كتب الزميل الدكتور محمد العباس في العدد ذي الرقم 8140 من صحيفة الاقتصادية الصادر بتاريخ 20/4/1437 ه مقالا عن استقلال مجل المنافسة، خلاصته أن "استقلال مجلس المنافسة التام عن وزارة التجارة سيمنح مصداقية عالية جدا عن توجه الاقتصاد السعودي نحو المنافسة وحماية الأسواق".
وحقيقة؛ هذه المسألة يكثر التطرق لها من الباحثين والزملاء، وقد بينت المادة الثامنة من نظام المنافسة السعودي الجانب الشكلي لمجلس المنافسة، فوضحت اسم المجلس ومقره ومن له الحق في تعيين المجلس وحله.
ومن المهم ذكر واقع الجهات المسؤولة عن المنافسة للاستفادة منها، ولكون القراء ينتمون لدول متعددة،فيهمهم الرأي النقدي لتنظيمات المنافسة في الدولة التي ينتمي لها.
بداية، تختلف أنظمة المنافسة في تسمية الجهة المختصة بمراقبة المنافسة، وقد اختار نظام المنافسة السعودي اسم "مجلس حماية المنافسة"( i)، وتم تعديله ليكون باسم: "مجلس المنافسة"( ii).
وبالمقارنة بالقوانين الأخرى، نلحظ أن قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري نص على أن اسم الجهة "جهاز حماية المنافسة" (iii )، وكذا قانون تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار اليمني ( iv)، وهي تسمية معيبة من جهتين:
الأولى: تسميته بجهاز، لا يعبر عن واقع عمله، فمن ناحية لغوية، يعتبر اللفظ غير مستعمل في اللغة العربية الفصيحة.
الثانية: تخصيصه بكونه جهاز حماية للمنافسة، لا يعبر عن الواقع، فعمله أشمل من ذلك، وحماية المنافسة جزء من عمله.
وأما في المادة الرابعة عشرة من قانون المنافسة الأردني والمادة السابعة من قانون المنافسة القطري فقد أطلق على الجهة التي يناط بها تطبيق قانون المنافسة لجنة شؤون المنافسة، في الأردن، ولجنة حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في قطر. ولا مشاحة في المصطلحات إذا علم المقصود.
وأما مقر المجلس فقد ورد في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من نظام المنافسة السعودي بأن مجلس المنافسة مقره وزارة التجارة والصناعة بالرياض، إلا أن ذلك قد عدل بأن المجلس يكون مقره مدينة الرياض وله إنشاء مكاتب في مناطق المملكة بحسب الحاجة، دون أن يسمى المقر بأنه داخل وزارة التجارة والصناعة (v).
وبالمقارنة بالقوانين الأخرى، نلحظ أن الدول الصغيرة لا حاجة لها إلى كثرة المقرات، وأما جمهورية مصر العربية فقد نصت المادة الحادية عشرة من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري على أن للمجلس مقر واحد في القاهرة، دون ذكر لتعدد المواقع أو إتاحة إمكانية فروع أخرى.
ومن أهم مسائل الاستقلال، مسألة من يملك حق تعيين أعضاء المجلس، فقد قرر المنظم أن مجلس المنافسة السعودي يتكون بأمر ملكي ( vi) وفي هذا تقوية لاستقلال المجلس وفي قرار مجلس الوزراء المعدل لفقرة أعضاء المجلس، ورد في آخرها أن الأعضاء يعينون بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح رئيس المجلس( vii).
وقد نحت قوانين أخرى إلى صلاحية تعيين المجلس من رئيس الدولة( viii).
وقد تم تأكيد استقلالية المجلس في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من نظام المنافسة السعودي. وأكد قرار مجلس الوزراء السعودي الصادر في جلسته المنعقدة يوم الاثنين 14/09/1434ه، أن للمجلس شخصية اعتبارية مستقلة من حيث الاستقلال الإداري والمالي.
وقد نهج المنظم السعودي منهجا مختلفا من جهة إعطاء مجلس المنافسة الاستقلال الإداري والمالي، وفي الوقت ذاته جعل رئيس المجلس وزير التجارة والصناعة.
وبالمقارنة مع القوانين الأخرى نجد أنه في المادة الحادية عشرة من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري نص على أن جهاز حماية المنافسة الشخصية الاعتبارية العامة، يتبع الوزير المختص، وفيه نقص في استقلاليته.
ونص القانون الجزائري على استقلال مجلس المنافسة ماليا وإدارياًّ ( ix).
وأما في القانون المغربي فيكاد ينعدم دور مجلس المنافسة في ظل طابعه الاستشاري واحتكار الوزير الأول لأهم إجراءات وقرارات المراقبة.
وأما قانون المنافسة الكويتي فقد نص على أنه يلحق بوزير التجارة والصناعة ( x).
وفي قانون المنافسة ومنع الاحتكار السوري نص على أن التعيين يكون بموجب قرار من رئيس مجلس الوزراء (xi).
