقتصادي المحلي ويرتفع فيها دور الفرد إنتاجا واستثمارا واستهلاكا وفق الرؤية المستقبلية لاقتصاد المملكة.
نقلا عن الجزيرة