ما هو في صميم عمل هيئة السوق المالية لا يحتاج لتوصية الشورى

07/03/2016 1
خالد بن عبد العزيز العتيبي

التباطؤ في رفع درجة الشفافية والإفصاح في السوق المالية السعودية هو أمر مُحَيِر، ولا تُعرَف الأسباب التي تدفع إلى الاستكانة على هذه الدرجة المرتفعة من التباطؤ.

ما هو متعارف عليه، هو أنه كلما ازداد مستوى الشفافية والإفصاح،ارتفعت كفاءة السوق، وتعمقت فيها الثقة وحازت على المزيد من إقبال المستثمرين، وتلك حقائق ولا يمكن الطعن فيها أو الجدال حولها، ولعل أبرز دليل يؤكد أن هناك حاجة لرفع مستوى الشفافية والإفصاح؛ هو الإقبال الضعيف جداً، والصادم، من قبل الاستثمار الأجنبي المؤهل للاستثمار في السوق المالية السعودية.

فمثل ذلك الاستثمار الأجنبي المؤهل اعتاد في تعاملاته في الأسواق المالية العالمية أن تُوَفِر له الشركات المساهمة معلومات بشأن تقديراتها لإيراداتها ولأرباحها المستقبلية عن كل فصل مقبل عند عرض نتائجها المالية المتحققة، وإضافة إلى ذلك فإن كثيراً من الشركات دأبت على إقامة مؤتمرات يشارك فيه حضورياً أو عبر الاستماع كل من يهتم بشأن هذه الشركة أو تلك،من مساهمين ومستثمرين، وليس ذلك فحسب، وإنما كل ما يرغب فيه من معلومات يجدها في ملف الشركة من إفصاح خاصة في كشفها عن (النسب المئوية الدنيا للملاك) وحركة التغير فيها بيعاً وشراء،وغيره من المعلومات ذات الأهمية البالغة.

فهل مثل تلك المعلومات المهمة جداً موجودة في السوق المالية السعودية؟ وهل تلك الممارسات عند إعلان النتائج المالية للشركات المساهمة متوفرة ويحصل من خلالها المستثمر على ما يريده؟ بالتأكيد غير متوفرة، فلم يُكشَف بعد عن النسب المئوية الدنيا من ملاك الأسهم وحركة بيعهم وشرائهم، ولم تُظهِر بعد الشركات المساهمة تقديرات أرباحها وإيراداتها المستقبلية للربع المقبل،بل أن السوق مليئة بالكثير من الاجتهادات التي يقوم فيها البعض بالخوض في توقعات النتائج المستقبلية للشركات المساهمة دون توفر ما يُستَنَد إليه عند بناء تلك التوقعات، مما يترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لنفاذ المغالطات.

الواقع بالنسبة للاستثمار الأجنبي يقول،إن الإعلان عن تقديرات الأرباح أو الخسائر وتقديرات الإيرادات والكشف عن النسب المئوية الدنيا لملاك الأسهم وحركتهم الشرائية والبيعية هي من المعايير المهمة التي تُبنَي عليها القرارات الاستثمارية من قبل كثير من المؤسسات والصناديق الاستثمارية والمديرين الإستراتيجيين في الأسواق المالية العالمية، وكثيراً ما اُتخذت قرارات الشراء والبيع بناء على تلك التقديرات والمعلومات.

ما هو مأمول، هو أن تصدر التشريعات المنظمة المتعلقة بما ذكرت، وأن تشمِل الشركات المساهمة نتائجها المالية المتحققة الإفصاح عن تقديرات إيراداتها وأرباحها عن الفصل المقبل، والكشف عن جميع النسب المئوية الدنيا من الملاك، وليس أكبر 20 مالكاً كما جاء في توصية مجلس الشورى أمس الأول، وهو ما سيعزز من سلامة البيئة الاستثمارية ووضوحها، وبالتالي يرفع من كفاءة السوق المالية في جوانب الشفافية والإفصاح، وبكل الصدق هو ما ينشده المستثمرون المحليون، وكذلك الاستثمار الأجنبي المؤهل، وما يرون أنه غير متوفر حالياً.

إن تبني رؤية شاملة لرفع مستويات الشفافية والإفصاح سيقود السوق المالية السعودية إلى تحقيق الأهداف المتوخاة لسوق مالية منتظمة ومستقرة، فنظام هيئة السوق المالية أتاح لها تشريع كل ما يرفع من كفاءة السوق المالية، فقد كفلت لها المادة الخامسة من نظامها تنظيم ومراقبة الإفصاح الكامل عن المعلومات المتعلقة بالأوراق المالية، وعليها أن تعمل ذاتياً على تحقيق ذلك، وأن لا تنتظر من مجلس الشورى أن يُوصِي عليها ما هو في صميم عملها.

نقلا عن الرياض