سجلت الأسهم العالمية أطول سلسلة متتالية من المكاسب في أكثر من عامين بعد أن أدى الارتفاع الحاد في أسعار النفط إلى زيادة الثقة بشأن الاقتصاد العالمي مما أدى بدوره إلى زيادة إقبال المستثمرين على المخاطرة.
وقد أظهرت الأسهم في أوروبا قدرتها على الصمود والانتعاش بعد أن عوضت خسائرها السابقة بفضل التصريحات التي أدلى بها كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي بيتر برايت والتي زادت من التوقعات بأن البنك المركزي الأوروبي يمكن أن يلجأ لمزيد من التدابير التحفيزية إذا أدت الصدمات السلبية لإضعاف التوقعات في منطقة اليورو.
وانتقل هذا الشعور بالاطمئنان والارتياح من أوروبا إلى الولايات المتحدة حيث صعد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مسجلاً مكسبا صافيا للمرة الأولى خلال هذا العام حيث واصل المشاركون في السوق محاولتهم لفهم واستيعاب البيان المتحفظ للبنك المركزي الأمريكي والذي قلل من التكهنات برفع سعر الفائدة بأكثر من مرتين خلال عام 2016.
وصحيح أن الأسهم الأوروبية والأمريكية قد سجلت مكاسب، ولكن الأسهم الآسيوية قد تراجعت يوم الجمعة حيث إن استمرار المخاوف بشأن تباطؤ النمو العالمي قد أدى لزيادة الإقبال على الين الياباني – عملة الملاذ الآمن – مما دفع مؤشر نيكي للهبوط إلى مستويات لم تشهدها منذ أواخر عام 2014.
وصحيح أن هذه المكاسب الأخيرة في أسواق الأسهم قد تظهر قدرا من التحسن في الإقبال على المخاطرة بوجه عام، ولكن يجب على المستثمرين توخي الحذر لأن المخاوف بشأن تباطؤ النمو العالمي والمشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الصيني في الوقت الحالي ما تزال كامنة في خلفية المشهد.
ونحن نشهد وضعا تتسم فيه السوق بحساسية شديدة جدا وهو الأمر الذي يمكن أن ينجم عنه مستويات هائلة من التقلب عندما تعاود أسعار النفط انخفاضها مما سيجبر المستثمرين الذي ينتابهم القلق على الابتعاد عن الأصول ذات المخاطر المرتفعة.
ضعف الدولار يحفز الدببة
أدى التبدد السريع للتوقعات برفع أسعار الفائدة بأكثر من مرتين خلال عام 2016 في أعقاب البيان المتحفظ الذي صدر عقب اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة إلى ضعف الدولار وفتح الأبواب على مصراعيها أمام تكبده لمزيد من الخسائر.
وكانت مخاوف المستثمرين بشأن المشهد الاقتصادي السلبي قد تأججت بعد أن قام البنك المركزي الأمريكي بغض الطرف عن البيانات الاقتصادية الإيجابية الأمريكية وركز بدلا من ذلك على التطورات العالمية التي أدت لتعريض الاقتصاد الأمريكي لمخاطر هبوطية.
وفي ظل تبدد أي أمال متبقية بأن البنك المركزي الأمريكي قد يتخذ إجراءات في أي وقت قريب، قد يستخدم المستثمرين الدببة ذلك باعتباره فرصة لمهاجمة الدولار في كافة أرجاء سوق العملات.
وبمناسبة الحديث عن الدولار الأمريكي، يتحرك مؤشر الدولار بشكل هبوطي للغاية على الرسم البياني اليومي حيث يتم باستمرار تكوين قيعان أدنى من القيعان السابقة وقمم أدنى من القمم السابقة.
ويتم تداول الأسعار أدنى من المتوسط المتحرك البسيط لكلا من 20 و 50 يوما كما أن مؤشر الماكد قد تحرك إلى المنطقة السلبية.
