أوضحت تحركات سوق الأسهم السعودية للأسبوع المنصرم مدى الحيرة التي تطغى على قرارات المستثمرين وذلك يتضح من خلال احتدام الصراع بين قوى البيع والشراء والذي أدى إلى إغلاق ضعيف للمؤشر نهاية الأسبوع رغم المكاسب، حيث أغلق السوق على أرباح بنحو 34 نقطة فقط أي بنسبة 0.50% فقط، ويبدو أن اختلاف التوجهات بين متفائل بارتفاع السوق نتيجة ارتفاع النفط المتوقع والإعلانات التي لن تكون سلبية بدرجة كبيرة ومتشائم بانخفاض أسعار النفط؛ بسبب اختلاف توجهات الدول المنتجة وأيضا للإعلانات السلبية للشركات خاصة القيادية منها، كل ذلك كان له الأثر الأكبر في حجم الحيرة الظاهرة على أداء السوق والتي في رأيي أنها ستنجلي مع مرورالأيام وذلك حتى يوم 17 من هذا الشهر والذي سيتم فيه عقد اجتماع الدوحة وأيضا ستكون غالبية الشركات قد أعلنت عن نتائجها الربعية وعندها ستبدأ التحركات السعرية للسوق تأخذ منحنى أكثر وضوحًا مما سيجعل الكفة تسير في صالح النتائج التي ستؤول إليها قرارات الدول المنتجة للنفط بالإضافة إلى نتيجة إعلانات الشركات.
أما من حيث السيولة فقد بلغت للأسبوع الماضي نحو 22.9 مليار ريال مقارنة بنحو 6.24 مليار ريال للأسبوع الذي قبله، وهذا التراجع في السيولة هو إشارة جيدة توحي بأن تحركات هذا الأسبوع ستميل للصعود، لكن هل ذلك الصعود المتوقع سيسفر عن الوصول إلى قمة جديدة فوق 525. 6 نقطة؟
أم ستكون لتكوين قمة هابطة دون ذلك المستوى؟ في رأيي أن كلا الأمرين قائم مع أني أميل للسيناريو الثاني، لكن في جميع الأحوال من المهم مراقبة تحركات السوق هذه الأيام بشكل دقيق حتى يتم التعرف على شكل التوجه المستقبلي للسوق.
التحليل الفني كما أسلفت فإن الحركة السعرية للأسبوع الماضي كانت محدودة التذبذب، لكن بالنظر إلى تحركات الأسابيع الماضية فإن المؤشر العام بدأ يعطي انطباعا بأن موجة الصعود من مستويات 348. 5 نقطة وحتى 6، 525 نقطة كانت موجة صعود وحان وقت تصحيحها، لذا فإن أي تحرك سعري قادم دون 525. 6 نقطة يكون ضمن الحركة التصحيحية، وأي كسر لدعم 800. 5 نقطة يعني أن الهبوط الحالي ليس تصحيحًا وإنما موجة هابطة رئيسية ستكسر قاع 348. 5 نقطة وستتجه لتكوين قاع جديد، ولا شك في أن تحركات النفط القادمة هي من سيحدد أي الفرضيتين ستحدث، لكن من الناحية الفنية فإن مراقبة النقاط الآنفة الذكر ستؤكد بشكل كبير شكل الحركة السعرية للسوق بقية هذا العام.
أما من حيث القطاعات فأجد ان قطاع المصارف والخدمات المالية مازال محافظا على دعم 14.000 نقطة رغم التذبذب الضيق حول هذا المستوى لآخر ثماني جلسات، واعتقد أن طول هذه الفترة حول هذا المستوى أمر سلبي، وربما يكون لحالة ترقب نتائج المصارف التي عليها المستثمرون في هذا القطاع مفسرا لهذه الحركة السعرية الأفقية.
لكن فقدان المستوى المذكور لا شك أنه سيجعل القطاع يتجه نزولا حتى مشارف 13.100 نقطة، أما المحافظة عليه فإنه سيدفع القطاع للصعود حتى منطقة 14.800 نقطة مجددا.
لكن في نفس الوقت أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية قد تمكن بكل اقتدار بداية الأسبوع المنصرم من احترام دعم 3.850 نقطة وهذا الأمر قد يدفعه لملامسة مستوى 4.200 نقطة من جديد ومن المهم اختراق هذا الأخير لمواصلة الصعود فمجرد الملامسة لا تكفي للجزم بإيجابية القطاع، أما لو عاد القطاع وكسر دعم 3.850 نقطة فتلك إشارة على أن القطاع بصدد الدخول في موجة هابطة ستضغط كثيرا على تحركات السوق ككل.
