المضاربات على صرف الريال الآجل...الرهان الخاسر

22/02/2016 2
زياد محمد الغامدي

لا جديد تحت الشمس، إذا ارتفع النفط تخرج التكهنات بفك ارتباط الريال بالدولار لترتفع قيمته في أسواق العملات، كما تساق التبريرات التي تؤكد أننا نخسر من ربط الريال بالدولار، وتضرب الأمثلة «وكلها أمثلة خاطئة» على دول فكت ربط عملتها بالدولار أو ربطته بسلة عملات، ومن بعد ذلك عم النفع والرخاء أرجاء بلدانهم.

وإذا انخفض النفط، سارع المضاربون في أسواق العملات على الرهان على انخفاض قيمة الريال، وساقوا المبررات التي تؤكد حدوث ذلك، وكلها مبررات واهية لا تنطلي إلا على المضاربين والمقامرين ومن يدور في فلكهم.

الحقيقة أننا لم نرفع قيمة الريال حين ارتفع النفط كما ولن نخفض قيمته إذا نزل، ونزول البترول الحالي الذي تشهده الأسواق ليس أشده ولا أسوأه، أما الظروف المحيطة بالمنطقة فهذه حالها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

سوق العملات مفتوح للجميع، وهو كبير جدا ويعتبر أكبر سوق على الأرض، والتداولات فيه الأعلى.

وفيه من العقلاء الذين يستخدمونه لإدارة سيولتهم ومدفوعات وارداتهم وصادراتهم ومخاطرهم المالية، وفيه من المقامرين والمضاربين الذين لا شغل شاغل لهم سوى البيع والشراء بناء على الأماني والإشاعات والخرافات، والصنف الأخير ينتهي بهم المطاف دائما بالخسارة الفادحة، والتي تصل الى الإفلاس في كثير من الحالات.

انخفاض عملات الدول النفطية مقابل الدولار مثل إيران وروسيا وغيرها، جاء قبل انخفاض النفط الأخير، وكنتيجة للإخفاق السياسي والنقدي نتاج تبني سياسة رعناء على الصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي. ولو وصل النفط إلى مستوياته السابقة بل وأعلى فلن يغير ذلك من واقع أسعار صرف عملات هذه الدول مقابل عملات العالم.

السياسة النقدية في بلادنا، والواقع الائتماني والذي نعتبر فيه من أقل دول العالم اقتراضا، والاستقرار السياسي الذي ننعم به، والإنفاق الحصيف الذي يأخذ في الاعتبار التغيرات السعرية للنفط، والاحتياطات النقدية التي تم تكوينها في الأعوام الماضية، والحصة السوقية للنفط السعودي، والخبرة السعودية في التعامل مع الأزمات والظروف الصعبة، كل ذلك يؤكد أن لا سعر الريال مقابل الدولار سينخفض ولا ما هم يحزنون.

البعض يقول إن العقود الآجلة غالبا كمؤشر على معنويات السوق تجاه المنطقة، شخصيا وحين يتعلق الأمر بالريال السعودي، أرى أن المضاربات على العقود الآجلة ليست سوى أماني مضاربين يراهنون على فشلنا في إدارة بلادنا، وفي إدارة واقع المنطقة التي نعيش بها، رهانات مشبوهة على فشلنا في المستقبل، رهانات يقوم بها من فشل في رهانه سابقا، وما زال يعتقد أنه سيحقق مصلحة مستقبلية لا توجد إلا في مخيلته.

سعر صرف الريال بالدولار لا تحكمه أموال مضاربين، ولا معنويات مقامرين، بل تحكمه حنكة مالية واقتصادية وسياسية ثبتت على مر الأزمنة في أعقد منطقة على وجه الأرض.

انخفاض أسعار النفط قابله ترشيد وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق، كما قابلته إصلاحات هيكلية عميقة كفرض رسوم على الأراضي البيضاء، والرفع التدريجي لمعونات الكهرباء والوقود، وخطوات رقابية كثيرة تعمق من كفاءة الإنجاز وجودة المخرج.

إن واقع بلادنا الائتماني الذي يعتبر فيه نسبة الدين للناتج الحلي من الأقل في العالم، والاحتياطات النقدية التي تم بناؤها، وكفاءتنا في إدارة شؤوننا لن تؤدي بنا سوى إلى التقدم وعلى جميع المستويات.

لا يخضع الريال السعودي لأهواء مضاربين ومحليين مغرضين ومقامرين، الريال السعودي لا يخضع إلا للإرادة السعودية فقط، ومصير المقامرين الإفلاس.

نقلا عن اليوم