وفي ظل احتلال ضعف الدولار لصدارة الاهتمام، من المحتمل أن يمنح ذلك تشجيعا وحافزا للمستثمرين الدببة لدفع مؤشر الدولار للهبوط نحو مستوى 94.00 وربما لأقل من ذلك.
ومن المنظور الفني، من المفترض أن يصبح الدعم السابق عند 95.50 مقاومة قوية وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤدي لهبوط حاد نحو مستوى 94.00.
الجنيه الإسترليني معرض للهبوط
حظي ثيران الجنيه الإسترليني بتشجيع قوي خلال تعاملات الأسبوع الماضي بعد أن بدد محضر اجتماع البنك المركزي البريطاني أي توقعات بشأن احتمال خفض أسعار الفائدة البريطانية على الرغم من الاضطرابات العالمية الحالية.
ولم يكن للارتفاع المبالغ فيه لقيمة الإسترليني أي صلة بتحسن المعنويات تجاه الاقتصاد البريطاني الذي ما يزال يخوض معركة ضارية ضد تراجع قطاع التصنيع وتباطؤ نمو التضخم وهبوط توقعات الناتج المحلي الإجمالي لعام 2016.
وفي ظل تأجج المخاوف بشأن الاحتمالات والآثار التي لا حد لها لرحيل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد البريطاني مما يقلل من إقبال المستثمرين على الجنيه الإسترليني، من المحتمل أن تتعرض العملة لمزيد من الهبوط في المستقبل.
وكان زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي قد سجل مكاسب إيجابية الأسبوع الماضي حيث تمكنت الأسعار من الاختراق فوق حاجز المقاومة النفسي عند 1.44.
وعلى الرغم من المكاسب الأخيرة، ولكن الزوج ما يزال هبوطيا من المنظور الأساسي ومن المحتمل أن يؤدي الاختراق أسفل مستوى 1.44 لمنح فرصة للدببة لقيادة الأسعار للهبوط نحو مستوى 1.42.
ومن المنظور الفني، يتم تداول الأسعار فوق المتوسط المتحرك البسيط لمدة 20 يوم كما أن مؤشر الماكد قد تحرك إلى المنطقة الإيجابية. ويشير الارتفاع القوي والإغلاق اليومي فوق مستوى 1.46 إلى أن الثيران قد أحكموا سيطرتهم على الزوج.
ثيران اليورو يتجاهلون حمائم البنك المركزي الأوروبي
ما يزال اليورو يحظى بالدعم في كافة أرجاء سوق العملات بفضل تأثير التصريحات التي أدلى بها ماريو دراغي رئيس البنك المركزي الأوروبي بأن البنك المركزي الأوروبي لم يقوم بمزيد من الخفض لأسعار الفائدة.
وعلى الرغم من الموقف القوي الذي اتخذه البنك المركزي الأوروبي بخفض كلا من سعر الفائدة على الإيداع وسعر الفائدة الرئيسي في محاولة من جانبه لدفع قيمة اليورو للانخفاض وإنعاش التضخم في منطقة اليورو، ولكن ما يزال هناك قلق شديد من أن البنك المركزي ربما يكون قد استنفد جميع الوسائل المتاحة أمامه.
وفي ضوء هذه المخاوف، لم يدخر كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي بيتر برايت جهداً وقام بإخبار المشاركين في السوق بأن البنك المركزي ما يزال يمتلك بعض الأدوات التي تمكنه من التصدي لتراجع التضخم في ظل التزايد السريع في الاهتمام بفكرة المروحية النقدية التي طرحها ماريو دراغي في خطابة الأخير والتي تعني إلقاء النقود في منطقة اليورو من أجل تحفيز النمو كما لو أنها قد ألقيت من طائرة مروحية محلقة في السماء.