أما من حيث القطاعات الإيجابية كما أتوقع لهذا الأسبوع فهي قطاعات الاسمنت والتجزئة والزراعة والاتصالات والاستثمار الصناعي والفنادق والسياحة.
في المقابل أجد أن السلبية ستطغى غالبا على أداء قطاعات الطاقة والتأمين والاستثمار المتعدد والتشييد والبناء والتطوير العقاري والنقل والاعلام.
أسواق السلع الدولية بعد ان احترم خام برنت دعم 37.75 دولار ارتدت الأسعار صعودا نتيجة التقارير التي توقعت بوصول الدول المنتجة للنفط في اجتماع الدوحة المرتقب إلى صيغة لتجميد الإنتاج وهذا الأمر بحد ذاته كفيل باستقرار الأسعار فوق مستوى 40 دولارا، لكن يبدو أن تلك التقارير قد تجاهلت تصريح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان والذي أوضح أن المملكة لن تجمد الإنتاج ما لم تجمده إيران وهي التي قد أوضحت بدورها في وقت سابق أن قرار تجميد الإنتاج لديها غير وارد حاليا مما يوحي بأن الاجتماع لن يكون سهلا خاصة مع اختلاف التوجهات الاقتصادية لأهم الدول المجتمعة والتي قاد الصراع بينها أسعار النفط لفقدان أكثر من ثلاثة أرباع سعره، لذا فإن القرارات الصادرة عن ذلك الاجتماع ستحدد مسيرة أسعار النفط حتى نهاية هذا العام وهو ما سيؤثر بدوره على أسواق الأسهم ليس في الخليج فحسب بل في جميع دول العالم؛ لأن النفط إما أن يجعل الاقتصاد العالمي يدخل في حالة ركود أو يعيده لحالة الانتعاش والتي عاشها خلال السنوات القليلة الماضية.
أما من الناحية الفنية فإن اختراق مقاومات 43 – 45 دولارا على خام برنت مهمة جدا لمواصلة الصعود حتى المنطقة الأهم تاريخيا عند 55 دولارا.
أما خام نايمكس فمن المهم أن يتجاوز مقاومة 41.80 دولار والتي فشل في اختراقها طوال الأسابيع الثلاثة الماضية وذلك حتى يصل لمنطقة 45 دولارا ومنها إلى قمة 51 دولارا للبرميل.
من جهة أخرى أجد أن أسعار الذهب ما زالت محافظة على دعم 1.200 دولار للأونصة وهذا أمر إيجابي ربما يدفع المعدن الثمين لتجاوز قمة 1.280 دولارا وهذا السيناريو من شأنه أن يصل بالأسعار إلى مناطق 1.450 دولارا، وما يهدد الذهب بالهبوط وفشل السيناريو السابق هو الارتفاع المتوقع لسعر صرف الدولار والذي من شأنه أن يفقد الأسعار لمستوى 1.080 دولارا والذي يعتبر دعما تاريخيا للذهب.
أسواق الأسهم العالمية رغم الإغلاق الإيجابي لمؤشر داو جونز فوق مستويات 17.600 نقطة خلال الأسبوع قبل الماضي إلا أنه ما لبث أن أغلق دون ذلك الأخير وهذه ما تسمى «مصيدة المشترين» في علم التحليل الفني، فإذا ما استمر المؤشر الأمريكي الأشهر في الإغلاق دون تلك المستويات نهاية هذا الأسبوع فهذا يدل على أن هناك مسارا هابطا قادما من المنتظر أن يجعل المؤشر يفقد مستويات 17.000 نقطة على المدى القريب.
أما مؤشر الداكس الألماني فما زال متماسكا فوق دعم 9.550 نقطة وهذا الأمر من شأنه أن يجعل الأسعار تتحسن قليلا وذلك بعد البيانات المشجعة والتي صدرت نهاية الأسبوع الماضي حيث أشارت إلى تحسن الميزان التجاري الألماني لشهر فبراير.
لكن من الناحية الفنية فإن الرسم البياني يوحي بأن المؤشر الألماني سوف يعاود الهبوط مجددا؛ نظرا لأن المسار الرئيسي الحالي هابط، وهذا من شأنه أن يضغط على المؤشرات الأوروبية قاطبة وذلك لأن الاقتصاد الألماني وحده يشكل نصف اقتصاد الاتحاد الأوروبي لذا من المهم مراقبة دعوم 9.550 – 9.200 نقطة على التوالي لأن كسرهما يعني تأكد الدخول في المسار الهابط.
التحليل الفني يستأنس به في الظروف العادية والمستقرة للسوق مجرد تصورات وخيالات