"اذا كنت محاصرا فأعمل عملا بسيطا بطريقة مجنونة بتفسيرات متعددة، حينها تفقد خصومك اتزانهم "
فى بطن النصيحة السابقة يكمن السر الرئيسى للأنخفاض الكبير فى اسعار النفط ، فالعنوان العريض الذى دسه الساسة فى تحليلات الاقتصاديين هو ( تخمة المعروض من النفط و تباطؤ الاقتصاد العالمى ) و هو مبرر احصائى مناسب للنتيجة الحالية لتدنى الاسعار.
لكن السؤال المعقد لماذا وصلنا الان لتلك النتيجة؟! و ليس كيف وصلنا ، فتحليل الماضى يحمل وجهات نظر محلليه اما تحليل الحاضر يخضع لسيطرة صانعيه.. و هنا يتضح الامر.
فالسعر العادل لبرميل النفط الخام هو 60 $ و السعر الحالى يدور حول 30$ و الفرق بينهما هو الثمن العالمى للرئيس الخامس و الاربعون القادم للولايات المتحده الامريكية.
ذلك الثمن قدره الحزب الديموقراطى الذى دفع بهيلارى كلينتون و بيرنى ساندرز لأجل الاحتفاظ بالرئاسه لصالح الديموقراطيين ضد الجمهوريين و على رأسهم الملياردير العقارى دونالد ترامب.
و بالارقام فإن المواطن الامريكى فى 2014 كان يدفع 4 دولار لكل 3.8 لتر بنزين يزود به سيارته و الان فى 2016 صار يدفع 1.3 دولار فقط ... اى فرق بــ 2.7 دولار هديه ديموقراطيه لكل ناخب امريكى.. و هناك هدايا و مزايا اكبر من زياده حركة التنقلات و السياحه الداخليه و انخفاض اسعار تذاكر الطيران و نمو الطلب على السيارات الى دعم العمل بالطاقه النظيفه و بالاساس تقوية الدولار الامريكى.
و إذا كانت تخمة المعروض النفطى هى السبب فإن نمو الطلب العالمى يأكلها فى الخمس سنوات الاخيره ، و إذا كان تباطؤ التنين الصينى السبب فأنه يتبطأ من 2011 و ليس من الان فقط و التاريخ يشهد بأن الطلبات النفطيه لأسيا هى من الاسباب الاقتصاديه التى دفعت الاسعار للمئة دولار للبرميل من قبل.
و كان لابد من تهيئة العالم لما يحدث فالاعلام العالمى لا يكف عن نغمة التخمه و التباطؤ و يتبارى المحللون فى سرد ارقاما مخيفه للنفط و التركيز على اخبار تخفيض الوظائف فى دول بعينها.
و على الضفة الاخرى يقر مجلس الشيوخ و مجلس النواب الامريكى قانونا بالانفاق على استخراج الزيت الصخرى و يرفع الحظر عن تصدير امريكا للنفط بعد 40 عاما من التوقف.
و لابد من ستار دخانى اخر و هو تصدير بيانات اعلاميه عن افلاس شركات نفطيه امريكيه و ارتفاع المخزونات الامريكيه بتقارير صادره من معهد البترول الامريكى ايضا.
و لا سبيل للتأكد من صحة ذلك الا من امريكا نفسها ! .... و تنصاع بالطبع كل المؤشرات الاقتصاديه العالميه للرغبه السياسيه الامريكيه فنسمع عن ازمات فى منطقة اليورو و عجز فى ميزانيات الدول الخليجيه لأول مره و يهتز العالم.
فهكذا عندما وجد الرئيس الديموقراطى باراك اوباما نفسه و حزبه محاصريين داخليا بالجمهوريين و خارجيا بحروب عالميه من اطراف ذات نديه من روسيا و الصين و ايران التى رفعوا عنها العقوبات لأستكمال السيناريو ، فقرر الديموقراطيين ان يعملوا عملا بسيطا و هو خفض اسعار النفط و لكن بطريقة مجنونه فيفقدوا كل الخصوم اتزانهم داخليا و خارجيا.
و بأقتراب اعلان اسم الرئيس الامريكى الجديد قبل نوفمبر 2016 تعود اسعار النفط قرب الخمسين دولار استعدادا لجوله سياسيه جديدة.
بجد تحفة ...... بجد الله ينور
اشكرك
الله ينور يا استاذ محمد وأن كنت أرى أن الحل يكمن فى رفع الدعم داخل الدول المنتجه عند انخفاض السعر عن سعر محدد مسبقا يطلق عليه سعر التعادل بحيث لا تتأثر موازنتها باى انخفاض أو ألاعيب سياسية واقتصادية محتملة وأن تحاول أن تصل إلى نسبة 70% من ناتجا القومى من قطاعات أخرى غير نفطية
النفط لعبه سياسيه يا استاذ حسام
تحليل جميل وسلس وعميق في ذات الوقت وكأنني اتعرف على الأزمة من جديد وبرؤية مختلفة , انت كاتب ومحلل رائع واتمنى ان تمتعنا دوما بتحليلاتك الاقتصادية
اشكرك يا استاذ وسام
الله ينور يا ابو دماغ الماظات
اشكرك
مقالة رائعة جداا واسلوب راقي ومميز وان شاء الله دايما في تقدم
راحت أيام ال 100 دولار للبرميل