ماذا بعد بنما؟!

13/04/2016 4
محمد مهدى عبدالنبي

اذا اردنا ان نختصر ضجة اوراق بنما فى جمله مفيده فلنا ان نتذكر ونتأمل المثل الامريكى القائل (القوانين تشبه نسيج العنكبوت، تقع فيه الطيور الصغيره وتعصف به الطيور الكبيره )... وهذا بالفعل ما يحدث قبل بنما وبعدها ولكن تصنيف وحجم الطيور اختلف هذه المره، والعجيب ان حجم تجارة اوراق بنما المسربه هو 7 تريليون دولار وهو نفس الفرق بين الناتج المحلى الاجمالى للولايات المتحده ( 17419 مليار دولار ) وبين الناتج المحلى الاجمالى للصين (10354 مليار دولار ) ... 

ويدور العالم بين بريق الاسماء الوارده فى التسريبات المقصوده وبين ازدهار صناعة النفاق التى تشهدها الصحافه العالميه بتناولها النفعى الخالص للحدث بعيدا عن شعارات الموضوعيه والحياد ... وهذا لا يهمنا بقدر معرفة المستفيد الاصلى  الذى اشارت اليه اغلب الدوائر السياسيه فى العالم  وعلى رأسهم الكرملين الذى اتهم الملياردير الامريكى جورج سورس صاحب صناديق التحوط الاستثماريه ولاعب رئيسى فى تجارة offshore وصاحب تاريخ سياسى واقتصادى مثير للجدل والرعب ايضا، فهو من يطلق عليه (رجل دوله بلا دوله) سورس لم يرد اسمه او اسم اى شخصيه او منظمه امريكيه  بشكل مباشر فى اوراق بنما وهو ما اثار شكوك كل من وردت اسمائهم تجاه الولايات المتحده الامريكيه وظلها المؤثر سورس من حيث  طريقة وتوقيت ظهور اوراق بنما فى وضع اقتصادى عالمى صعب يعانى من تباطؤ للنمو الاقتصادى وانهيار اسعار الطاقه وتأثيراتها السيئه على اقتصاد العالم  ...

الاتهامات الصريحه للولايات المتحده دفعتها ان تطمئن ضحايا تسريبات بنما على لسان اوباوما بقوله ان واشنطن لن تغير مواقفها مع من وردت اسمائهم، وان الاقتصاد العالمى لن يتأثر بتلك القضيه بل وزاد على ذلك دعوته لوضع قواعد جديده لمنع التهرب الضريبى ... وهنا مربط الفرس ... فالفوائض النقديه  الضخمه التى انتقلت من منتجى الى مستهلكى النفط بعد انهيار اسعاره تقدر بثلاثة تريليونات دولار نتيجة فروق اسعار النفط فى 2014 واسعاره الان فى 2016 وتلك الفوائض تبحث عن اوعيه استثماريه هائله ومرنه وهذا ما وعدت به واشنطن بعدما فتحت ابوابها بتسريبات بنما لأن تكون ملاذ ضريبى امن جديد ومستقر لثروات النفط وثروات تجارة offshore التى تعيد توجيه نحو 30 تريليون دولار على الاقل الى الولايات المتحده ...

ولاشك ان اوراق بنما لها اهداف سياسيه ظهرت نتائجها سريعا بأستقالة رئيس وزراء ايسلندا الذى اعطى بأستقالته مشروعية سياسيه لتلك الاوراق واثبت انه من الطيور الصغيره التى اجتذبتها خيوط العنكبوت الذى ينتظر سقوط المزيد فى بحر 11.50 مليون وثيقه مسربه تسلك شرايين المواقف السياسيه والاقتصاديه وتؤكد انه ليس هناك يد نظيفه فالجميع يخطئون ...

واخيرا .... بعد محاولة التفكير والتحليل تطفو ملاحظه ويبقى سؤال ...فبعد تسريبات ويكيليكس كان ما يسمى ثورات الربيع العربى ... فماذا بعد تسريبات بنما ؟!