وصحيح أن المعنويات ما تزال منخفضة تجاه منطقة اليورو، ولكن اليورو قد يواصل ارتفاعه في الوقت الحالي إذا تضاءلت التوقعات بشأن قدرة البنك المركزي على تعزيز النمو في منطقة اليورو.
ويذكر أن المستويات الشديدة من التقلب التي شهدتها أسواق العملات على مدى الأسبوع الماضي قد أدت لحدوث تقلبات عنيفة في زوج اليورو/الدولار الأمريكي والتي دفعته بسهولة لاختراق مستويات مقاومة قوية.
وقد تحول الزوج ليصبح صعوديا على الرسم البياني اليومي ومن المحتمل أن يرتفع لأكثر من ذلك حيث إن ضعف الدولار يمنح فرصة للمستثمرين المشترين للهجوم.
ومن المنظور الفني، قد تعمل المقاومة السابقة عند مستوى 1.120 كدعم قوي للارتفاع مرة أخرى نحو مستوى 1.14 وربما لأعلى من ذلك.
النفط الخام الأمريكي يتراجع عن 41 دولار
انخفض خام غرب تكساس الوسيط مرة أخرى نحو مستوى 39.35 دولار خلال التعاملات يوم الجمعة بعد أن أظهرت البيانات الأخيرة ارتفاعا في عدد منصات الحفر النفطية في الولايات المتحدة مما جدد المخاوف بشأن التخمة الشديدة للمعروض من النفط في الأسواق.
ويبدو أن الفضل في الارتفاعات التي سجلها النفط على مدار الأسابيع القليلة الماضية يرجع إلى زيادة التوقعات بأن كبار المنتجين للنفط قد ينضمون إلى اتفاق تجميد الإنتاج، كما أن ضعف الدولار الأمريكي قد منح الأسعار مزيدا من الدعم.
وعلى الرغم من هذه المكاسب التي سجلها النفط على المدى القصير، ما يزال خام غرب تكساس الوسيط هبوطيا من المنظور الأساسي حيث يخشى كبار المنتجين للنفط من تهاوي أسعار النفط إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق متين ومحدد المعالم في الاجتماع الذي سيعقد في شهر أبريل.
ويجب ألا يغفل المستثمرين أيضا أن إيران تسعي في الوقت الحالي لأن يصل إنتاجها إلى 4 مليون برميل يوميا ولن تكون طرفا في اجتماع شهر أبريل وهو الأمر الذي يتنافى مع الهدف المنشود من الاجتماع.
ومن المنظور الفني، يجب أن تتمكن الدببة من تحقيق اختراق أسفل مستوى 38 دولار لاكتساب قدر من القوة الدافعة لقيادة الأسعار نحو مزيد من الهبوط نحو مستوى 35 دولار. ويشير الإغلاق الأسبوعي أسفل مستوى 40 دولار إلى أن المستثمرين الدببة ما يزالون متواجدون.
السلع تحت المجهر - الذهب
ما تزال المخاوف المستمرة بشأن تباطؤ النمو العالمي والنهج القلق الذي تتبناه البنوك المركزية يزيدان من الإقبال على استثمارات الملاذ الآمن مثل الذهب والذي وجد الدعم حول مستوى 1250 دولار خلال تعاملات يوم الجمعة.
ويتحرك المعدن الأصفر النفيس بشكل صعودي كما أن تضاؤل التوقعات بأي رفع لسعر الفائدة في الولايات المتحدة في أي وقت قريب سيؤدي لتشجيع المشترين على دفع الأسعار للارتفاع نحو مستوى 1300 دولار وربما لأعلى من ذلك.
ومن المنظور الفني، يتم تداول الأسعار فوق المتوسط المتحرك البسيط لمدة 20 يوما كما أن مؤشر الماكد قد تحرك إلى المنطقة الإيجابية.
ومن المحتمل أن يكون الضعف الحالي للدولار الأمريكي هو العامل الأساسي الذي قد يفتح الأبواب على مصراعيها للارتفاع نحو مستوى 1300 دولار.