تضخيم حجم المخاطرة في سوق المال.. بعد القرارات

04/05/2016 1
خالد بن عبد العزيز العتيبي

أستطيع أن أصف القرارات التي أصدرتها هيئة السوق المالية بأنها قرارات جيدة، وتحضيرات إجرائية لنقل السوق المالية إلى ما تستحق أن تبلغه من مستوى مأمول ومرحلة في النضوج، ومن المناسب الآن وبشكل عاجل أن يتم الشرح بالتفصيل للمستثمرين عن تفاصيل القرارين المتعلقين بالتسوية والبيع على المكشوف، وذلك لإزالة اللغط والالتباس وكثرة التفسيرات والـتأويلات التي تركت المجال للضغط على السوق، وبالتالي عدم ترك الفرصة للبعض من ضعاف النفوس في إثارة المخاوف من موضوع التسوية والبيع على المكشوف.

كما قلت، القرارات أجدها مكملة بعضها لبعض، فالقرار الأول المتعلق بتعديل القواعد المنظمة لاستثمار المؤسسات الأجنبية المؤهلة كان متوقعاً، أما ما يتعلق بقراري تسوية الصفقات للأسهم المدرجة في السوق من تسوية آنية (T+0) لتكون يومين بعد الصفقة (T+2)، وأيضاً قرار إقراض الأوراق المالية والبيع على المكشوف المشروط باقتراض الأسهم.

فتلك من الممارسات التي تعتبر أحد مكونات البنية الأساسية للأسواق المالية، صحيح أنها تضخم حجم المخاطرة في سوق المال وعلى المستثمر نفسه، وهذه طبيعة مثل هذا النوع من الإستثمار، لكن ما تتطلبه هو مستثمر حصيف ذكي يستطيع أن يبني قراراته معتمداً على نفسه، وهي فرصة لأن يتعود على ألا يسلم عقله ومصيره لمجموعات المضاربات العشوائية التي لم يسلم منها أكثر من 90 بالمئة من متعاملي السوق.

لكي تلقى مثل تلك القرارت النجاح المطلوب لا بد أن يتبعها قرارات أخرى موازية تتعلق برفع مستوى التوعية وهذا ما تمت الإشارة إليه في ثنايا أحد القرارات، وتتطلب كذلك التوجه الجاد نحو الإفصاح والشفافية بدرجة أكبر مما هي عليه حالياً. فالمستثمر المؤهل يقيس في المقام الأول درجة الشفافية في أي سوق مالية قبل أن يُقدِم عليها وقبل اتخاذ قراره بالاستثمار فيها، وهو مقتنع تماماً بأنه ما لم تكن سوق المال التي يهدف لأن ينوع استثماره فيها على درجة موازية للشفافية لسوق المال الرئيسية في بلاده فلن يقدم على مثل هذه الخطوة.

في الواقع، إن ما اتخذ من قرار من هيئة السوق المالية يتعلق برفع مستوى الشفافية قبل نحو ثلاثة أسابيع المتضمن الإفصاح عن التغير اليومي في ملكية الملاك المؤسسين، وأعضاء مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي والمدير المالي، هو قرار يستحق الإشادة والتقدير الكبير، والأمل قائم بأن يكون أول الغيث لقرارات أخرى قد تتبعها، مثل الإفصاح عن التغير اليومي في ملكية صناديق الاستثمار، وإلزام الشركات بالإعلان عن تقديرات أرباحها المستقبلية لكل ربع مقبل خلال إعلان نتائجها الفعلية عن كل ربع مالي؛ لأن مثل ذلك سوف يأتي بثماره سريعاً على السوق، ويزيل الضبابية عنها والغموض عن مستثمريها.

من المهم حالياً، أن يتم العمل على إزالة سوء الفهم والتفسيرات المتداخلة عن الآليات التي أعلن عنها بالأمس حول التسويات والبيع على المكشوف، وشرحها للمستثمرين دون أي تأخير.

نقلا عن الرياض