وقد أكد مجلس الدولة الفرنسي بأن مجلس المنافسة سلطة إدارية لكونها تعمل باسم الدولة ولحسابها،ويؤكد ذلك طريقة تعيين أعضائها ( xii).
فيلحظ أنه بالمقارنة مع قوانين المنافسة في العديد من الدول، نجد أن ثمت اتجاهين في مسألة استقلال الجهة الخاصة بالمنافسة:
الاتجاه الأول: تحقيق الاستقلال التام، وهو نهج سلكته بعض الدول مثل كندا وأستراليا والبرازيل ومصر وتونس(xiii).
الاتجاه الثاني: ربط الجهة المختصة بالمنافسة بوزير التجارة، وقد سلكته بعض الدول مثل الأردن(xiv) وقطر(xv)واليمن( xvi).
وقد أكد بعض الباحثين ضرورة استقلال المجلس عن السلطة التنفيذية، لكون الحكومة قد تكون طرفا في النزاع المعروض على المجلس(xvii)، وقد ذهب بعض الباحثين أنه لا بد من توافر شرطين ليوصف جهاز بالاستقلال وهما:
1-أن يكون الجهاز مستقلا تماما عن السلطة التنفيذية.
2-أن يتمتع باختصاص اتخاذ القرارات دون تدخل(xviii).
وبكل حال، فالعبرة قوة الجهاز المختص بالمنافسة بحيث يقوم بمهامه باستقلال عن الضغوط، كما في القانون النموذجي (الأونكتاد) (xix).
وحيث إن النظام السعودي يستثني الشركات المملكات للحكومة، فمبرر الاستقلال عن مجلس الوزراء لا وجود له.
ولعلي أكتب عن آثار استقلال المجلس في مقال قادم، وآمل ممن لديه إضافة مراسلتي على الإيميل asd@drcounsel.com ، وأشكر الزميل الدكتور محمد العباس على طرق هذا الموضوع المهم.
(i) نظام المنافسة السعودي م8.
(ii) صدر التعديل بقرار مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة يوم الاثنين 14/09/1434هـ.
(iii) قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري م 11.
(iv) قانون تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار اليمني، م2.
( v) قرار مجلس الوزراء بشأن تعديل نظام المنافسة في جلسته المنعقدة يوم الاثنين 14/09/1434هـ.
( vi) نظام المنافسة السعودي م8-2.
( vii) قرار مجلس الوزراء بشأن تعديل نظام المنافسة في جلسته المنعقدة يوم الاثنين 14/09/1434هـ.
(viii) حماية المستهلك من الممارسات المنافية للمنافسة – للدكتور محمد الشريف كتو – مجلة الإدارة بجامعة مولود معمري –تيزي أوزو - ع 23 ص 67، عن المرسوم الرئاسي رقم 96-44 في 17 يونيو 1996م المحدد للنظام الداخلي لمجلس المنافسة الجزائري.
(ix) حماية المستهلك من الممارسات المنافية للمنافسة – للدكتور محمد الشريف كتو – مجلة الإدارة بجامعة مولود معمري –تيزي أوزو - ع 23 ص 67، عن المرسوم الرئاسي رقم 96-44 في 17 يونيو 1996م المحدد للنظام الداخلي لمجلس المنافسة الجزائري.
(x) قانون المنافسة الكويتي رقم (10) لسنة 2007 في شأن حماية المنافسة الصادر في 6 ربيع الآخر 1428هـ، م 10.
(xi) قانون المنافسة ومنع الاحتكار السوري م11.
( xii) سلطة مجلس المنافسة في ضبط السوق للدكتور سمير خمايلية . ص 24 عن: توزيع الاختصاص ما بين مجلس المنافسة وسلطات الضبط لشيخ أعمر يسمينة ص 42.
( xiii) أهم الملامح الرئيسية لأنظمة المنافسة ومكافحة الاحتكار في دول مختارة (نامية ومتقدمة)، للدكتور عبدالعزيز الزوم، صفحة 8، المنافسة التجارية للدكتور عبدالعزيز الناصر ص 401، قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري م 2.
( xiv) قانون المنافسة الأردني – م14.
( xv) قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية القطري – م 7.
(xvi ) قانون تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار والغش التجاري اليمني – م 10 -11.
( xvii) ينظر: حماية المنافسة ومنع الاحتكار بين النظرية والتطبيق، د. مغاوري شلبي، ص 347.
( xviii) انتفاء السلطة القضائية في الجزائية – بوبشير محمد أمقران ص 11، سلطة مجلس المنافسة في ضبط السوق للدكتور سمير خمايلية . ص 8.
(xix ) القانون النموذجي بشأن المنافسة الصادر من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد )، ص 63.
بالله هذا مقاال!!! وهل يعقل ان يعتد او ياخذ بتوجه دولة مثل اليمن او قطر ويقال هناك توجهان مقال سطحس ومجرد سرد لتجارب دول متخلفة وهذا الي ضيع البلد
لا أتفق معك، كلام مكتوب بعناية وبالرجوع إلى مصادر وفيه فكر ناضج.