تسارعت الأحداث وكثرت التصريحات والتحليلات المتعلقة بصفقة «زين افريقيا»، على الرغم من أن الطرفين (البائع والشاري) حددا، ابتداء من 14 فبراير، حوالي 40 يوما لإتمام الاتفاق. فحتى 25 مارس المقبل ستستمر شركة بهارتي إيرتل الهندية في الفحص النافي للجهالة لدفاتر «زين إفريقيا». وحسب ما كشفت عنه «القبس» الأسبوع الماضي، تجري أغلب عمليات الفحص في الدول الافريقية نفسها، حيث تعمل «زين» في 15 دولة، بالإضافة إلى السودان والمغرب اللذين لن يدخلا ضمن الصفقة. وتعمل 6 فرق من مستشارين قانونيين وماليين في التدقيق والتمحيص في الرخص المذكورة.
ويبدو أن الطرفين الكويتي والهندي متحمسان لاتمام الصفقة بعد المفاوضات الأولية التي استمرت أياما قبل الكشف عن الاتفاق. هذا على الأقل ما أظهرته التصريحات المنشورة. ولعل نجاح الصفقة سيُعد بمنزلة الخطوة الأولى في استراتيجية «زين» الجديدة التي بدأت تتبلور نقاطها يوما بعد يوم. ومن خلال ما تم الافصاح عنه والتسريبات التي تدور وراء الكواليس، يمكن استخلاص أبرز نقاط هذه الاستراتيجية التي انطلقت مع خروج الدكتور سعد البراك من الإدارة التنفيذية العليا وتعيين الوزير السابق نبيل بن سلامة رئيسا تنفيذيا للمجموعة:
1-التركيز على الدول العربية كشف رئيس مجموعة الخرافي ناصر الخرافي، وهو أحد أكبر المساهمين في «زين»، أن الشركة تسعى لبيع أصولها في القارة السمراء بهدف التركيز على دول الشرق الأوسط. وإذا تمت الصفقة فستنحصر رخص «زين» في الدول العربية. وهي، بالإضافة إلى الكويت، تنتشر في السعودية والعراق والبحرين والأردن ولبنان والسودان والمغرب. وبحسب الأوساط المتابعة، يعتبر العمل في افريقيا صعبا ومشتتا لطبيعة الأنظمة والقوانين هناك. وكان سعد البراك نفسه أعلن في وقت سابق أن المجموعة خسرت مئات ملايين الدولارات بسبب فرق العملة في القارة.
كما من المعروف أن مجموعة الخرافي تركز أغلب أعمالها في الدول العربية، إيمانا منها بأهمية التنمية في هذه المنطقة، على حد قول الخرافي نفسه في تصريحات عديدة منشورة.
2-التوسع المدروس والمتأني دارت أحاديث كثيرة في الآونة الأخيرة حول عودة «زين» من العالمية إلى الاقليمية. وبغض النظر عن كيفية قراءة هذه الأحاديث، فإن الاستراتيجية الجديدة للمجموعة لا تزال تتضمن في بنودها تنفيذ بعض التوسعات، لكن بطريقة مدروسة ومتأنية. وتطبيقا لنظرية العمل في دول تعرفها أكثر من دول لا تعرفها، تتجه عيون «زين» إلى استحواذات في الفترة المقبلة قد تتم في لبنان (في حال قررت الحكومة التخصيص) وسوريا وليبيا والجزائر، بعد تأمين السيولة اللازمة من تخارج افريقيا ودراسة الفرص المتوافرة.
3-خفض مستوى الدين لا شك في أن صفقة «زين افريقيا» ستجعل دفاتر المجموعة الأم تتنفس الصعداء. فبسبب التوسع السريع في الأعوام القليلة الماضية، حُملت الشركة بديون بمليارات الدولارات. والجدير ذكره هنا أن «زين» لم تواجه بتاتا أي مشاكل في سداد أقساط قروضها وفوائدها بسبب الطبيعة التشيغيلة التي تتسم بها الشركة. وستعمل الاستراتيجية الجديدة، التي وضعها مجلس الإدارة بالتعاون مع الإدارة التنفيذية، على تخفيض حجم الديون عن كاهل الشركة. وما صفقة افريقيا إلا بداية هذا المسار. فحسب تصريح ناصر الخرافي لقناة «cnbc TV 18» الأسبوع الماضي، سيتم تخفيف حوالي 4 مليارات دولار من الديون المسجلة على الشركة: 1.7 مليار ستدفعها «بهارتي» عن زين افريقيا لمصلحة زين الأم، و2.3 مليار ديون على زين افريقيا مسجلة على زين الأم ستدفعها هذه الأخيرة، بعد الحصول على أموال الصفقة. ومن دون شكل ستصبح ميزانية «زين» أرشق في الفترة المقبلة.
4-تحسين التدفقات النقدية تسعى الاستراتيجية الجديدة لتحسين مصادر الدخل في الميزانية. فحسب الأوساط، ستعمل «زين» على المزيد من الاستثمارات في العراق والسعودية لتحسين التدفق النقدي من هاتين الرخصتين، على اعتبار أن هذين البلدين من أكبر الدول ذات الامكانات الكبيرة في قطاع الاتصالات. ويعتبر وضع زين السعودية من أبرز التحديات التي تواجهها المجموعة.
5-ترشيد النفقات بسبب التوسع السريع، واجهت المجموعة نوعا من «الانفلات» في المصاريف. وستسعى الاستراتيجية الجديدة إلى ترشيد النفقات و«ضبضة» المصاريف. وقد أفصحت «زين» مرات عدة أنها تعمل على ذلك بالتعاون مع مستشار عالمي هو بنك يو بي أس السويسري.
6-تطوير كفاءة التوظيف والخدمات تنقسم استراتيجية تحسين الكفاءة إلى نوعين: كفاءة الموظفين وكفاءة الخدمات. وستعمل «زين» في الفترة المقبلة على تحسين خدماتها خصوصا المتعلقة بنقل المعلومات وابتكار خدمات أخرى وطرحها في الأسواق. كما ستستمر بالعمل في الشبكة الواحدة التي سبق ان أطلقتها بين الدول التي تعمل فيها. أما من جهة كفاءة الجهاز التنفيذي والإداري فستعمل المجموعة على وضع استراتيجية جديدة في هذا الإطار تأخذ في عين الاعتبار تطوير الكفاءات الموجودة وجذب مهارات إضافية أخرى. ويركز بن سلامة جهده في هذا الجانب.
إضافة إلى ذلك، ستعمل المجموعة على تخفيض رأس المال ليكون مناسبا للوضع الجديد والاستراتيجية الجديدة التي ستجعل من «زين» شركة جديدة، رشيقة، نشيطة، طموحة.
اخ مارون . كلامك جميل . ولاشك ان صفقة زين افريقيا جاءت في وقت مناسب لزين الام لتلتقط انفاسها من جديد.
من دون شك أن صفقة افريقيا ستدعم المركز المالي للشركة وتقوي موقفها من المنافسة في الأسواق المتبقية